المفوضية تقدم المساعدات الإنسانية للتخفيف من محنة النازحين الجدد في شمال شرق سوريا
منذ اندلاع الأعمال القتالية في التاسع من شهر اكتوبر الحالي، اضطر أكثر من 139,000 شخص للنزوح من منازلهم.
امرأة من النازحين الجدد الواصلين إلى المآوي الجماعية في محافظة الحسكة تغسل الصحون باستخدام مياه الخزان الذي وضعته المفوضية في مركز الإيواء.
© UNHCR Syria
تدمع عينا ذكية بينما تنظر إليها طفلتها الصغيرة وهي لم تعِ، لا هي ولا إخوتها الأكبر منها سناً، ما الذي حلّ بهم. فبعد أن طال القصف منزلهم في مدينة رأس العين، خرجت ذكية مع أطفالها الأربعة على عجل لاهثة لتجمع أفراد أسرتها وتلوذ بالفرار مع بقية الأهالي.
وصلت ذكية إلى أحد المآوي الجماعية في محافظة الحسكة إلا أنها تاهت عن أحد أبنائها وثلاثة من أشقائها خلال رحلة فرارهم. تقول بحسرة: "أين هي تلك البيوت التي كانت تجمعنا؟ إلى أين نذهب بعد أن فقدنا منازلنا وأحبتنا؟ منازلنا دُمرت واحترقت".
مع احتدام الصراع في شمال شرق سوريا خلال الأسبوعين المنصرمين، اتخذ الآلاف من الرجال والنساء والأطفال قرارات مصيرية لإنقاذ أرواحهم، البعض منهم سعى للعثور على مأوى في مكان قريب داخل البلاد، بينما اضطر آلاف آخرون إلى البحث عن مكان خارج حدود البلاد يقيهم ويلات العنف والقتال.
منذ اندلاع الأعمال القتالية في التاسع من شهر اكتوبر الحالي، اضطر أكثر من 139,000 شخص للنزوح من منازلهم، معظمهم من النساء والأطفال، عديدون منهم اضطروا للنزوح لأكثر من مرة ومن مكان إلى آخر، فيما عبر أكثر من 7,100 شخص حدود البلاد بحثاً عن الأمان في شمال العراق.
"الأطفال بحاجة ماسة إلى الملابس الشتوية"
حتى قبل اندلاع المواجهات الأخيرة، كان هناك 92,000 من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين ممن يقطنون في ثمانية مخيمات في مناطق شمال سوريا، وهم بالأساس يعانون من جملة من الصعوبات ونزحوا مرات عدة. ومع نشوب المواجهات الأخيرة، تمّ إغلاق مخيمي عين عيسى ومبروكة، واضطر القاطنون في هذين المخيمين للانتقال إلى المخيمات الستة الأخرى، مما زاد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في هذه المخيمات.
مع بدء تدفق النازحين الفارّين من العنف، حشدت المفوضية فرق الإيواء والإغاثة والدعم القانوني والحماية للوقوف على الاحتياجات وتقديم المساعدات إلى من هم أكثر ضعفاً. ورغم المخاطر وسوء الأوضاع الأمنية في أغلب المناطق، لم تتوقف فرق المفوضية عن عملها منذ الساعات الأولى وتابعت جولاتها في المخيمات وفي المآوي الجماعية وفي الأحياء للاستماع للسكان ومعرفة ما يحتاجون إليه وتقديم الدعم المعنوي والدعم النفسي لهم بهدف التخفيف من محنتهم وتأمين الضروريات لهم من مواد الإغاثة والملابس وأدوات النظافة.
ويزداد الوضع صعوبة مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يقول أحمد شمو، من فريق المفوضية: "تتساقط الأمطار اليوم في المنطقة والأطفال بحاجة ماسة إلى الملابس الشتوية".
بعد ستة عشر يوماً من العمل المتواصل والدؤوب، وفرت المفوضية مواد الإغاثة الأساسية والمواد الشتوية لحوالي 23,000 شخص من النازحين المقيمين في المآوي الجماعية وفي أحياء محافظة الحسكة. وتشمل مواد الإغاثة الحصر والفرشات والبطانيات وأكياس النوم وأدوات الطبخ والملابس الشتوية. كما وزعت المفوضية مواد الإغاثة الشتوية على القاطنين في مخيمي روج والمحمودلي ويجري توزيع المواد الشتوية أيضاً في مخيمي الهول والعريشة.
"يفترض بهذه المدارس أن تكون مكاناً للتعليم، ولكنها الآن أصبحت مكاناً يأوينا"
في محافظة الحسكة، تحولت معظم المدارس إلى مآوٍ جماعية تؤوي النازحين الجدد. وتعمل مرافق الخدمات الصحية في هذه المراكز فوق طاقتها وتكون في أحيان أخرى متدنية ولا تلبي احتياجات العدد الكبير من السكان.
تقول ذكية: "يفترض بهذه المدارس أن تكون مكاناً للتعليم، ولكنها الآن أصبحت مكاناً يأوينا".
بعد فرارهم من منازلهم وبلداتهم، يجد النازحون أنفسهم عرضة للكثير من المعاناة وعليهم مواجهة النقص في الغذاء والمياه والكهرباء والخدمات الطبية، فيما يطاردهم شعور بالخوف والقلق.
يقول شيروان علي، وهو معاون في قسم الإيواء في المفوضية: "منذ اليوم الأول لحركة النزوح، بدأت فرقنا بإجراء أعمال التقييم في المدراس والأبنية التي ما زالت قيد الإنشاء والتي تحولت إلى مواقع لإيواء النازحين الجدد في محافظة الحسكة". وأضاف: "نقوم حالياً بإعادة تأهيل المدراس لتكون صالحة للسكن، حيث نعمل على تركيب تجهيزات الإنارة، وخزانات المياه، وإمدادات الصرف الصحي".
تقوم فرق الإيواء في المفوضية بأعمال تحسين المأوى من أجل توفير بيئة أكثر أمناً ومكان للعيش أوفر صحة وتوفير الخصوصية للمقيمين. وقد أنهت المفوضية في الأسبوعين الماضيين أعمال إعادة التأهيل في خمس عشرة مدرسة استخدمت لإيواء الوافدين الجدد في محافظة الحسكة. وسوف تنهي خلال الأيام المقبلة أعمال إعادة التأهيل في تسعة مراكز أخرى.
وعلى مدار اليوم، تقوم فرق الدعم القانوني العاملة لدى شركاء المفوضية بجولاتها في المآوي الجماعية لتقييم احتياجات النازحين الخاصة بالوثائق كالبطاقة الشخصية ودفتر العائلة وغيرها، حيث يقدم برنامج الدعم القانوني خدمات الدعم القانوني للمتضررين ممن فقدوا وثائقهم المدنية والشخصية، وذلك بمساعدتهم في استخراج وثائق الملكية والوثائق الشخصية، فضلاً عن تسجيل الزيجات والولادات وتثبيت نسب الأطفال.
ويقول المحامي محمد إبراهيم، أحد العاملين في برنامج الدعم القانوني المشترك لدى شريك المفوضية الهلال الأحمر السوري: "نحن نتواجد يومياً في المآوي الجماعية في مدينة الحسكة للوقوف على الحالات التي تحتاج لخدمات الدعم القانوني وتلبيتها".
تقول هدى، والتي فرّت مع أطفالها الخمسة من مدينة رأس العين عند اندلاع القتال في مدينتها، أنها فقدت دفتر العائلة خلال رحلة الفرار، وهي تأمل أن يتمكن فريق الهلال الأحمر من مساعدتها في استصدار دفتر عائلة جديد.
مع مرور أكثر من ثماني سنوات على الأزمة في سوريا، تمثل أزمة النزوح الجديدة الحاصلة في شمال شرق سوريا تحدياً كبيراً للمفوضية وللوكالات الإنسانية كافة العاملة في المجال الإنساني.
وتواصل المفوضية إيصال مواد الإغاثة الأساسية لتلبية الاحتياجات الأساسية سواء للنازحين المتضررين داخل سوريا أو لأولئك الذين غادروا البلاد إلى شمال العراق.
ينتظر النازحون ما سيحمله لهم المستقبل وتمر بهم الأيام والأسابيع ولا يوجد شيء أمامهم سوى الانتظار. وسوف تخفف أية مساعدة يتم تقديمها لهم بعضاً من معاناتهم.
وعلى الرغم من حصول أشخاص كذكية على وجبات طعام وعلى المأوى ومواد الإغاثة، إلا أن الشيء الأهم بالنسبة لهؤلاء الأشخاص يتمثل بالشعور بالأمان والطمأنينة لهم ولأطفالهم وأسرهم والعودة إلى ديارهم في أقرب وقت.