لاجئون من أميركا الوسطى يأملون بأن يجدوا في المكسيك وطناً لهم

مع هروب الآلاف من عصابات الشوارع العنيفة ولجوئهم إلى المكسيك بحثاً عن الأمان، يُبرز المفوض السامي لأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الجهود الجديدة الهامة لتعزيز الاندماج.

 

المفوض السامي فيليبو غراندي يلتقي اللاجئين والموظفين في مأوى كافيمين في مدينة مكسيكو، في المكسيك.  © UNHCR/Santiago Escobar-Jaramillo

مدينة مكسيكو- يبدو العشاء الضخم الذي يقدم قائمة طعام ترتكز على الأطباق المحلية كأي عشاء آخر في العاصمة المكسيكية المترامية الأطراف. لكنّ ما يميز هذا العشاء ويجعله فريداً من نوعه هم الموظفون.

فالطهاة والنوادل والنادلات فروا جميعاً من العنف والاضطهاد ولجأوا إلى المكسيك بحثاً عن الأمان، وحصلوا على فرصة بدء حياةٍ جديدة بالعمل في المطعم.

تقول باتريسيا* التي نجت من عنف العصابات في مسقط رأسها في السلفادور قبل عامين مع أطفالها: "لقد فُتح المطعم أبوابه خصيصاً لأجلنا نحن اللاجئين لنحظى بوظائف جيدة ونمضي قدماً. أشعر بسعادة كبرى لوجودي في هذا المكان".

وتعد باتريسيا واحدة من بين عدد متزايد من اللاجئين الفارين من انعدام الأمن في شمال أميركا الوسطى الذين يحصلون على فرصة بدء حياة جديدة في المكسيك.

وتعمل المفوضية مع المؤسسات الحكومية والشركاء المحليين مثل "كافيمين" و"كاسا ريفيوجيادوس" لدمج مئات اللاجئين مثل باتريسيا الذين يبحثون عن الأمان هنا كل عام.

"لقد فُتح المطعم أبوابه خصيصاً لأجلنا نحن اللاجئين لنحظى بوظائف جيدة ونمضي قدماً"

يدفع لها المطعم أكثر مما كانت تتقاضاه من عمل سابق يكفيها بالكاد للعيش، والأهم من ذلك، أنه يمنحها مزيداً من المرونة لرعاية ابنتها وابنيها اللذين فروا من عصابة شوارع في الوطن كانت تجبرهم على إدمان المخدرات.

تستقبل المكسيك عدداً متزايداً من الرجال والنساء والأطفال الذين يفرون من الجريمة وانعدام الأمن في المنطقة الشمالية من أميركا الوسطى. وفي عام 2016، اعترفت المكسيك بحوالي 3,078 شخصاً كلاجئين، أي بزيادة قدرها 206% عن العام السابق، ولا يزال عدد طلبات اللجوء في ازدياد. وتأتي الغالبية العظمى من الوافدين الجدد من أميركا الوسطى، وكان أكثرهم في عام 2017 من الفنزويليين.

وفي حين تواصل المفوضية تحسين الدعم المالي والمساعدة القانونية والسكن الآمن لطالبي اللجوء، يظل استقرار اللاجئين على المدى الطويل مصدر قلق.

ووجدت دراسة حديثة أجرتها المفوضية ومنظمة العمل الدولية أنَّ ما يقرب من نصف ممن أُجريت معهم مقابلات- 47%- قد قالوا بأن عملهم في المكسيك يمثل انخفاضاً لنوعية عملهم السابق في بلدهم، مما يثير المخاوف من إهدار مهارات اللاجئين.

وبالإضافة إلى ذلك، قال 90% ممن أجريت معهم مقابلات بأنهم لا يملكون عقداً مع ربّ عملهم. كان هذا حال أوّل وظيفة وجدتها باتريسيا كنادلة بعد أن غادرت السلفادور عام 2015.

تقول: "كانوا يدفعون لي 400 بيزو (22 دولاراً أميركياً) في الأسبوع- لم نتمكن من العيش بذلك الدخل".

كان العثور على عمل آمن مسألة أساسية أيضاً بالنسبة لبياتريس منذ أن غادرت غواتيمالا قبل أربعة أعوام مع أولادها الثلاثة وثلاثة أحفاد. في العام الماضي، مُنِحوا جميعاً صفة اللجوء. وساعدتها شريكة المفوضية، "كاسا ريفيوخيادوس" (بيت اللاجئين)، على إيجاد عمل في مركز اتصالات حيث تحصل على أجر أفضل وتشعر بمزيد من الراحة.

وتقول بياتريس: "لقد تلقينا الكثير من الدعم من "كاسا ريفيوخيادوس" و"كومار" (وكالة اللاجئين في المكسيك)... ونحن نقدّر ذلك جداً".

على مدى عقود، كانت مدينة مكسيكو مكاناً تمكَّن فيه الناس من العديد من المجتمعات الدولية المختلفة من تأسيس حياتهم، وإيواء أسرهم واتخاذ الخطوات الأولى في عملية الاندماج.

"إنَّ هذا التعاون مثال هام للتضامن كقيمة تقوم عليها سياسات هذه المدينة العالمية"

وخلال زيارة المفوض السامي فيليبو غراندي الأخيرة للمكسيك، وقع اتفاقاً مع عمدة مدينة مكسيكو أنخيل مانسيرا، يشمل اللاجئين في مجموعة من البرامج الاجتماعية التي تديرها المدينة. كما أنه يوفر للذين أُجبروا على الفرار من بلدانهم فرص العمل والتدريب والدعم الاقتصادي.

وقد قال غراندي في حفل التوقيع: "إنَّ هذا التعاون مثال هام للتضامن كقيمة تقوم عليها سياسات هذه المدينة العالمية". وأشاد بالجهود التي تبذلها السلطات لوضع حلول دائمة للاجئين، ولا سيما من خلال الاندماج المحلي.

وأثناء زيارته للمكسيك في إطار جولة استغرقت عشرة أيام لتقصي الحقائق في المنطقة، التقى غراندي الرئيس إنريكي بينيا نييتو لمناقشة تعزيز نظام حماية اللاجئين في المكسيك ودعم الاستجابات الإقليمية للنزوح القسري.

وشدّد المفوض السامي على أن المؤسسات المكسيكية ومجموعات المجتمع المدني، من خلال اعتماد سياسات تقدمية، يمكن أن تلهم بلداناً أخرى في المنطقة على اتخاذ تدابير ملموسة لدعم اللاجئين.

وفي روح من تقاسم المسؤوليات، تعمل المفوضية مع حكومات المنطقة على وضع إطار شامل للحماية والحلول الإقليمية. واستناداً إلى إعلان نيويورك الذي صدر العام الماضي، فإن هذا الإطار يشكل خطوة نحو الميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي سيتم الاتفاق عليه في عام 2018. وهو يسعى إلى معالجة كامل نطاق النزوح القسري، بدءاً من أسبابه الجذرية، وتعزيز نظم اللجوء والعمل على إيجاد حلول دائمة.

وحتى الآن، انضمت كوستاريكا والمكسيك وبنما وهندوراس وغواتيمالا والسلفادور إلى المبادرة الإقليمية.

*تم تغيير أسماء اللاجئين لأسباب تتعلق بالحماية.