التواصل المسموع: الراديو، مجموعات الاستماع وغيرها

بقلم توم كريتشلي، مدير المشروع، راديو الزعتري

تهدف هذه السلسلة من المدونات إلى تشجيع الأشخاص على إطلاق مشاريعهم الإنسانية الخاصة. ومن خلال مشاركتكم تجاربي الخاصة مع راديو الزعتري، آمل أن أستطيع إلهام أكبر عدد ممكن من الأشخاص للعمل وبدء مشاريعهم الابتكارية الخاصة. وكما يدل الاسم، فإن الأمر يتعلق بتأسيس محطة إذاعية يديرها اللاجئون في "قرية الزعتري" في الأردن، وبالتالي، فإن هذه المدونة ستلقي الضوء على ما يلزم لبث موجة "FM" وعلى الطرق الأخرى التي يمكن فيها لمشاريعنا الجماهيرية تبنّي التواصل المسموع. ما هي التجهيزات التي نحتاجها للبث الإذاعي؟ كيف نحصل على إذن للبث الإذاعي؟ وما هي الخيارات الأخرى المتوفرة لـ"تبني التواصل المسموع"؟ هذه هي الأسئلة التي سأجيب عليها بالترتيب والتي تتيح بدء مشاريع مماثلة.

ولكن، لمَ التواصل المسموع؟

قبل سفرنا إلى الأردن، أجرينا تقييماً لتحقيق أفضل فهم لأفضليات سكان "قرية الزعتري" المتأثرين بالحرب على صعيد التواصل. توصلنا إلى اكتشافين أساسيين ارتكزت عليهما الأهداف الرئيسية لمشروعنا، الأول هو أن الكثير من الأشخاص يستمتعون بالاستماع إلى الراديو للترفيه والتسلية، والثاني هو أن تقييمات الاحتياجات التي أجرتها المفوضية في السابق ألقت الضوء على الشح في المعلومات الذي يعاني منه اللاجئون. ولكن في حين أن الراديو اعتُبر قناة تواصل موثوقة بين مجتمعات اللاجئين، إلا أنه لم يكن مستعملاً كمصدر للمعلومات الموثوقة. وبالتالي، يشكل الراديو مصدراً قوياً وموثوقاً للمعلومات ولكن كان هناك نقص واضح في مصادر المعلومات المخصصة للزعتري. ومن خلال إنشاء راديو الزعتري، هدفنا لملء هذا النقص في المعلومات وبث معلومات مفيدة للاجئين وتوفير خدمة الترفيه لمستمعي الإذاعة ومقدمي البرامج الإذاعية.

بث موجة "FM"

يبدو البث الإذاعي مهمة صعبة مما يسبب عدم اهتمام بعض الأشخاص به. ولكن من ناحية التجهيزات، فإن أسعار المعدات الضرورية للبث الإذاعي منخفضة نسبياً وهي سهلة الاستخدام. وفي الواقع، فقد تمكنّا تقريباً من توضيب محطة إذاعية كاملة في حقيبتي سفر. ولكن، قبل أن تبدأ بشراء التجهيزات، يتعين عليك أن تضمن حصولك على الترخيص الضروري لبث موجة "FM". ويعني ذلك الاتصال بالسلطات والإدارات الحكومية المعنية. ولكي ننجز المشروع في الزعتري، أبرمنا شراكة مع "منظمة العمل من أجل التغيير الدولية" والتي قدمت لنا مساعدة قيمة في هذا الإطار. من خلال عقد شراكة مع منظمة تتمتع بخبرة محلية ولها علاقات مع البلديات المحلية، يمكن أن تكون هذه العملية سهلة وتجري بواسطة رسالة إلكترونية أو مكالمة فيديو. والأهم أن الإذن الصادر للبث يخضع لإجراءات صارمة عليك الامتثال لها. يمكن استخدام الراديو للخير كما للسوء وهو يفرض في السياق الإنساني مراعاة مجموعة فريدة من الاعتبارات الضرورية التي تضمن أن تكون البرامج مناسبة وتحقق الغرض المنشود منها. تحدد هذه التوجيهات عادة قطر البث وتمنع خروج المحتوى إلى مناطق يُحتمل أن تكون حساسة.

ويمكن العثور على التجهيزات المطلوبة للبث الإذاعي في أماكن مختلفة ولكن الشركات غالباً ما توفر "حزماً كاملة". ولكن في الواقع، ستكون التجهيزات التي ستحتاجها أقل و(أرخص) من ذلك بكثير وقد لا تتخطى 7 أشياء:

  1. هوائي
  2. سارية
  3. جهاز إرسال
  4. سماعات رأس
  5. مكبر صوت
  6. مولف صوت
  7. مايكروفون (كبلات)

يجب أن يكون استخدام هذه التجهيزات بسيطاً بما يكفي لأي شخص لا يجيد التعامل مع التكنولوجيا المعقدة، ولكن بحثاً بسيطاً على شبكة الإنترنت سيساعد في تفصيل طرق وتعليمات استخدامها بطريقة سهلة الفهم. لقد جمعنا معظم تجهيزاتنا قبل السفر إلى الأردن ولكن وددنا لو جمعنا تجهيزات أكثر شيوعاً من البلد الذي كنا نعمل فيه. لدى جمعنا الكبلات في اللحظة الأخيرة، التقينا بمسؤول تواصل سابق في المفوضية يدير متجراً للأدوات الإلكترونية في وسط العاصمة عمّان وساعدنا شراء السارية في الزعتري على إبقاء التعامل ضمن الاقتصاد المحلي.

تصميم البرامج الإذاعية

لقد وضعنا برنامجاً إذاعياً لم يعلّم اللاجئين كيفية استخدام التجهيزات الإذاعية ليصبحوا مسؤولي بث مستقبليين للمحطة فحسب، بل إنه وفّر التوجيه أيضاً بشأن أنواع البرامج الإذاعية التي يمكن بثها بناءً على تقارير تقييم الاحتياجات التي تنشرها المفوضية ووكالات الإغاثة المحلية وبشأن كيفية الامتثال للأمور التي وافقت عليها السلطات المحلية. وأشارت تقارير الاحتياجات إلى أن أكثر من 70% من الزيارات الطبية الأولية في منطقة الزعتري ناتجة عن أمراض معدية تنتقل من شخص إلى آخر بسبب رداءة الممارسات الصحية. ومن خلال الحملات الصحية المستهدفة، تهدف برامج راديو الزعتري إلى تغيير السلوكيات والتصرفات في مجال النظافة ضمن منطقة الزعتري وإلى نشر المعلومات المتعلقة بالأعراض المبكرة للمرض. وقد تم إعداد تمثيليات قصيرة للبث تهدف إلى التحقيق في المشاكل الصحية المنتشرة في الزعتري وتكون ترفيهية في الوقت نفسه. تمت كتابة هذه النصوص بناءً على "موجزات صحية" صدرت بعد ورش العمل التي نفذناها والتي أتاحت لنا تفحص مسألة الصحة بمزيد من التفصيل. ويهدف راديو الزعتري أيضاً إلى ردم ثغرة المعلومات من خلال نشر معلومات مهمة في ما يخص اللاجئين بما في ذلك الخدمات المقدمة لهم ضمن "قرية الزعتري" كبرامج التعليم المحلية للأطفال والبالغين. ونحن ملتزمون أيضاً بتشجيع تطوير الأعمال الفنية في "قرية الزعتري" مع تقديم خدمات الترفيه. وتركز البرامج على الموسيقى الحية والمسجلة مسبقاً من سوريا والأردن وعلى أشكال أخرى من التعبير الفني كالشعر والغناء. تم تصميم هذه البرامج الإذاعية بالتماشي مع أهداف مشروعنا ولكن ربما تكون البرامج الإذاعية غير المخططة هي التي أعطت أفضل النتائج. وقد توصلنا إلى أن وجود المايكروفونات وسماعات الرأس كان كافياً لإطلاق الحوار بين السوريين والأردنيين. وسرعان ما أصبح الراديو نقطة اتصال بين اللاجئين والمجتمعات المستضيفة وتم التواصل في ما بينهم مباشرةً على الهواء. والمغزى من ذلك هو أن الراديو ليس فقط وسيلة يبني من خلالها اللاجئون وأفراد المجتمع المستضيف العلاقات في ما بينهم بل ينفتحون من خلالها أيضاً على طرق جديدة يرغب الناس من خلالها في استخدام البنية التحتية الإذاعية.

ما وراء الراديو: مجموعات الاستماع وغير ذلك

في الواقع، يتخطى التواصل المسموع الاستجابات الإنسانية القائمة على الراديو؛ فهناك الكثير من الخيارات الأخرى المنخفضة التكلفة والتي لا تتطلب الدخول في إجراءات بيروقراطية للحصول على الترخيص للبث الإذاعي. ولكن في حال كنت ترغب في إطلاق مشروع إذاعي، فكّر في إمكانية البث عبر شبكة الإنترنت. لمشروعنا التالي في أنغولا، نحن نركز على البث المباشر على شبكة الإنترنت ليس فقط لنستهدف جمهوراً أصغر سناً وملماً بالتكنولوجيا، بل أيضاً ليكون الاستماع متاحاً في جميع أنحاء العالم لدعم نشر الموسيقى المحلية في بلدان أخرى. مع ذلك، فقد كانت نتائج مبادرات إنسانية أخرى قائمة على التواصل المسموع مثمرة بالقدر نفسه وخصوصاً مجموعات الاستماع.

كانت مجموعات الاستماع وسيلة فعالة لتلبية الدعوات المتزايدة لتحسين المساءلة تجاه السكان المتأثرين والتواصل مع المجتمعات واستخدام الآراء و"المراقبة في الوقت الحقيقي" والتقييم كطريقة لتحسين البرامج ونتائج المبادرات الإنسانية. في مجموعات الاستماع، يلتقي المشاركون بشكل منتظم في وقت محدد للاستماع إلى البرامج الإذاعية ومناقشة المشاكل والتحديات التي يواجهونها كطريقة لمراجعة وعي ومحتوى البرامج الموجهة إلى مجتمعهم. وقد تم تصميم محتوى وتوجه هذه الاجتماعات بما يتيح اكتساب فهم أفضل لاحتياجات المجتمع المتطورة في مجال المعلومات وللحصول على الآراء حول البرامج في سياق غير رسمي من أجل تشجيع التغيير الإيجابي والمساءلة. ومن شأن وضع برنامج شعبي إنساني يركز على مجموعات الاستماع، أن يعالج البيئة المتطورة لوضع اللجوء ويشجع بناء العلاقات والثقة ويساعد في تنمية شعور بالمشاركة المجتمعية وملكية البرامج الإنسانية.

ويمكن إقامة مجموعات الاستماع في الخارج، في المجتمعات التي تعيش في بلدان كالأردن، كما يمكن تصميمها لتنفيذها ضمن مناطق السكان المحليين للاجئين الذين تم نقلهم ضمن مجتمعك المحلي. وضمن مجموعات الاستماع، يُشجع المشاركون على أن يجروا مناقشة مفتوحة يتم تسجيلها واستخدامها ضمن مجموعات استماع تتضمن مشاركين مختلفين. ومن شأن إحضار مواد ذات فائدة إلى الموضوع العام الذي ترغب في مناقشته أن يطلق مناقشة أولية بين المجموعات. مثلاً، يمكن طرح المنشورات الموزعة في مخيمات اللاجئين والتي توفر معلومات عن الرضاعة الطبيعية في بداية المجموعة، تليها أسئلة بسيطة لإطلاق النقاش: هل المعلومات الموفرة في المنشور مفيدة لك؟ هل تعلمت شيئاً لتغيير كيفية معالجتك لهذه المسألة؟ ما هي المشاكل الأخرى التي تؤثر على مجتمعك والتي لم تتم معالجتها؟ كذلك، يمكن أن تبدأ المناقشات بأسئلة تركز على الخدمات الموفرة للاجئين في المملكة المتحدة وعلى كيفية تلقيها بين أفراد المجموعة. ويمكن مشاركة هذه الآراء مع مقدمي الخدمات ذوي الصلة لتوفير الإفادة بالرأي في الوقت الحقيقي وتعزيز التغيير الإيجابي وتحسين الاندماج ضمن المجتمع في المملكة المتحدة.

الإفادة بالرأي

ولكن هذه ليست سوى اقتراحات قائمة على تجربتي مع العمل الإنساني القائم على التواصل المسموع وأنا أقترح البحث في قصص ناجحة أخرى حول طرق اعتمد فيها الأشخاص التواصل المسموع! اطلع على المزيد من عمل المفوضية مع "المراسلين" في أنغولا و"بودا بودا توك توك" في أوغندا وتجاربنا في البث الإذاعي في الأردن.

آمل أن أكون قد ألهمتك لإطلاق مشروع إنساني قائم على التواصل المسموع وسهلت هذه الخطوة عليك! نود الاطلاع على تجاربك في اعتماد التواصل المسموع، وإن كانت لديك أي أسئلة، لا تتردد في الاتصال براديو الزعتري.

إذا أردت متابعة رحلتنا في راديو الزعتري، تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي:

نحن نبحث دائماً عن قصص وأفكار وآراء رائعة حول الابتكارات التي يقودها اللاجئون أو تترك أثراً عليهم. إذا كان لديكم واحدة لمشاركتها معنا، أرسلوا لنا رسالةً إلكترونيةً على  [email protected]

وإن كنتم ترغبون في إعادة نشر هذه المقالة على موقعكم الالكتروني، يُرجى الاطلاع على سياسة إعادة النشر الخاصة بنا.