المفوضية تستخدم طائرات بدون طيّار لمساعدة السكان النازحين في إفريقيا
تساعد الطائرات المسيّرة عن بعد في تقييم احتياجات الأشخاص الفارين من الصراعات والاضطهاد في مالي ونيجيريا وجنوب السودان.
نيامي، النيجر – بالنسبة للكثيرين، فإن الطائرات بدون طيار تعيد إلى الأذهان صور الطائرات المسيرة عن بعد المزودة بالصواريخ التي تُستخدم لأغراض عسكرية. لكن في المناطق المتضررة من الصراع في إفريقيا، تستخدم منظمات الإغاثة الإنسانية كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الابتكارات التكنولوجية لتخطيط استجابات الإغاثة وإنقاذ الحياة.
ويتم استخدام الطائرات بدون طيار بشكل كبير في البلدان كالنيجر وبوركينا فاسو وأوغندا للمساعدة في تحديد السكان النازحين بأعداد ضخمة وتقييم احتياجاتهم ومعرفة أفضل طريقة لحصولهم على المساعدة. وتُستخدم أيضاً لتقييم الضرر البيئي الناجم عن النزوح.
يقول أندرو هاربر، رئيس وحدة الابتكار التابعة للمفوضية، مشيراً إلى أن الاستخدام المحتمل للطائرات بدون طيار "كبير": "هناك العديد من الاستخدامات السلمية لهذه التكنولوجيا، سواء في حقوق الإنسان أو تقديم الإغاثة أو تحديد المخيمات".
وقد كانت التكنولوجيا مفيدةً في وقت هُجرت فيه أعداد قياسية من الأشخاص من منازلهم جراء الحروب والاضطهاد، وغادر أكثر من ثلاثة ملايين شخص منهم منازلهم جراء الصراعات في جنوب السودان والنيجر ومالي ما تسبب في انتشار النزوح ضمن وعبر الحدود الوطنية.
" هناك العديد من الاستخدامات السلمية لهذه التكنولوجيا"
في منطقة ديفا شرق النيجر، أصبحت الحاجة إلى تعزيز إدارة المعلومات ملحة كثيراً منذ اعتداءات بوكو حرام في يونيو الأخير التي أجبرت عشرات آلاف الأشخاص على الفرار من منازلهم أو مخيمات اللاجئين.
وحتى أواخر أكتوبر، كان أكثر من 250,000 رجل وامرأة وطفل قد نزحوا منذ عام 2015، وسعى الكثيرون منهم إلى السكن في ما يصل إلى 100 موقع غير رسمي منتشر على جانبي الطريق الرئيسي الممتد من الغرب إلى الشرق من العاصمة نيامي، مع حوالي 20,000 شخص في مخيمين.
وشملت المجموعة المختلطة من الأشخاص اليائسين نازحين داخلياً، فضلاً عن عائدين إلى النيجر ولاجئين نيجيريين. فالسكان المعرضون لغارات بوكو حرام في تنقل دائم، ما يجعل من الصعب تعقبهم وتحديدهم بما أنهم يتنقلون بحثاً عن الأمان والمساعدة.
ولفهم ديناميكيات تحركات السكان، توجهت المفوضية إلى صانع طيارات مسيرة من نيجيريا يُدعى عزيز كونتشي وقد صنع طائرة مسيرة بسيطة لكن فعالة تبدو كطائرة نموذجية. التقطت الطائرة من طراز T-800 M، التي حصلت على ترخيص من الحكومة للعمل فوق منطقة خط الجبهة، فيديو وصوراً ثابتة لتحويلها إلى خرائط دقيقة للمخيمات الجديدة، ستكون أساسية في دعم الاستجابة الإنسانية عبر منطقة بحجم بلجيكا.
وقال بينوا مورينو، مسؤول العلاقات الخارجية في المفوضية: "من خلال استخدام الصور الملتقطة بواسطة الطائرات المسيرة، نريد أن نوفر مستوى جديداً من التخطيط لتعزيز تحاليلنا للسياق". فالصور مكنت المفوضية وشركاءها من تصور الوضع في المخيمات وتحديد وتلبية الاحتياجات للعديد من الخدمات، بما في ذلك أنظمة المياه والمراحيض ومرافق التعليم والرعاية الصحية. كما أنها ساعدت أيضاً في تسجيل النازحين.
تم استخدام الطائرة الصغيرة لتوفير منظر عام عن المخيمين في المنطقة، مخيم سايام فوراج للاجئين ومخيم كابيلاوى للنازحين، وقد كشفت عن الضرر البيئي الكبير الذي يسببه الأشخاص الذين يقطعون الحطب في أرجاء المواقع غير المخططة في المنطقة حيث ثلثي مساحة الأراضي متضررة جراء التصحر. ومن المتوقع أن تقوم الطائرة المسيرة برحلتها التالية في أوائل العام المقبل.
وفي بوركينا فاسو المجاورة حيث بقي أكثر من 32,000 لاجئ مالي أربعة أعوام بعد الفرار من الصراع في بلدهم، تستخدم المفوضية طائرة مسيرة أكثر تطوراً لمراقبة احتياجات اللاجئين. ويعيش الكثيرون في منطقة الساحل القاحلة، ويخشون من العودة إلى مالي على الرغم من توقيع اتفاقية سلام في العام الماضي.
وفي مخيم غودوبو الواسع، الذي يستقبل حوالي 9,640 لاجئاً بالقرب من مدينة دوري، قادت المفوضية مؤخراً طائرة مسيرة بأربع مراوح فوق المخيم الواسع الذي يبلغ طوله 12 كيلومتراً وعرضه 5 كيلومترات. وعلى عكس الطائرة المسيرة فوق ديفا، استخدمت هذه الطائرة كاميرا لتصوير المآوي والمدارس الابتدائية والسوق والمركز الصحي والطريق إلى دوري.
في هذه البيئة الصعبة والجميلة والواسعة، فإن استخدام الطائرة المسيرة وفر معلومات مصورة قيّمة عن كيفية توفير المساعدة وضمان حياة يومية مستدامة في المنطقة حيث الموارد الطبيعية والبنية التحتية شحيحة.
"نريد توفير مستوى جديد من التخطيط لتعزيز تحاليلنا".
وصرح ألفا عمر، رئيس المكتب الميداني للمفوضية في دوري، قائلاً: "إن المناظر من الجو وتحديد المخيمات قد يساعد في تحسين قدرتنا على الاستجابة للاحتياجات على المدى القصير والطويل. وعلى سبيل المثال، يمكننا تتبع تطور مواقع المآوي والتحركات داخل المخيمات، ولكن أيضاً توثيق تطور السياق البيئي والموارد الطبيعية المتوفرة في المخيمات وحولها. وسيساعد ذلك أيضاً في الحد بشكل أفضل والتخفيف من مخاطر الكوارث الطبيعية".
وفي الوقت نفسه في أوغندا التي تستقبل أكثر من نصف مليون لاجئ وطالب لجوء من جنوب السودان، تأمل المفوضية استخدام التكنولوجيا لمشاهدة نمو وتطور مخيمات اللاجئين. وسيركز المشروع على مخيم بيديبيدي الذي تم افتتاحه في أغسطس وهو يستقبل حالياً أكثر من 200,000 شخص فروا من تجدد القتال الذي اندلع في جوبا في يوليو.
ويكمن جزء من الاستراتيجية الهادفة إلى استخدام الطائرات المسيرة بشكل أكثر انتظاماً، في استخدام الآلات لإظهار المخيم في مختلف مراحله؛ أي منذ أغسطس، حين كان مخيماً صغيراً وحتى اليوم وقد أصبح من أكبر المناطق التي تستقبل اللاجئين في العالم.
بالنسبة إلى المفوضية، يرجح أن تكون المشاريع الراهنة البداية فقط. ويقول هاربر: "علينا الاعتراف بالفرص التكنولوجية للوقت الراهن، والأهم من ذلك للمستقبل. وهذا مثال واحد عن التكنولوجيا الفعالة التي علينا استخدامها للتنظيم. وإذا استطعنا استغلال إمكانات هذه التدخلات، فنحن بذلك لن نقوم بعملنا فقط بطريقة أكثر كفاءة ولكن سنؤثر بشكل كبير على الأشخاص الذين تعنى بهم المفوضية".