المفوض السامي غوتيريس والمبعوثة الخاصّة جولي بيت يتطرقان للأزمة السورية أمام مجلس الأمن

قال المفوض السامي للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس إنه يتعين على المجتمع الدولي بذل كلّ ما يمكن لتجنّب أي تدهور إضافي في الوضع في الشرق الأوسط قبل أن يصبح غير قابل للحلّ.

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس والمبعوثة الخاصة أنجلينا جولي بيت خلال كلمتهما أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن النزاع في سوريا.  © UN Photo/Mark Garten

نيويورك، الولايات المتحدة الأميركية، 24 أبريل/نيسان (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - دعا المفوض السامي للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس يوم الجمعة المجتمع الدولي إلى بذل كلّ ما يمكن لتجنّب أي تدهور إضافي في الوضع في الشرق الأوسط قبل أن يصبح غير قابل للحلّ.

وحذّر في خطابه الذي ألقاه في نيويورك أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قائلاً: "يعتبر الوضع في الشرق الأوسط بمثابة سرطان وهناك خطر بانتشاره وانتقاله. وإذا استمرّت الأوضاع على هذا النحو، ستصبح التطورات المستقبلية خارج نطاق تحكمنا وإرادتنا وسيكون لها عواقب عالمية تزداد خطورةً".

وقال المفوض السامي إنّ التأثيرات الإقليمية الجانبية للنزاع السوري تأخذ أبعاداً دراماتيكية: "ثمة أربعة عشر مليون شخص بين لاجئ ونازح في الوقت الحالي بسبب الأزمتَيْن المترابطتَيْن في سوريا والعراق. وتتزايد التهديدات الأمنية التي تواجهها الدول المجاروة. ونتيجةً لذلك، بدأنا نلاحظ تدهوراً مستمراً على صعيد حماية السوريين الذين يحاولون الفرار من النزاع".

وأضاف أنّ المفوضية لاحظت تزايد الإرهاق الذي تعاني منه البلدان المضيفة، وفرض سياسات أكثر صرامةً على اللاجئين في بعض المناطق. وتتزايد حدّة التوترات بين المجتمعات. وفي الوقت نفسه، عملت الوكالات الإنسانية على غرار المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي جاهدةً لتلبية هذه الاحتياجات. وكان العديد من اللاجئين المُستميتين للفرار يخاطرون بحياتهم في رحلات عبور البحر الأبيض المتوسط.

وأشار إلى أنه يتم اللجوء إلى آليات التكيّف الخطيرة بشكل متزايد وتضطر أسر كثيرة إلى إرسال أطفالها للعمل أو إلى تزويج بناتها المراهقات. وهناك أيضاً تقارير عن لاجئين يضطرون لممارسة الجنس من أجل البقاء لتغطية نفقاتهم.

وقال غوتيريس إنّه لا يُمكن إنهاء هذه المعاناة إلا بإيجاد حل سياسي، ولكنّه شدّد على أنّه طالما أنّ هذا الحلّ لا يزال بعيد المنال، يتعيّن على المجتمع الدولي القيام بكلّ ما في وسعه لمنع الأزمة من الخروج عن السيطرة. وأضاف: "أولاً، ينبغي تلبية بعض الأولويات الملحّة: توفير المزيد من المساعدات الإنسانية للاجئين والمجتمعات المضيفة الضعيفة، ووقف حوادث الموت المُروّعة في البحر الأبيض المتوسط".

"ثانياً، يجب زيادة الدعم المقدم للبلدان المجاورة بشكل كبير. ويعتبر التمويل الذي أُعلِن عنه في الكويت في الشهر الماضي لدعم خطة الاستجابة الإقليمية لدعم اللاجئين وتمكين المجتمعات المستضيفة لهم إشارة أمل مهمّة وينبغي الوفاء بهذه الأموال على وجه السرعة. لكن من الضروري أيضاً أن يقوم المجتمع الدولي بتقديم تمويل إنمائي لبرامج الاستثمار الهيكلية التي قدّمتها الحكومات المضيفة". ودعا المفوض السامي إلى إعادة النظر في سياسات التعاون الإنمائي لمساعدة المجتمعات المضيفة على التكيّف بصورة أفضل مع العبء الإضافي.

وثالثاً، قال المفوّض السامي: "علينا أن نعترف بطبيعة أزمة اللاجئين الطويلة الأمد ويبقى الهدف الأساسي للمفوضية هو العودة الطوعية إلى الوطن بأمان وكرامة وبما يتماشى مع ما يُفضّله غالبية اللاجئين. ولكن لا بدّ لنا من أن نعترف أنّه وبالنسبة إلى السوريين، لا يعتبر هذا الخيار في متناول اليد".

وقال: "في الوقت عينه، ستحتاج البلدان المجاورة إلى الحصول على مساعدات لإدارة التأثيرات الكبيرة التي يخلفها تدفّق اللاجئين على الأوضاع الاقتصادية والديموغرافية والمالية. ومن خلال تقديم المزيد من الدعم إلى كافّة أرجاء المنطقة، يمكننا أن نساهم في تغيير وضع اللاجئين الذين يعتمدون على الغير إلى وضع يسمح لهم بالاعتماد على أنفسهم على الصعيد الاقتصادي، مما يُتيح لهم أيضاً المساهمة في تنمية مجتمعاتهم المضيفة".

ولكنّ غوتيريس توقّع بأنّ الوضع سيزداد سوءاً خلال المرحلة المقبلة. وقال: "ثمة شيء واحد واضح فقط: لقد أصبح الوضع في المنطقة غير محمول على الإطلاق. وبعد أن أصبح العراق منغمساً بشكل كبير في النزاع السوري مع تعرض الموصل وتكريت للهجمات خلال العام الماضي، لا أعلم أين ستحدث الصدمة التالية الباعثة على الفوضى. كل ما أعرفه هو أنها ستحدث وأنّ الأمور قد تزداد سوءاً.

وفي الوقت عينه، قالت المبعوثة الخاصة للمفوضية أنجلينا جولي بيت، التي قامت بـ 11 زيارة للاجئين السوريين في العراق والأردن ولبنان وتركيا ومالطا منذ اندلاع الأزمة في آذار/مارس 2011، مجلس الأمن أنّ الأمم المتحدة خذلت الشعب السوري.

وقالت: "لذا ونيابةً عن اللاجئين السوريين أوجّه ثلاثة نداءات للمجتمع الدولي: الأوّل هو نداء من أجل الوحدة. فلقد حان الوقت أن يعمل مجلس الأمن كَيَد واحدة لإنهاء النزاع والتوصّل إلى تسوية تنص على مبدأي العدالة والمساءلة تجاه الشعب السوري".

وقالت جولي بيت: "ثانياً، أنا أكرّر ما قيل عن دعم الدول المجاورة لسوريا والتي تقدّم أيضاً مساهمةً استثنائيةً. وإذا لم نستطع إنهاء النزاع، لدينا واجب أخلاقي لامفرّ منه ألا وهو مساعدة اللاجئين وتوفير البدائل القانونية لهم للعثور على الأمان". وقالت المبعوثة الخاصة إنّ نداءها الثالث هو للمجتمع الدولي للاستجابة على نطاق أوسع لهمجية أولئك الذين يمارسون العنف الجنسي.

وقالت: "نحن نحتاج أيضاً إلى أن نبرهن أنّنا جادّون فيما يتعلّق بمساءلة مرتكبي هذه الجرائم لأنّ هذا الإجراء هو الأمل الوحيد لردعهم. وأنا أدعو الدول الأعضاء لكي تبدأ منذ الآن بالتحضيرات ليجري تمثيل النساء السوريات بشكل كامل في مفاوضات السلام المستقبلية بما يتوافق مع القرارات المتعدّدة الصادرة عن مجلس الأمن".