رسالة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي بمناسبة يوم اللاجئ العالمي 2022
يكمن الهدف من وراء الاحتفال بيوم اللاجئ العالمي في تسليط الضوء على ما يتمتع به الملايين من الأشخاص من روح معنوية وثبات وهم يسعون دون كلل لتحسين مستوى حياتهم وحياة أسرهم ومجتمعاتهم، على الرغم من نزوحهم عن ديارهم وتجردهم من ممتلكاتهم.
مع ذلك، فإنه يسترعي انتباهنا مرة أخرى هذا العام العمل المنتظر منا القيام به في وقت لا يزال فيه قادة العالم غير قادرين أو غير راغبين في حل النزاعات. لقد أعلنا في المفوضية مؤخراً عما يبدو أنه أمر يصعب تصوره، وهو بلوغ عدد المجبرين على الفرار من ديارهم 100 مليون شخص. وقد ساهم اندلاع الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن حالات الطوارئ الجديدة أو القائمة في أماكن أخرى مثل إثيوبيا وبوركينا فاسو وميانمار ونيجيريا وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في الوصول إلى هذا الرقم المذهل.
يستمر العجز في التوصل إلى الحلول في وقت يزيد فيه عدد الأشخاص المضطرين للفرار من ديارهم عن عدد أولئك الذين يتمكنون من العودة أو الحصول على فرصة إعادة التوطين في بلد ثالث أو الاندماج بشكل كامل في البلد الذي التمسوا فيه الأمان. وبعبارة أخرى، فإن النزوح القسري يفوق مستوى الحلول المتاحة أمام الأشخاص المهجرين.
لكن لا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو. يمكن للقادة العمل معاً لتحقيق السلام وإيجاد حلول لمعاناة النازحين من ديارهم من خلال توفير حلول دائمة وإنسانية.
كوت ديفوار، على سبيل المثال، والتي أحدثكم منها الآن للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي، خرجت من صراع عنيف أجبر مئات الآلاف على الفرار من البلاد. وقد عاد أكثر من 310,000 لاجئ إيفواري – أي أكثر من 96 بالمائة من مجمل المهجرين - طواعية إلى ديارهم في العقد الماضي. ومن خلال العمل معاً، أخذت دول المنطقة على عاتقها دمج أولئك الأشخاص الذين يختارون البقاء، وتنظيم إقامتهم في منازلهم ومجتمعاتهم الجديدة.
يوفر خيار العودة إلى الوطن، أو الاستقرار بشكل دائم في وطنهم الجديد، إحساساً جديداً بالأمان لأولئك الذين اضطروا يوماً ما لترك كل شيء وراءهم. عادت إيلودي من ليبيريا مع شقيقاتها إلى قريتهن بابلي فايا في عام 2020. وبمساعدة مالية من المفوضية، تمكّنّ من افتتاح صالون للتجميل أطلقن عليه اسم سيهاتزي. وأوضحت أن اسم الصالون يعني "ولى زمن المعاناة"، في إشارة إلى نهاية عهد اللجوء وإعادة بناء حياتهن في الوطن.
توضح قصة إيلودي - وقصص مئات الآلاف من غيرها - الحلول التي يمكن توفيرها للاجئين وغيرهم من النازحين قسراً عندما يتحقق السلام وتعمل البلدان معاً. إن هذا المثال مع الأسف نادر الحدوث.
لهذا السبب، فإنني أناشد اليوم الدول في يوم اللاجئ العالمي للاقتداء بدول مثل كوت ديفوار والتي تدرك أن وقف الحرب والصراع هو العلاج الأنجع - والوحيد – للنزوح القسري. أمام العالم خيارين: إما أن يجتمع لتغيير منحى الاضطهاد والعنف والحروب، أو أن يقبل صورة النزوح القسري المستمر التي يتسم بها القرن الحادي والعشرين. نعلم جميعاً ما هو الخيار الصحيح - والذكي - الذي يجب العمل به.