لدى هزيرا بطاقة طبية تقول بأنها تبلغ من العمر 55 عاماً، إلا أنها تبدو أكبر عمراً بسبب ما يبدو عليه وجهها وظهرها المحني.
إنها أيضاً جدة ولاجئة من الروهينغا بعدما فرت من ميانمار في عام 2017 مع سبعة أطفال وأربعة أحفاد. وبسبب أعمال العنف التي ارتكبت بحق الروهينغا، فقد قُتل اثنان آخران من أبنائها.
لا تعيش هزيرا وعائلتها في مخيم كوتوبالونغ الشاسع، والذي يؤوي أكثر من 633 ألف شخص، بل في مخيم عشوائي مجاور للاجئين، بالقرب من المجتمع المضيف.
جاؤوا إلى شاملابور نظراً لأن ابنتها كانت تعيش هنا مع عائلة زوجها. هزيرا وعائلتها هم من بين ما يقدر بنحو 170,000 لاجئ ممن يعيشون في مخيمات للاجئين إلى جانب البنغلاديشيين في المناطق الواقعة جنوب شبه الجزيرة.
بدأ الألم، الألم الجسدي، ينال من كتفها.
"في ميانمار، لم يتلق هؤلاء الأشخاص أي علاج طبي مناسب"
أصبح الألم شديداً لدرجة أنها بالكاد تستطيع تحريك ذراعها. أخبرتها إحدى جيرانها، وهي امرأة بنغلاديشية، عن عيادة شاملابور للعلاج الطبيعي، وقالت: "لم يكن لدي المال الكافي. أتيت إلى هنا لأنهم قالوا لي بأنه مجاني".
تم إنشاء العيادة من قبل المفوضية في يوليو 2018 لخدمة كل من المجتمع المضيف واللاجئين الروهينغا ولا يتم فرض أي رسوم على المرضى. وتوظف العيادة اثنين من أخصائيي العلاج الطبيعي واثنين من المساعدين.
ترددت هزيرا قبل مجيئها، لكن العلاج الطبيعي كان مفيداً للغاية لدرجة أنها عادت لإجراء عدة جلسات أخرى، وقالت: "أشعر بتحسن. الألم أقل بكثير". لكنها لا تزال تواجه مشكلة في تحريك ذراعها.
تعتبر تجربتها نمطية وليست نمطية، وفقاً لما ذكرته نوشين أنجوم، إحدى أخصائيي العلاج الطبيعي في العيادة: "في ميانمار، لم يتلق هؤلاء الأشخاص أي علاج طبي مناسب. في البداية بدا الأمر وكأن اللاجئين كانوا خائفين للغاية، لكننا بدأنا بتحفيزهم، وشرح كل شيء على النحو الصحيح، ليأتوا تدريجياً لتلقي العلاج، لكن الكثيرين لا يعودون للمتابعة".
معظم المرضى في العيادة من البنغلاديشيين: 874 حالة مقارنة بـ 286 من الروهينغا بين يوليو 2018 وأكتوبر 2019. ويعكس ذلك عدد السكان في المنطقة: 16,319 بنغلادشي مقابل 10,210 شخص من الروهينغا.
بالنسبة للبنغلاديشيين أيضاً، فإن العيادة تعتبر شيئاً جديد لهم. تقول نوشين: "في شاملابور لم يسبق لهم أن تلقوا علاجاً فيزيائياً".
لكنهم الآن يأتون إلى العيادة كالمرضى والمصابين.
يرتاد محمد علم قيصر هذه العيادة منذ عدة أشهر. تعرض لحادث سيارة قتل فيه خمسة أشخاص آخرين كانوا معه، وقد أصيب بجروح بالغة ويعرج متجهاً إلى غرفة العلاج الطبيعي ممسكاً بذراعه اليمنى.
يقول: "أخبرني طبيبي بأنه لن يكون بمقدوري استخدام يدي اليمنى للكتابة. لذلك أتيت إلى هنا لتقوية عضلاتي، وكل يوم منذ بداية العام، أمارس الكتابة بيدي اليسرى. بهذه الطريقة، سأكون قادراً على العودة للحصول على شهادة المحاسبة".
ستكون البرامج التي تدعم كلا من اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم واحدة من الموضوعات التي ستطرح للمناقشة في المنتدى العالمي للاجئين، وهو اجتماع رفيع المستوى سيعقد في جنيف في وقت لاحق من هذا العام. وسوف تعلن الدول والقطاع الخاص والجهات الفاعلة الأخرى عن مساهمات شديدة الأثر من شأنها منح اللاجئين فرصة للازدهار إلى جانب مضيفيهم.
" يتلقون العلاج معنا في العيادة وهذا أمر جيد"
ووفقاً لنوشين، فهناك القليل من الاحتكاك بين المجتمعين. ويرى أخصائيو العلاج الطبيعي أنفسهم كجسر بين الطرفين: "كأخصائي صحة، أشعر بالسرور أن أساعد كلاهما".
في غرفة علاج أخرى في العيادة، يتلقى غلام التدليك لعلاج ظهره المنحني. يقول بأن عمره 100 عام: "لقد كانت صحتي جيدة قبل بضع سنوات، ثم بدأ ظهري يؤلمني بشكل رهيب لدرجة أنهم اضطروا لحملي إلى هنا".
يعاني العمود الفقري السفلي لهذا المسن من الانحناء. ويعمل العلاج الطبيعي على تخفيف الآلالم والحد من المزيد من الترهل في عضلات ساقيه. يقول غلام: "أشعر بتحسن كبير الآن".
- اقرأ أيضاً: مدرسة جديدة تجنّب التلاميذ الأفغان برد الشتاء
بالنسبة للروهينغا في العيادة والبلدة، تقول ناوشين: "إنهم يتلقون العلاج معنا في العيادة وهذا أمر جيد. إنها مسؤولية بالنسبة للمسلمين هنا لمساعدتهم".
تقول هزيرا بأنها تشر بالامتنان للمساعدة التي تلقتها من المجتمع المحلي، وبأنها ستحاول رد الجميل: "عندما تتحسن حالتي، سأذهب إلى المسجد وأطهو للأطفال".