انعدام الجنسية .. مفوضية اللاجئين تساعد السكان الأصليين في أميركا الوسطى في الحصول على الجنسية
بالنسبة إلى جماعة نغابي بوغلي التي تمتدّ أراضي أجدادها عبر حدود كوستاريكا وبنما، تصعّب حياة الهجرة عبر الحدود تسجيل المواليد.
ساباليتو، كوستاريكا، 7 مايو/أيار (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - عاشت إليدا أندرادي طوال حياتها على التلال الخضراء التي تُحيط ببلدة ساباليتو الصغيرة الواقعة في جنوب كوستاريكا، ولكن هذه الأمّ البالغة من العمر 18 عاماً لم تحصل إلا مؤخراً على مكان تنتمي إليه بالفعل.
وُلِد أبواها اللذان ينتميان إلى جماعة السكان الأصليين "نغابي بوغلي" في المنطقة الحدودية القريبة، في تشيريكي في بنما، وانتقلا إلى منطقة ساباليتو المشهورة بزراعة البن عندما كانا مراهقَيْن على غرار العديد من الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الجماعة. ولم يفكّرا في الحدود وفي التداعيات القانونية لعبور الحدود بما أنّ أراضي أجدادهما تمتدّ عبرها.
في ساباليتو، عمل والدا إليدا في زراعة البن. وكان عملهما موسمياً، ولكن على غرار العديد من الأشخاص الآخرين استقرّا في ساباليتو وعملا على تربية عائلة مؤلّفة من ستّة أطفال منهم إليدا. ولكن على الرغم من أنّها وإخوتها وُلدوا جمعياً في كوستاريكا، لم تُسجّل ولادة أيِّ منهم. ومع تقدمهم في السن، كان لذلك عواقب كبيرة عليهم وعلى الأطفال الآخرين من السكان الأصليين.
وقالت إليدا: "لم يكن لدينا أي وثائق تُثبت أنّنا من كوستا ريكا وواجهنا صعوبات كبيرة في الحصول على حقوقنا ]بما في ذلك الحصول على التعليم والرعاية الصحية[". ولكن مصدر القلق الأكبر كان أن عدم التمكن من التسجيل صعب حصول إليدا وحوالي 1200 طفلٍ آخر من نغابي بوغلي في كوستاريكا على شهادة ميلادٍ، الأمر الذي جعلهم عرضةً لخطر انعدام الجنسية".
وقال روبرتو مينيوني ممثّل المفوضية في كوستاريكا: "هذه مشكلة خطيرة لأنّ تسجيل المواليد عنصر أساسي للوقاية من حالات انعدام الجنسية. ويعتبر تسجيل المواليد خطوةً أساسيةً لحماية الأطفال".
ولمساعدة هؤلاء الشباب، أطلقت المفوضية وشركاؤها كالمحكمة العليا الانتخابية في كوستاريكا ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) مشروعاً في أواخر عام 2014 لتحديد جنسيتهم وتسجيل ولاداتهم وتمهيد الطريق لحصولهم على الجنسية الكوستاريكية والحقوق المرتبطة بها.
وقد أُرسلَت الفرق المتنقلّة إلى أكثر من 2000 مزرعةٍ نائيةٍ لزراعة البن لتحديد الحالات وتسجيلها. ونتيجةً لذلك، وخلال الأشهر الخمسة الأولى من المشروع، حُدّدت جنسية ما يزيد عن 300 طفلٍ من السكان الأصليين وتم تسجيل العشرات من الولادات.
وفي هذه الأثناء وبتوجيه من المفوضية، قامت إليدا بالتسجيل في دائرة النفوس في كوستاريكا. وقالت للمفوضية: "تم قبول تسجيلي المتأخّر، وحصلت على وثائقي الكوستاريكية. كان ذلك اليوم أحد أسعد أيام حياتي. فأنا أشعر الآن بأنّني مواطنة كوستاريكية." وسجّلت إليدا أيضاً ولادة ابنها البالغ من العمر عاماً واحداً لأنّها لا تريده أن يمرّ بتجربتها.
ووفقاً لدستور كوستاريكا، يتمتّع كلّ شخص يولد في البلاد، بغض النظر عن جنسية والدَيْه، بحقّ الحصول على الجنسية بموجب مبدأ قانوني يُعرف بحقّ المواطنة بالولادة (حرفياً حقّ الأرض) يسمح بالحصول على الجنسية على أساس مكان الولادة بدلاً من النسب. ويُمكن للأب أو الأم تسجيل أبنائهم القاصرين كمواطنين كوستاريكيين أو للأبناء تسجيل أنفسهم قبل بلوغهم سنّ الـ25، كما هي حال إليدا.
وكانت حالة جماعة نغابي بوغلي أكثر تعقيداً لأنّ الكثيرين عبروا الحدود من بنما كجزء من طريقة عيشهم التقليدية ضمن المنطقة التي يعتبرونها أرض أجدادهم، ورُزقوا بأطفالهم في مزراع البن النائية في كوستاريكا ولم يسجّلوا ولاداتهم بما يتيح تحديد مكان ولادتهم والإقرار بأبوتهم وإثبات سنهم وتوفير دليل وثائقي مهمّ يمكّنهم من الحصول على جنسية الدولة التي وُلد فيها أو جنسية أبوَيْه.
وأعلنت المفوضية وكوستاريكا أنّهما تعتزمان العمل معاً في العام 2013، عندما أبرمت المفوضية اتفاقية تعاون مع المحكمة العليا الانتخابية لتعزيز الحصول الفعّال على الجنسية وتجنيس عديمي الجنسية وتوفير التدريب على تشريعات الجنسية والأحكام الدولية المتعلقة بانعدام الجنسية.
وقد دعمت المفوضية، وبما يتماشى مع حملتها العالمية، #أناأنتمي، الهادفة إلى القضاء على حالات انعدام الجنسية بحلول عام 2014، السلطات في تحديد الأشخاص المُعرّضين لخطر انعدام الجنسية، ومن خلال توفير المساعدة القانونية لأبناء جماعة نغابي بوغلي لتحديد جنسيتهم والقيام بإجراءات التسجيل المتأخر.
وفي هذا الوقت، وبالعودة إلى ساباليتو، أصبحت إليدا على وشك التخرّج من المدرسة الثانوية وهي تخطّط للمستقبل. وقالت: "كان هذا العام الأول الذي أستطيع فيه أن أتسجّل في المدرسة بواسطة وثائقي الخاصّة، وأخيراً سأحصل على شهادتي كباقي الطلاب في صفّي".
وتخطّط إليدا لدراسة الطب في الجامعة، الأمر الذي كان يعتبر مستحيلاً في السابق. وقالت: "سأكون مصدرَ فخر لوالدَيْ ولمجتمعي. وفي الوقت عينه، سأشجّع على تسجيل المواليد لكي يتمكّن أبناء شعبي من الدفاع عن حقوقهم. فالمستقبل مستقبلنا".
بقلم مارسيلا رودريغيز- فاريلي في ساباليتو، كوستاريكا