من المخيم إلى المدينة.. العائدون إلى ميانمار يواجهون مصاعب التأقلم من جديد
بعد ستة أشهر على عودتها من تايلاند، تتأمل عائلة عائدة في الحياة التي تركتها وراءها وتتطلع إلى مستقبلها في ميانمار.
يانغون، ميانمار- عندما قرر ثانت زين مونغ العودة إلى الوطن في آخر أكتوبر، طلب من ولديه أن يلعبا من قلبهما.
يقول بحزن وهو يحزم أمتعته في مخيم نوبو للاجئين في تايلاند، حيث عاشت العائلة أكثر من 10 أعوام: "إلعبا قدر الإمكان، لأنه عندما نعود لن تتمكنا من اللعب كثيراً".
ولد إبناه خانت مين وخانت لين في مخيم نوبو. وهو المنزل الوحيد الذي عرفاه. وعلى الرغم من أنهما ناما في كوخ مهترئ من الخيزران واستحما في حوض مشترك في الخارج، إلا أنهما كانا يستطيعان التجول بحرية مع أطفال لاجئين آخرين ترعرعا معهم.
مع ذلك، كان يجب أن يفكر ثانت زين مونغ في المستقبل. قال وهو يشرح أن زوجته تا بي سو واجهت مشاكل في المشي بسبب مشكلة طبية غير مشخصة: "أردت العودة منذ وقت طويل من أجل مستقبل أطفالي وصحة زوجتي".
في أكتوبر 2016، اختارت العائلة الانضمام إلى أول حركة عودة طوعية إلى ميانمار. عاد ما مجموعه 71 لاجئاً من مخيمي نوبو وثام هين بدعم من الحكومتين والمفوضية وشركائها. وعاد غالبيتهم إلى ولاية كايين المجاورة لتايلاندا، في حين أن عدداً أقل عاد إلى مناطق أخرى كتانينثاري وباغو ومون ويانغون.
"أردت العودة منذ وقت طويل".
بعد ستة أشهر، تستقر عائلة ثانت زين مونغ في منزل شقيقته في العاصمة التجارية، يانغون. وعندما لا يذهبان إلى المدرسة في الحي، يقضي الفتيان وقتهما وهما يقفزان على الأثاث ويلعبان بالكرات الزجاجية في الشقة في الطابق الثالث.
يقول خانت مين، البالغ من العمر سبعة أعوام: "أشتاق إلى المخيم. وهناك لدي القليل من الأصدقاء ويقول والدي بأنه لا يمكنني اللعب في الخارج. ومن الممل اللعب في الداخل".
يعلم والدهما أنهما يصارعان للتأقلم مع زملائهما لأنهما يتحدثان بطريقة مختلفة وغير معتادين على الثقافة الشعبية المحلية والرسوم المتحركة والوجبات الخفيفة. "ونشرح لهم باستمرار أن الأمور ستكون على ما يرام وسيبنيان صداقات قريباً".
اندمج ثانت زين مونغ، البالغ من العمر 48 عاماً، بشكل جيد. وقد أنهى دورة لمدة شهرين بشأن توفير الرعاية للمسنين. وبنى صداقات مع الزملاء في الصف والمدربين والأشخاص، فضلاً عن الذين يراهم يومياً في القطار.
تخطط العائلة للعودة إلى شوي لين بان، وهو مشروع سكني بتكلفة منخفضة تقدمه الحكومة لمرة واحدة لأول مجموعة عائدة إلى يانغون.
لقد أُنفقت منح العودة وإعادة الإدماج التي يتلقوها من السلطات والمفوضية وشركائها لدفع القسط الأول من الشقة الممنوحة. ومع ذلك، إضطروا إلى اقتراض بعض المال من الأقارب وسيتوجب عليهم دفع أقساط شهرية بقيمة 80,000 كيات (حوالي 60 دولاراً) على مدى الـ10 أعوام القادمة.
اعترف ثانت زين مونغ، الذي تأثر بحثه عن عمل بتأخر حصوله على رخصة قيادة، قائلاً: "أشعر بالقليل من التوتر إزاء وضعنا الحالي. لكنني تعلمت مهارات عديدة في المخيم وأنا أثق بأنه يمكنني أن أجد عملاً ملائماً قريباً".
وبينما يبحث عن عمل آخر، يكمن هدفة في فتح مركز رعاية للمسنين في المشروع السكني في شوي لين بان.
وقالت زوجته بأن العائلات العائدة الأخرى تتأقلم أيضاً بعد مواجهة بعض المصاعب الأساسية. "بدأ أحدهم في بيع الأرز وتعمل ابنته في صالون تجميل. ويقوم رجل آخر بأعمال النجارة في شوي لين بان".
إن وضعها يتحسن حالياً. في الـ35 من العمر، تشعر بأنها تقف على قدميها بثبات أكثر مع العلاج وتحسّن الظروف المعيشية. وإعادة شملها مع والدتها المشلولة في يانغون حسّن مزاجها.
مع ذلك، فإن سكان المخيم لوقت طويل سيحتاجون إلى بعض الوقت ليعتادوا على المدينة. وقالت تا بي سو: "كنا كعائلة واحدة كبيرة في المخيم. وأنا أشتاق إلى المحيط اللطيف. فهناك الكثير من السيارات والأشخاص حالياً في يانغون. ولكننا لم نتعرف على جيراننا على الإطلاق، إذ أن بابهم مغلق دائماً".
على الرغم من التحديات التي تواجهها، تعتزم العائلة على التكيف مع الحياة المتغيرة في ميانمار.
وقال ثانت زين مونغ: "سأعمل في أربع أو خمس وظائف إذا لزم الأمر. وتكمن خطتي على مدى الأعوام الخمسة القادمة في أن أملك منزلاً وسيارة، وتوفير التعليم عالي الجودة للأطفال والعيش مع عائلتي بسعادة. وأعتقد بأن حياتي ستكون كاملة".
لا يزال هناك حوالي 102,000 لاجئ من ميانمار في تسعة مخيمات حدودية في تايلاند. ومنذ عودة أول مجموعة في العام الماضي، عبّر المزيد من اللاجئين عن رغبتهم في العودة الطوعية إلى الوطن. ويتابع الآخرون هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارهم الواعي بشأن المستقبل.