التغيّر المناخي والنزوح

تتعدد الآثار المترتبة على تغير المناخ، ومن المحتمل أن تصبح الموارد الطبيعية المحدودة، كمياه الشرب، أكثر ندرة في أجزاء كثيرة من العالم، في وقت تصارع فيه المحاصيل والماشية من أجل البقاء في "مناطق ساخنة" من مناطق تغير المناخ حيث تصبح الأحوال الجوية شديدة الحرارة وجافة، أو باردة ورطبة، مما يهدد سبل العيش ويزيد من انعدام الأمن الغذائي.

يحاول الناس التكيف مع البيئة المتغيرة، ولكن العديد منهم ينزحون قسراً عن ديارهم بسبب الآثار المترتبة على تغير المناخ والكوارث، أو أنهم يتنقلون من أجل البقاء. يمكن أن تؤدي أنماط النزوح الجديدة، والتنافس على الموارد الطبيعية المستنفدة، إلى نشوب صراع بين المجتمعات أو زيادة نقاط الضعف الموجودة مسبقاً.

قد يحتاج الأشخاص النازحون عبر الحدود في سياق تغير المناخ والكوارث في بعض الحالات إلى الحماية الدولية. لذلك فإن قانون اللاجئين له دور مهم في هذا المجال. تقدم المفوضية الحماية والمساعدة للعديد من الأشخاص النازحين قسراً بسبب الآثار المترتبة على تغير المناخ والكوارث، من بين العوامل الأخرى الدافعة، وتعمل على زيادة قدرتهم على التكيف.

دور المفوضية في معالجة تغير المناخ والنزوح المرتبط بالكوارث

يغطي عمل المفوضية بشأن تغير المناخ والنزوح أربعة مجالات رئيسية:

  1. تقديم المشورة القانونية والتوجيه وتطوير المعايير لدعم الحماية المعززة لحقوق النازحين في سياق الكوارث وتغير المناخ.
  2. تعزيز تماسك السياسات لضمان إدماج قضايا النزوح الناجم عن الكوارث بفعالية في المجالات ذات الصلة.
  3. إجراء البحوث لسد الثغرات التي يقوم عليها هذا العمل التشغيلي والخاص بالسياسيات.
  4. الأنشطة الميدانية لمعالجة النزوح الداخلي والعابر للحدود الناجم عن الكوارث؛ وذلك للحد من الآثار البيئية لمخيمات اللاجئين وضمان الاستجابات المستدامة للنزوح؛ وأنشطة الحد من المخاطر وغيرها من الأنشطة التي قد تسهم في الجهود المبذولة لتجنب النزوح والحد منه ومعالجته.

من خلال مشاركتها في عمليات السياسة العالمية في هذا المجال، لعبت المفوضية دوراً رائداً في رفع مستوى الوعي حول تغير المناخ كمحرك للنزوح والحاجة إلى معالجة حماية النازحين في سياق الكوارث.

في عام 2018، أدت الأحوال المناخية القاسية كالجفاف في أفغانستان، والإعصار المداري غيتا في ساموا، والفيضانات التي ضربت الفلبين، إلى نشوء احتياجات إنسانية حادة. ووفقاً لمركز مراقبة النزوح الداخلي، تم تسجيل 18.8 مليون حالة نزوح داخلي جديد مرتبطة بالكوارث في عام 2017. تعتبر معظم حالات النزوح المرتبطة بالمخاطر الطبيعية وتأثيرات تغير المناخ داخلية، حيث يبقى المتأثرون داخل حدودهم الوطنية. ومع ذلك، يمكن أن يحدث النزوح عبر الحدود أيضاً، وقد يكون مرتبطاً بحالات من الصراع أو العنف.

في جميع الحالات، فإن لدى الأشخاص النازحين بسبب الكوارث احتياجات ومواطن ضعف يجب معالجتها. وغالباً ما يقيم الأشخاص النازحون لأسباب بعيدة عن الكوارث المرتبطة بالمخاطر الطبيعية - بما في ذلك اللاجئون وعديمو الجنسية والنازحون داخلياً - في مناطق "النقاط الساخنة" لتغير المناخ وقد يتعرضون لنزوح ثانوي. علاوة على ذلك، يمكن أن تمنع التأثيرات المماثلة على مناطقهم الأصلية من قدرتهم على العودة بأمان.

تلعب المفوضية دوراً رائداً في مجموعة الحماية العالمية لحماية ومساعدة الأشخاص الذين نزحوا قسراً داخل بلدانهم ولا يمكنهم العودة إلى ديارهم بأمان. عند طلب التدخل، يمكن نشر فرق الطوارئ وتقديم الدعم الملموس من حيث التسجيل والتوثيق ولم شمل الأسرة وتوفير المأوى والنظافة الأساسية والتغذية. كما أنه يتم دعوة المفوضية بشكل دائم إلى المجموعة التوجيهية لمنصة النزوح المتعلقة بالكوارث، وذلك متابعة لمبادرة نانسن بشأن النزوح المترتب عن الكوارث عبر الحدود. وتعتبر منصة منهاج النزوح المتعلقة بالكوارث مبادرة يقودها البلد وتركز على تنفيذ أجندة الحماية لمبادرة نانسن.

وقد طورت المفوضية "توجيهات مخططة للنقل" مع جامعة جورج تاون وشركاء آخرين لنقل السكان المعرضين للخطر وحمايتهم من الكوارث وآثار تغير المناخ مع احترام حقوق الإنسان الخاصة بهم. علاوة على ذلك، قدمت المفوضية الدعم التقني لعملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ منذ عام 2008، بما في ذلك من خلال الفريق الاستشاري المعني بالتنقل البشري وتغير المناخ، ومن خلال دورها كعضو في فريق العمل المعني بالنزوح، بتكليف من اللجنة التنفيذية لآلية وارسو الدولية المعنية بالخسائر والأضرار.

في عام 2018، لدى تنفيذ خطة العمل الخاصة بفريق العمل المعني بالنزوح، تم تكليف المفوضية بإجراء مسح حول الإرشادات والصكوك الدولية والإقليمية القائمة بشأن تجنب وتخفيض ومعالجة وتسهيل الحلول الدائمة للنزوح المتعلقة بالآثار الضارة لتغير المناخ وساهمت في تطوير توصيات للنهج المتكاملة لتجنب النزوح والحد منه ومعالجته والمرتبط بالآثار الضارة لتغير المناخ التي تم تقديمها في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2018 واعتمدتها الأطراف. ولا تزال المفوضية ملتزمة بمواصلة تقديم الدعم الفني للأطراف من أجل تنفيذ اتفاق باريس، والمشاركة بنشاط في فريق العمل المعني بالنزوح بموجب ولايتها المتجددة.

"لاجئو المناخ"؟

غالباً ما يستخدم مصطلح "لاجئو المناخ" في وسائل الإعلام وغيرها من المناقشات. ومع ذلك، يمكن أن تسبب هذه العبارة بعض اللغط، حيث أنها غير موجودة في القانون الدولي. ويُعرّف "اللاجئ" بأنه الشخص الذي عبر الحدود الدولية "بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة أو رأي سياسي" (اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين). وفي بعض السياقات، يشمل التعريف الأشخاص الفارين من "أحداث تخل بالنظام العام بشكل خطير" (اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969؛ إعلان كارتاخينا لعام 1984). يؤثر التغير المناخي على الأشخاص داخل بلدانهم، وعادة ما يؤدي إلى نزوح داخلي قبل أن يصل إلى المستوى الذي يؤدي فيه إلى نزوح الناس عبر الحدود. قد تكون هناك حالات يتم فيها تطبيق معايير اللاجئين الواردة في اتفاقية 1951 أو معايير اللاجئين الأوسع نطاقاً الواردة في الأطر الإقليمية لقانون اللاجئين. على سبيل المثال، إذا كانت المجاعة الناتجة عن الجفاف مرتبطة بحالات النزاع المسلح والعنف - وهي منطقة تعرف باسم "ديناميكيات العلاقة". وبصرف النظر عن ذلك، فإن مصطلح "لاجئو المناخ" لا تؤيده المفوضية، ومن الأدق الإشارة إلى "الأشخاص النازحين في سياق الكوارث وتغير المناخ".

"ديناميكيات العلاقة"

شهد التاريخ الحديث عبور تحركات بشرية عبر الحدود في الحالات التي تفاعل فيها الصراع أو العنف مع الكوارث أو الآثار الضارة لتغير المناخ. ومع ذلك، فإن البحوث المتعلقة بكيفية استخدام دول المقصد لقانون اللاجئين لتوفير الحماية الدولية في مثل هذه الحالات المعقدة كانت تقليدياً محدودة. ولمعالجة هذه الفجوة المعرفية وتحديد السياسات والحلول العملية لتعزيز تنفيذ الحماية الدولية المستندة إلى قانون اللاجئين عند حدوث تحركات عبر الحدود في سياق "ديناميكيات العلاقة"، أجرت المفوضية في عام 2018 دراسة بعنوان: الحماية الدولية في سياق ديناميكيات العلاقة بين الصراع أو العنف والكوارث أو تغير المناخ.

وتبحث الدراسة في الحماية التي يتم توفيرها للنازحين عبر الحدود من قبل بلدان المقصد في حالات محددة في القرن الإفريقي والأمريكتين، حيث تفاعل الصراع أو العنف مع تغير المناخ أو الكوارث. وتستند نتائج الدراسة إلى الاعتبارات القانونية للمفوضية الخاصة بحماية اللاجئين للأشخاص الفارين من النزاع والمجاعة، وتشير إلى أن أطر قانون اللاجئين يمكن أن تكون قابلة للتطبيق في الحالات التي توجد فيها ديناميكيات العلاقة. ومع ذلك ، لا تزال هناك ثغرات في البيانات والمعرفة في هذا المجال والتي تحتاج إلى معالجة.