محامٍ متخصص في شؤون حقوق الإنسان يكرّس نفسه لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء
اختارت المفوضية نيكولا كوفاسيفتش ليكون الفائز الإقليمي بجائزة نانسن للاجئ لعام 2021 عن قارة أوروبا، وذلك نظراً لتفانيه في تقديم المساعدة القانونية للاجئين وطالبي اللجوء في صربيا.
مثل المحامي المتخصص في مجال حقوق الإنسان نيكولا كوفاسيفتش نحو 30% من مجموع طالبي اللجوء الذي منحوا الحماية الدولية في صربيا
© UNHCR/Vladimir Zivojinovic
لا يبدأ نيكولا كوفاسيفتش يومه كمحامٍ بارتداء بدلةٍ رسمية كما هو معتاد، بل يرتدي قميصاً بسيطاً وحذاءاً رياضياً، فهو دوماً على أهبة الاستعداد لركوب سيارته والانطلاق لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء على مدار الساعة.
لقد كرّس هذا الشاب ذو الـ32 عاماً من العمر حياته لمساعدة طالبي اللجوء واللاجئين، وهو يقدم لهم الاستشارات القانونية، فضلاً عن مساعدتهم في تقديم طلبات اللجوء والحصول على مأوى لهم أو فرصة للعمل أو الوصول إلى سبل التعليم والعلاج، وذلك أملاً في أن يجدوا الفرص، ويبنوا لأنفسهم حياةً جديدة في صربيا.
وقد رافع كوفاسيفتش – الذي يعمل في مجال حماية اللاجئين منذ عام 2012 – عن نحو 30% من طالبي اللجوء الذين حصلوا على الحماية في صربيا، وهو يستمر في متابعة أحوال من يساعدهم حتى بعد البتِّ في قضاياهم، ويعاملهم كأصدقاء يتناول معهم الطعام ويتعرف على ثقافاتهم.
ولقاء تفانيه الاستثنائي ومساهماته الملموسة في تحسين أنظمة اللجوء في صربيا، فقد اختارته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليكون الفائز الإقليمي بجائزة نانسن للاجئ لعام 2021 عن قارة أوروبا، وهي جائزة سنوية مرموقة تكرّم أولئك الذين يبذلون جهوداً تفوق حدود نداء الواجب في دعم اللاجئين والنازحين قسراً وعديمي الجنسية. ويعتبر كوفاسيفتش أول الفائزين بالجائزة من صربيا.
وقالت ممثلة المفوضية في صربيا، فرانشيسكا بونيلي: "ساهم العمل الذي يقوم به نيكولا في تحسين إجراءات اللجوء في صربيا، بما في ذلك زيادة عدد اللاجئين الذين يحصلون على الحماية الدولية في البلاد. كما يبين تفانيه تجاه قضية اللاجئين هناك أهمية انخراط ومساهمة الجميع في حماية الأشخاص الذين يضطرون للفرار من منازلهم، ويشكل مصدراً لإلهام الأشخاص المستعدين لتكريس جهودهم دعماً للاجئين – وبخاصةٍ جيل الشباب".
"ما نشهده اليوم هو أفول سيادة القانون في المناطق الحدودية".
بالنسبة للاجئين، تعتبر إمكانية الوصول إلى أراضي البلدان شرطاً مسبقاً للتقدم بطلبات اللجوء. وعلى الرغم من أن الدول تتمتع بالحق في إدارة حدودها، إلا أن قانون اللجوء الدولي ينص على وجوب ضمان تمكن اللاجئين من الوصول إلى سبل الحماية، وذلك أمرٌ لا يتم تطبيقه دوماً، فالعديد ممن يمثلهم كوفاسيفتش كانوا قد تعرضوا للعنف خلال رحلاتهم سعياً للوصول إلى مكان آمن، وقد واجه البعض منهم حالات صد من قبل السلطات عند محاولتهم عبور الحدود.
ويقول كوفاسيفتش: "ما نشهده اليوم هو بداية الطريق نحو سيادة القانون في المناطق الحدودية.. وإن خسرنا المعركة عند الحدود، سنخسر المعركة للحفاظ على النظام بأكمله".
تأثر الكثيرون من طالبي اللجوء الذين ساعدهم كوفاسيفتش بشكل كبير بتجربة الصد بشكل عنيف عند الحدود.
وقد التقى كوفاسيفتش مؤخراً بعباس، وهو طالب لجوء أفغاني تعرض لإصاباتٍ خطيرة في أضلعه وعموده الفقري عندما تم صده، وقد وفر له المحامي الشاب المساعدة القانونية، وقدم له العون في الخضوع لفحصٍ طبي، وهو مستمر بالعمل معه لمساعدته في الوصول إلى نظام اللجوء حتى يجد في صربيا وطناً جديداً له.
وقال كوفاسيفتش: "لسوء الحظ فإنه مجرد يومٍ اعتيادي في عملنا، فنحن نرى مثل هذه الحالات بشكلٍ يومي. من المهم جداً أن نستمر بما نفعله لأننا نحتاج لإيجاد طريقة لوضع حدٍ لذلك".
"كنت تائهاً بشكلٍ كامل وكأن أحداً لا يمكنه سماعي".
يستذكر بلال – وهو طالب لجوء من سوريا – لقاءه بكوفاسيفتش في فترةٍ حالكة من حياته في عام 2016 حيث كان مشرداً حينها: "كنت تائهاً بشكلٍ كامل وكأن أحداً لا يمكنه سماعي". ويتابع قائلاً: "ثم ظهر أمامي ذلك الضوء في نهاية النفق، من خلال مساعدة نيكولا".
قدم له المحامي الشاب الاستشارة القانونية مجاناً وساعده في إيجاد مكانٍ للسكن في صربيا، وتكفل به أمام المؤجر. كما قام بإحالته إلى المفوضية وإلى معالجٍ نفسي لمتابعة حالته، ومكنه من مساعدة الآخرين أيضاً من خلال استخدام قضيته كسابقةٍ استراتيجية في عملية التقاضي.
وقال كوفاسيفتش متحدثاً عن بلال: "إنه من أشجع الأشخاص الذين أعرفهم.. فمن خلال السماح لنا بتولي الإجراءات القضائية لقضيته، ساهم بشكلٍ كبير في حماية أعدادٍ لا تحصى من الأشخاص الآخرين".
وإلى جانب عمله مع طالبي اللجوء، ينشئ كوفاسيفتش مجتمعاً للمحامين الشباب المهتمين بحقوق الإنسان من خلال دوره كمساعد أستاذ في جامعة يونيون في بلغراد.
وتوضح جانا – وهي من طالباته السابقات – كيف ألهمها كوفاسيفتش للدخول في مجال حقوق الإنسان: "رؤية شخصٍ لديه اعتقاد راسخ بصواب ما يفعله (مثل نيكولا)، ألهمني وجعلني أصبوا للقيام بالمثل".
بالنسبة لكوفاسيفتش، فإن تفاعله مع اللاجئين وطالبي اللجوء هو ما يحفزه على الاستمرار بالعمل، حيث يقول: "عندما تتحدث مع شخصٍ في حالةٍ يائسة، وتخبرهم عن نفسك وعما تفعله.. تراهم يشعرون بالراحة ويقدرون وجود شخصٍ يرغب بالتكلم معهم".
وأضاف: "تلمس الإنسانية ومعاملة كل إنسان باحترام هو في صلب عملنا".
تم تغيير أسماء اللاجئين وطالبي اللجوء في هذه المقالة لأسبابٍ تتعلق بالحماية.