فتاة من عديمي الجنسية في كينيا تدخل التاريخ كأول امرأة تصل إلى الجامعة

يعاني أكثر من 18،000 شخص عديمي الجنسية في كينيا من أجل الحصول على الخدمات الأساسية كونهم يفتقرون إلى وثائق الهوية الرسمية.

تقف نوسيزي روبن (في الوسط) مع عائلتها وهي تحمل شهادة ميلادها الصادرة مؤخراً في منزلها في كينو، كينيا.
© UNHCR/Anthony Karumba

لطالما كانت نوسيزي دوبي صاحبة الأداء الأفضل في المدرسة. ولكن في كل عام، فإن فرصها في التقدم إلى المستوى التالي كانت أقل. فقد ولدت ضمن مجتمع الشونا المحلي، وهي أقلية من عديمي الجنسية في كينيا، ولم يكن لديها الوثائق اللازمة لإثبات هويتها والتسجيل من أجل التقدم للامتحانات.


دخلت نوسيزي التاريخ كأول امرأة من جماعة الشونا التي تصل إلى الجامعة وهي الآن في الفصل الدراسي الأول لها كطالبة اقتصاد في جامعة نيروبي، والتي تعتبر واحدة من أكبر مؤسسات التعليم العالي في البلاد.

تقول الفتاة البالغة من العمر 20 عاماً: "عندما علمت أنني دخلت الجامعة، كانت أكثر تجربة سعيدة في حياتي. كفتاة عديمة الجنسية، كانت رحلة صعبة ولكنها رائعة للوصول إلى ما هو أنا عليه الآن".

وصل شعب الشونا إلى كينيا مما كان يعرف آنذاك باسم روديسيا (زيمبابوي الآن) كمبشرين مسيحيين في ستينيات القرن الماضي. كانوا يحملون جوازات سفر روديسية وتم تسجيلهم كرعايا بريطانيين. بعد استقلال كينيا في عام 1963، كان لديهم مهلة زمنية لمدة عامين للتسجيل كمواطنين كينيين، لكنها فاتت على الكثيرين لأنهم إما لم يكونوا على دراية بالأنظمة أو لم يتمكنوا من الوصول إليها، مما جعلهم من عديمي الجنسية.

"الأمر أشبه بكونك شبحاً ... لا وجود لك"

توضح نوسيزي قائلة: "يبدو الأمر كما لو كنت شبحاً في البلد الذي تعيش فيه. لا وجود لك".

سلطت وانجا مونايتا، مساعدة مسئول الحماية في مكتب المفوضية في كينيا، الضوء على الصعوبات التي يواجهها الأشخاص عديمو الجنسية بسبب نقص وثائق الهوية.

تقول: "بدون إثبات الجنسية، لن تتمكن جماعة الشونا وغيرها من المجتمعات عديمة الجنسية من الوصول الكامل إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة. لا يمكنهم السفر أو امتلاك العقارات أو العمل بشكل رسمي أو الوصول إلى الخدمات المالية، من بين الحقوق الأخرى التي يتمتع بها المواطنون الكينيون".

غالباً ما يواجه الأشخاص عديمو الجنسية التهميش السياسي والاقتصادي والتمييز، مما يجعلهم عرضة للاستغلال وسوء المعاملة.

  • تراجع نوسيزي روبن، وهي شابة من جماعة الشونا عديمة الجنسية، دروسها على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها في منزلها في كينو، كينيا.
    تراجع نوسيزي روبن، وهي شابة من جماعة الشونا عديمة الجنسية، دروسها على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها في منزلها في كينو، كينيا. © UNHCR/Anthony Karumba
  • نوسيزي روبن (الثانية من اليسار)، تساعد أخواتها في دراستهم، خارج منزلهن في كينو، كينيا.
    نوسيزي روبن (الثانية من اليسار)، تساعد أخواتها في دراستهم، خارج منزلهن في كينو، كينيا. © UNHCR/Anthony Karumba
  • تحضر نوسيزي محاضرة افتراضية في مكتب لجنة حقوق الإنسان الكينية في نيروبي، كينيا.
    تحضر نوسيزي محاضرة افتراضية في مكتب لجنة حقوق الإنسان الكينية في نيروبي، كينيا. © Anthony Karumba
  • نوسيزي روبن (إلى اليمين)، تتحدث إلى والدتها أنجلينا خارج منزله العائلة في كينو، كينيا.
    نوسيزي روبن (إلى اليمين)، تتحدث إلى والدتها أنجلينا خارج منزله العائلة في كينو، كينيا. © UNHCR/Anthony Karumba
  • نوزيزي روبن تغادر مكتب لجنة حقوق الإنسان الكينية في نيروبي، حيث يُسمح لها بالاستخدام المجاني لشبكة الإنترنت لأغراض الدراسة.
    نوزيزي روبن تغادر مكتب لجنة حقوق الإنسان الكينية في نيروبي، حيث يُسمح لها بالاستخدام المجاني لشبكة الإنترنت لأغراض الدراسة. © UNHCR/Anthony Karumba

معظم نساء الشونا في سن نوسيزي من الأمهات. وتشرح قائلة: "أريد كسر القاعدة وأضع حداً لمقولة أن نساء الشونا يتزوجن وهن صغيرات. أريد أن ترى جميع فتيات الشونا بأنه يمكن أن يصبحن أي شيء يردنه. أريد أن أكون قدوة لأخواتي الأصغر سناً".

تتذكر نوسيزي، وترتيبها الرابعة في عائلة مكونة من ثمانية أطفال، كيف أصبحت عديمة الجنسية وتصف العقبات التي واجهتها بصفتها غير موثقة: "مثل معظم أطفال جماعة الشونا، فقد ولدت في المنزل، لذلك فلم يكن لدي إشعار بالولادة"، مضيفة أن والدتها تمكنت من الحصول على بطاقة ما قبل الولادة من العيادة، والتي استخدمتها بدلاً من شهادة الميلاد لإقناع مدرستها الابتدائية بتسجيلها.

"أريد كسر القاعدة وأضع حداً لمقولة أن نساء الشونا يتزوجن صغيرات"

قبيل نهاية تعليمها الابتدائي، وجدت نوسيزي مرة أخرى أنها بحاجة إلى شهادة ميلاد، وهذه المرة للتسجيل في الامتحانات الوطنية والمتابعة نحو المدرسة الثانوية.

تتذكر قائلة: "لقد كنت مصممة على الذهاب إلى المدرسة الثانوية لدرجة أنني اخترت إعادة درجتي النهائية، على أمل أن أحصل على الشهادة بحلول نهاية ذلك العام".

كان أداء نوسيزي جيداً جداً في الامتحانات، لكنها لم تمتلك شهادة ميلاد للتقدم إلى المدرسة الثانوية. تمكنت والدتها، والتي لم يكن لديها سوى القناعة المطلقة، من إقناع المدرسة بقبولها باستخدام بطاقة العيادة.

تقول مبتسمة: "أمي هي حقاً مصدر إلهامي الأكبر لأنها لا تُهزم بسهولة".

في العام الماضي، في أعقاب جهود بذلتها المفوضية ولجنة حقوق الإنسان الكينية، أصدرت الحكومة شهادات ميلاد لأطفال الشونا.   

وقبل عام واحد فقط من إكمال تعليمها الثانوي، حصلت نوسيزي أخيراً على ما تحتاجه.

مع حصولها على شهادة ميلاد، سجلت للتقدم للامتحانات النهائية التي ستتيح لها فرصة دخول الجامعة. واصلت أداءها الملفت وحصلت على قبول في جامعة نيروبي، حيث تعد بطاقة الهوية الوطنية شرطاً أساسياً للتسجيل. تدخلت المفوضية ولجنة حقوق الإنسان الكينية مرة أخرى وسمحت لها الجامعة بشكل استثنائي بالتسجيل باستخدام شهادة ميلادها: "كان هذا أروع يوم في حياتي! لقد أصبحت مصدر تحفيز لأشقائي الصغار".

على الرغم من صعوبة الحصول على بيانات عالمية شاملة نظراً لأن السكان عديمي الجنسية لا يتم احتسابهم أو تضمينهم دائماً في التعداد السكاني الوطني، فقد رصدت المفوضية وجود حوالي 4.2 مليون شخص من عديمي الجنسية في 76 دولة. ومع ذلك، فمن المُعتقد أن يكون العدد الفعلي أعلى بكثير.

بمناسبة الذكرى السادسة لحملة #أنا_أنتمي التي أطلقتها المفوضية، والتي تهدف إلى القضاء على حالات انعدام الجنسية بحلول عام 2024، فإننا نحث قادة العالم على إدراج وحماية السكان عديمي الجنسية واتخاذ خطوات جريئة وسريعة لاجتثاث انعدام الجنسية.

في كينيا، هناك ما يقدر بنحو 18،000 شخص عديم الجنسية، بما في ذلك مجموعات مختلفة من الأشخاص عديمي الجنسية من أصول البيمبا والشونا ومجموعات من الأشخاص من أصول بوروندية وكونغولية وهندية ورواندية.

لقد أدى وباء فيروس كورونا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي لبعض المجتمعات عديمة الجنسية مثل الشونا، والذين يعتمدون على عائدات المبيعات من الحرف اليدوية مثل السلال والمنحوتات لتدبر أمورهم المعيشية.

تقول نوسيزي: "تصارع عائلاتنا من أجل وضع لقمة على المائدة. أحياناً أفتقر إلى أجرة الذهاب لحضور دروسي.

"عليك أن تكون جريئاً وشجاعاً حتى تتمكن من تحقيق ما تريده في الحياة"

يتم إجراء الدروس عبر الإنترنت بسبب الوباء، ولكن بدون وجود الإنترنت في المنزل، فإن نوسيزي تضطر للذهاب إلى مكاتب اللجنة الكينية لحقوق الإنسان، والواقعة على بعد حوالي 20 كيلومتراً، حيث تحصل هناك على مكان للدراسة والاتصال بالشبكة.

على الرغم من التحديات، فإن هذه الخبيرة الاقتصادية الناشئة سعيدة بالدعم الذي تلقته حتى الآن وتأمل في أن يتم الاعتراف بها قانونياً كمواطنة في يوم من الأيام، وتواصل استخلاص القوة من عزيمة والدتها.

"والدتي تلهمني لأنها شديدة التركيز. عليك أن تكون جريئاً وشجاعاً حتى تتمكن من تحقيق ما تريده في الحياة".