من التفكير بالانتحار إلى العمل في مجال الصحة النفسية: قصة ربّاع في الفريق الأولمبي للاجئين

"رسالتي للاجئين الآخرين هي الثقة والتفاؤل. قد يكون اليوم صعباً ولكن المستقبل قد يكون أكثر إشراقاً".

الربّاع في الفريق الأولمبي للاجئين سيريل تشاتشيت يتدرب في صالة الألعاب الرياضية بجامعة ميدلسكس في لندن، المملكة المتحدة، في مايو 2019.  © UNHCR/Béla Szandelszky

من محاربة الاكتئاب والتشرد إلى المساعدة في حمل العلم الأولمبي في استاد طوكيو لحضور حفل الافتتاح، يتمتع الربّاع واللاجئ سيريل تشاتشيت بقصة تبعث على الإلهام ويأمل في أن تشجع أكثر من 82 مليون لاجئ ونازح حول العالم.


وقال في تغريدة عن اللحظات التي أمضاها في دائرة الضوء العالمية الأسبوع الماضي خلال افتتاح دورة الألعاب الأولمبية: "اعتقدت أن ذلك كان حلماً!"، مضيفاً أنه فخور بتمثيل اللاجئين وكذلك العاملين في المجال الصحي، نظراً لأنه الآن ممرض في ميدان الصحة النفسية في المملكة المتحدة.

تشاتشيت، البالغ من العمر 25 عاماً، هو من بين 29 عضواً في الفريق الأولمبي للاجئين في طوكيو. وتكشف رحلته المذهلة النقاب ليس عن قوة الرياضة في تغيير حياة الأشخاص الذين فروا من أوطانهم فحسب، بل أيضاً عن المساهمات القيمة التي يمكنهم تقديمها لمجتمعاتهم الجديدة عندما تتاح لهم الفرصة.

في عام 2014، وبعد التنافس في دورة ألعاب الكومنويلث في غلاسكو، غادر القرية الرياضية، معتقداً أنه ليس من الآمن بالنسبة له العودة إلى وطنه. ودون أي خطط واضحة، انتهى به الأمر في مدينة برايتون الساحلية الجنوبية، حيث أمضى حوالي شهرين في الشوارع. كان الطقس بارداً، وكان يصارع من أجل العثور على الطعام، لتنهار معنوياته.

"لقد فكرت بالفعل في الانتحار"

وقال في مقابلة مع محطة يوروسبورت: "كان عمري 19 عاماً في مدينة جديدة، حيث كنت بلا مأوى، ولم تكن والدتي أو والدي معي ليهتما بي، لذلك شعرت حقاً بالضعف والاكتئاب في برايتون وقد فكرت بالفعل في الانتحار".

وبعدما رأى رقم الخط الساخن لمؤسسة "ساماريتانز" الخيرية، اتصل بهم تشاتشيت، ليتصل أحد متطوعي الجمعية بسيارة شرطة لاصطحابه. وفي مركز الشرطة، شرح لهم وضعه لتبدأ عملية طلب اللجوء.

قصة ربّاع في الفريق الأولمبي للاجئين

في برمنغهام، انتظر تشاتشيت بفارغ الصبر الموافقة على طلب اللجوء الذي تقدم به، وصارع الاكتئاب خلال ذلك الوقت أيضاً. لكن رفع الأثقال وفر له منفذاً معنوياً حيوياً ومصدراً للتحفيز، وبدأ في دخول المسابقات الإقليمية البريطانية.

بعد حصوله على صفة اللجوء، حقق أرقاماً قياسية وفاز بألقاب رفع الأثقال في الجامعات والكليات البريطانية والإنكليزية والبريطانية في الأعوام 2017 و 2018 و 2019.

ورغبة منه في رد الجميل للمجتمع الذي استضافه وبفضل الإلهمام الذي استمده من الأطباء والممرضات الذين دعموه في أحلك أوقاته، قرر تشاتشيت دراسة التمريض وتخرج بدرجة أولى في مجال تمريض الصحة النفسية من جامعة ميدلسكس.

كان يتدرب بانتظام في صالة الألعاب الرياضية التابعة للجامعة أربع أو خمس مرات في الأسبوع، لكنه كان قادراً على موازنة ذلك بشكل فعال مع دراسته، كما قال أحد أساتذته، لورانس دادزي، وهو كبير محاضري الصحة النفسية في الجامعة.

  • سيريل في جناح التدريب بجامعة ميدلسكس أثناء دراسته للحصول على شهادة في التمريض في مجال الصحة النفسية، مايو 2019
    سيريل في جناح التدريب بجامعة ميدلسكس أثناء دراسته للحصول على شهادة في التمريض في مجال الصحة النفسية، مايو 2019  © UNHCR/Béla Szandelszky
  • سييريل يأخذ بعض الوقت خلال جلسة تدريبية في صالة الألعاب الرياضية بالجامعة حيث كان يتدرب من أربع إلى خمس مرات في الأسبوع خلال فترة دراسته
    سييريل يأخذ بعض الوقت خلال جلسة تدريبية في صالة الألعاب الرياضية بالجامعة حيث كان يتدرب من أربع إلى خمس مرات في الأسبوع خلال فترة دراسته  © UNHCR/Béla Szandelszky
  • فاز سيريل بألقاب في رفع الأثقال على مستوى الجامعات والكليات البريطانية والإنكليزية كطالب، قبل أن يتم اختياره للانضمال إلى الفريق الأولمبي للاجئين في طوكيو
    فاز سيريل بألقاب في رفع الأثقال على مستوى الجامعات والكليات البريطانية والإنكليزية كطالب، قبل أن يتم اختياره للانضمال إلى الفريق الأولمبي للاجئين في طوكيو  © UNHCR/Béla Szandelszky

وقال تشاتشيت في تغريدة في يناير: "أنا ممرض في النهار وربّاع  في المساء. درست التمريض لأرد الجميل للمجتمع الذي دعمني. لن يمنحك الأمل الشجاعة للصمود فحسب، بل إنه سيعزز صحتك النفسية".

وقال المحاضر دادزي إن تشاتشيت كان طالباً مركزاً ومصمماً، وكذلك مستمعاً جيداً - وهي ميزة أساسية لممرضي الصحة النفسية.

وقال معلمه إن وضع تشاتشيت كلاجئ وصراعاته مع الاكتئاب منحه تعاطفاً مع المرضى: "إنه قادر على فهم الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة، وهو قادر على فهمهم بشكل أفضل. ويشعر أيضاً أنه يمكنه رد الجميل".

وقال دادزي إن تشاتشيت لم ينشر إنجازاته الرياضية الكبيرة. وكانت الجامعة تضع ملصقات له حول الحرم الجامعي للاحتفال بفوزه، ولكن "ما لم تشاهد الصور، فلن تعرف ذلك"، على حد قوله. "لن يتحدث كثيراً عن ذلك".

بدأ تشاتشيت رفع الأثقال عندما كان صغيراً بعد رؤية صورة لوالد ابن عمه وهو يرفع الأثقال، ويقول إنها أكثر من مجرد رياضة بالنسبة له.

"رسالتي للاجئين الآخرين هي أن يثقوا بأنفسهم"

وقال في مقابلة مع قناة سكاي سبورتس: "في رفع الأثقال، تلتقي بأناس وتكون علاقات اجتماعية. إنها رياضة تسبب الإدمان لكنها ممتعة، فمن السهل قياس تقدمك وإنجازاتك. في كل يوم تذهب فيه إلى صالة الألعاب الرياضية وتتعلم شيئاً ما، سواء كانت تقنية أو تحسناً برفع كيلوغرامين. هناك دائماً مجال للتطور وتحسين حالتك النفسية وشعورك بتحقيق إنجاز ما".

وفي طوكيو، سينافس تشاتشيت، الذي يتحدث الفرنسية والإنكليزية ويعترف بأنه يحب الحلويات، يوم السبت في وزن 96 كجم. ويهدف لرفع 190 كغم في الخطف و 230 كغم في النتر. شعاره في الحياة هو "خطط واعمل بجد لتحقيق أهدافك".

يقول تشاتشيت إن الفريق الأولمبي للاجئين هو "... فريق الأمل": "رسالتي للاجئين الآخرين هي الثقة والتفاؤل. قد يكون اليوم صعباً ولكن المستقبل قد يكون أكثر إشراقاً".