اللاجئون والمجتمع المضيف في السودان يزرعون مليون غرسة
بدأ المشروع، والذي يقع في منطقة شبه قاحلة ومجردة إلى حد كبير من الأشجار للحطب ومواد البناء، في عام 2017.
امرأة تعتني بغراسها في مشتل للأشجار في الجبلين، السودان.
© UNHCR/Vanessa Zola
يمتد أنبوب مطاطي سميك من نهر النيل الأبيض في السودان لمسافة أكثر من كيلومترين، ليضخ المياه في خزان كبير في محلية الجبلين، والتي يتم فيها زرع آلاف الشتلات.
لمشتل الأشجار القدرة على إنتاج 200,000 شتلة سنوياً - وهي ثمرة شراكة بين هيئة الغابات في البلاد، "الهيئة القومية للغابات"، ومفوضية اللاجئين.
بدأ المشروع، والذي يقع في منطقة شبه قاحلة ومجردة إلى حد كبير من الأشجار للحطب ومواد البناء، في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، تم غرس مليون شجرة من أربعة أنواع مختلفة من الأكاسيا، على مساحة تبلغ 2,500 هكتار.
تعمل غايل دينغ نياكونغ، وهي لاجئة من جنوب السودان، في المشتل وقد شاهدت عن كثب كيف أن إزالة الغابات قد ألحقت الضرر بالبيئة منذ أن فرت من العنف في جنوب السودان في عام 2014.
تقول نياكونغ، والتي تأمل في تسخير هذه المهارات في وطنها أو في أي عمل مستقبلي في مزارع الحمضيات القريبة: "انضممت إلى المشروع لكسب القليل من المال لشراء الطعام وبعض الملابس وتعلم مهارات جديدة حول زراعة الأشجار".
هناك حوالي ربع مليون لاجئ من جنوب السودان في ولاية النيل الأبيض، والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.7 مليون شخص.
غالباً ما تقضي نياكونغ وآلاف النساء مثلها ما يصل إلى ثماني ساعات خلال الرحلات التي يقمن بها إلى مناطق الغابات النائية للبحث عن حطب الوقود الذي يتناقص على نحو متزايد - وهي رحلة تجعلهم عرضة لانتهاكات جنسية.
"إنها تعزز الوصول الوصول الآمن للطاقة المستدامة والمستخدمة لأغراض الطهي"
بالإضافة إلى تعزيز الاستدامة، يتوقع عماد الدين علي، وهو مساعد مسؤول سبل كسب العيش في المفوضية في كوستي، بأن تؤدي حملة إعادة التشجير إلى خلق بيئة أكثر أماناً للاجئين المعرضين للخطر والسكان المحليين على حد سواء.
ويقول: "لقد أدى ذلك أيضاً إلى تقريب إنتاج الحطب لمخيمات اللاجئين، وبالتالي تعزيز الوصول الآمن إلى الطاقة المستدامة والمستخدمة لأغراض الطهي وفي الوقت نفسه معالجة التحديات البيئية من خلال إدارة الموارد الطبيعية".
في النيل الأبيض، تعد إزالة الغابات أمر خطير للغاية. بالإضافة إلى الحطب، فقد قطع اللاجئون الخشب والأعمدة بكميات غير مستدامة لبناء ملاجئهم. في بعض الحالات، يبيع البعض جزءًا من حصصهم الغذائية لشراء الحطب والفحم.
ولمعالجة هذه المخاوف، يساعد عمل المفوضية مع "الهيئة القومية للغابات" في إعادة تأهيل الغابات وإدارتها، من أجل توفير وقود الطهي والحفاظ على البيئة على المدى الطويل.
ويوضح علي قائلاً: "خطتنا هذا العام هي إقامة مناطق حرجية أو غابات أصغر حول كل من المخيمات التسعة في الولاية لتحل محل الأشجار التي قطعها اللاجئون على مر السنين".
ويكمن التحدي الآخر في المناخ شبه الجاف مع وصول درجات الحرارة في الصيف إلى 48 درجة مئوية، مما يجعل من الصعب القيام بأعمال الزراعة. وفي محاولة لإعطاء الشتلات فرصة أفضل للتجذر، تقوم المفوضية و"الهيئة القومية للغابات"، بالشراكة مع "Innovation Norway"، وهي وكالة تنموية تابعة للحكومة النرويجية، وشركة "Dutch Land Life"، بتجربة زراعتها في أوعية في مشتل الأشجار الذي تعمل فيه نياكونغ.
وتعتبر هذه الأوعية بمثابة "حاضنة" قابلة للتحلل الحيوي مصممة لدعم الشتلة خلال سنتها الأولى الحرجة من خلال توفير المياه والمأوى مع تحفيز بنية جذر صحية وعميقة، والاستفادة من إمدادات المياه تحت السطح.
ويعمل هذا الوعاء على تخزين المياه لمدة ثلاثة أشهر تقريباً، مما يتيح للشتلات الوصول بأمان إلى موسم الأمطار. وينتج عن ذلك أشجار مستقلة يمكنها أن تعيش في ظروف قاسية، الأمر الذي من شأنه تحسين معدل بقاء الشتلات بنسبة 75 إلى 95 في المائة.
"يستفيد المجتمع كثيراً من هذا المشروع ونحن سعيدون بذلك"
كما أثبت مشروع إعادة التحريج أنه إيجابي للعلاقات المجتمعية في منطقة أدى التنافس فيها على الموارد النادرة أصلاً في الماضي إلى حدوث توترات وصراعات بين اللاجئين والمجتمعات المحلية.
في مشتل الأشجار، تزرع نياكونغ الشتلات إلى جانب جيرانها السودانيين مثل حواء أحمد، والتي يعيش بالقرب من مخيمات اللاجئين. بينما تعتني النساء بالشتلات، يقوم الرجال بزرعها في مواقع الغابات.
يقول أحمد: "يستفيد المجتمع كثيراً من هذا المشروع ونحن سعيدون بذلك".