في شهر رمضان، النازحون من الغوطة الشرقية يتوقون للعودة إلى ديارهم
تواصل المفوضية في سوريا استجابتها الإنسانية لتوفير احتياجات حوالي 43,000 شخص من السكان النازحين من الغوطة الشرقية يقيمون في ثمانية مواقع مؤقتة في محافظة ريف دمشق، بما فيها توفير الحماية والمأوى ومواد الإغاثة الأساسية.
UNفي شهر رمضان، النازحون من الغوطة الشرقية يتوقون للعودة إلى ديارهم
© UNHCR
تحلق الأطفال حول النساء لدى دخولنا إحدى الغرف في مركز إيواء النشابية بريف دمشق، حيث تكدّست في أرجاء الغرفة بطانيات وفرشات، تُطوى في الصباح وتُبسط في المساء، وتجمعت في ركن آخر صناديق كرتونية مُلئت ببعض الحاجيات، بينما تدلت بعض البطانيات المعلقة على النافذة لدرء أشعة الشمس في منتصف النهار، وفي وسط الغرفة عُلقت ملابس الأطفال على حبل مشدود بين عضاضتن إسمنتيتين، بينما انكبت شابةٌ حسنة الوجه على حياكة بطانية أخبرتنا أنها تنوي أن تصنع منها حقيبة لحفظ أشيائها بعيداً عن متناول الأطفال، فهم يعبثون بكل ما تصل إليه أيديهم.
اعتلت وجه أحلام ابتسامة هادئة مرحبة بنا، وهي تحمل طفلتها حنين في يدها اليمنى، بينما تُلوح بيدها اليسرى لإبعاد الذباب والبراغيث عن وجه طفلتها حسناء ذات الأربعة أعوام. أحلام، 32 عاماً، أم لثلاثة فتيات وصبي وقد نزحت من بلدتها حزة في الغوطة الشرقية منذ حوالي شهرين، وهي تقيم في مركز إيواء النشابية منذ ذلك الحين. تتمنى أحلام أن تعود إلى منزلها في الغوطة الشرقية، وأن يحظى أطفالها بالاستقرار والأمان، على أنها بحاجة إلى الكثير من الأساسيات، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، وتقول: "نتمنى أن نحصل على بعض الخضار وااللحم والثلج في هذا الشهر الفضيل، فنحن نأكل الطعام االمعلب، ونحن بحاجة أيضاً إلى مواقد غاز لنتمكن من طهي بعض الطعام وصنع الشاي لنا ولأطفالنا".
بعيداً عن منازلهم يجد النازحون من الغوطة الشرقية المقيمون في مراكز إيواء مختلفة في محافظة ريف دمشق صعوبة في تأمين متطلباتهم في شهر رمضان المبارك، وهم يسعون جاهدين إلى الحفاظ على البعض من طقوس الصيام في ظل ظروف الفقر والعوز، وما يأملونه خلال شهر الصيام المبارك هو العودة إلى ديارهم وبناء حياتهم من جديد.
في مركز إيواء النشابية، بادر بعض السكان النازحين بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري وإحدى الجمعيات الخيرية بتقديم المساعدة في تحضير وجبات مطهوة من الطعام لتقديمها للنازحين المقيمين في المركز عند الإفطار خلال رمضان.
يقول رضوان كحالة، وهو نازح من مدينة عربين، بينما يقوم بتحريك الأرز والبازلاء واللحم في قدرٍ كبير: "نحن نتعاون مع بعضنا البعض لتحضير وجبات طعام الإفطار للنازحين في الموقع، وسنعمل على تحضير الوجبات المطبوخة يومياً".
أمضى سكان الغوطة الشرقية ظروفاً قاسية خلال السنوات السابقة، وعلى وجه الخصوص خلال شهر رمضان المبارك، يقول رضوان: "لقد ضاقت بنا الدنيا، وشهدنا أوقاتاً صعبة في أشهر رمضان خلال السنوات السابقة، ففي تلك الأوقات اشتد الغلاء في سائر الأشياء سيما الخضار والفواكه، ولم نكن نحصل إلا على القليل، فأطفالي حتى الموز لا يعرفون ما هو حتى الآن".
يعيش رضوان حالياً مع أخيه في مركز النشابية، وهو يتمنى أن يلتقي بأطفاله الثلاثة وزوجته، والذين كانوا قد فروا قبل عدة سنوات إلى مدينة صحنايا بريف دمشق، ويقول: "كل ما أتمناه في هذا الشهر الكريم هو أن ألتقي بأبنائي، وأن أضمهم إلى صدري، وأن يضموني هم إلى صدرهم أيضاً، فقد عاشوا ظروفاً قاسية، وأتمنى أن يعيشوا أياماً أفضل من تلك التي مضت".
يقطن في موقع النشابية المؤلف من ثلاثة أبنية حوالي 1998 شخص نازح، معظمهم من مناطق عربين ودوما وزملكا وحزة. ويجري حالياً التحضير لعودة من يريد العودة منهم طوعاً إلى مدينة عربين وبعض البلدات الأخرى. ويقع هذا الموقع في منطقة النشابية بريف دمشق، والتي شهدت قتالاً عنيفاً قبل وقت ليس بالبعيد تشهد له الطريق الواصلة إلى الموقع، والتي لم يتبقى فيها سوى بعض الأبنية المهدمة أو المحروقة، وجذوع الأشجار التي تمّ قطعها خلال السنوات السابقة على جانبي الطريق، ووفقاً لرئيس شعبة الهلال الأحمر في النشابية فإن السكان النازحين في الموقع وعدد قليل من السكان الذين عادوا إلى المنطقة يعانون من شُحّ مياه الشرب والمياه بشكل عام، وأنهم حتى لو حصلوا عليها فإنها غالباً ما تكون مياهاً ملوثة، ولذلك يعتمد النازحون في الموقع على المياه التي يتم نقلها عبر صهاريج المياه بدعم المنظمات الإنسانية.
تقول ملكة، وهي نازحة من بلدة بيت سوا في الغوطة الشرقية: "لم يقصّر متطوعوا الهلال الأحمر السوري في مد يد العون لنا منذ وصولنا إلى الموقع، ولكننا بحاجة إلى الكثير من الأساسيات كالخضار والفواكه، فمعظم الذين خرجوا من الغوطة يعانون من نقص التعذية، ولا يمكلون النقود حتى لشراء قطعة من البسكويت لأطفالهم، والأمهات المرضعات بتن عاجزات عن إرضاع أطفالهن بسبب نقص التغذية".
تواصل المفوضية في سوريا استجابتها الإنسانية لتوفير احتياجات حوالي 43,000 شخص من السكان النازحين من الغوطة الشرقية يقيمون في ثمانية مواقع مؤقتة في محافظة ريف دمشق، بما فيها توفير الحماية والمأوى ومواد الإغاثة الأساسية.
وقد أطلقت مفوضية اللاجئين بتاريخ 20 أيار/مايو، حملة عالمية بعنوان #الناس_للناس، وتستمر طيلة شهر رمضان المبارك. وسوف تتمكن الأسر في المنطقة والعالم من خلال هذه الحملة من ملامسة واقع الصعوبات اليومية والمساهمة في تخفيف العبء عن النازحين واللاجئين خلال الشهر الفضيل وما بعده.
تقول رانيا اللحام ، 32 عاماً ، وهي أم لثلاثة أطفال ووصلت إلى موقع النشابية بعد فرارها من مدينة حزة في الغوطة الشرقية منذ حوالي شهرين: "لم يكن لدي ما أقدمه لأبنائي الصائمين عند السحور لهذا اليوم".
الاحتياجات كبيرة وتتضافر الجهود حالياً لتوفير المستلزمات الأساسية الضرورية للسكان النازحين من الغوطة الشرقية من الغذاء والمأوى واللباس والمياه، وتقديم كل ما يلزم حتى لا يحرم هؤلاء الأطفال مرة أخرى لا من وجبة سحور ولا من وجبة فطور.