إجلاء لاجئين جواً من ليبيا إلى النيجر
وصلت طائرة مستأجرة تحمل على متنها 132 لاجئاً وطالب لجوء إلى النيجر، مستأنفةً برنامج إجلاء منقذاً للحياة بعد تعليقه لمدة شهرين.
طرابلس، ليبيا- صعدت إيدن* وهي حامل على متن قارب عند الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط آملةً بالوصول إلى بر الأمان في أوروبا وخوفاً على حياتها. ولكن عندما انقلب القارب المكتظ قبالة الشاطئ، وجدت المرأة الإريترية البالغة من العمر 25 عاماً نفسها محتجزةً في ليبيا.
وبعد فترة احتجاز طوال أشهر في ظروف صعبة في مصراتة، كانت هي وطفلها الرضيع من بين 132 لاجئاً وطالب لجوء من الفئات الأشد ضعفاً، ممن تم نقلهم اليوم جواً من طرابلس إلى النيجر مع استئناف المفوضية لرحلات الإجلاء الجوية المنقذة للحياة بعدما توقفت لمدة شهرين.
وفي مطار في طرابلس، قالت إيدن التي بدا عليها التوتر نتيجة المشاعر المختلفة التي كانت تعيشها: "كنت آمل فقط بأن أصل إلى أوروبا ليرى طفلي الحياة في بلد يتمتع فيه بالحماية والأمان. واليوم استجاب الله لدعواتي".
بدأت المفوضية عمليات الإجلاء الطارئة في نوفمبر الماضي كجزء من الجهود الأوسع نطاقاً لمعالجة التحركات المعقدة للمهاجرين واللاجئين على طول طرقات البحر الأبض المتوسط التي يلتقي الكثير منها في ليبيا.
"يهدف هذا البرنامج إلى إنقاذ الأشخاص من الفئات الأشد ضعفاً من المزيد من الضرر"
يُحتجز العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء لفترات طويلة في ظروف قاسية في ليبيا. وفي الوقت الراهن، تقدر المفوضية بأن يكون هناك 5,700 شخص محتجزين في مراكز احتجاز رسمية، من بينهم 2,367 شخصاً ممن تعنى بهم المفوضية.
وقال فنسنت كوشتيل، المبعوث الخاص للمفوضية للوضع في منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط: "يعاني اللاجئون المحتجزون في ليبيا من ظروف قاسية تهدد حياتهم ورفاههم. ويهدف
هذا البرنامج إلى إنقاذ الأشخاص من الفئات الأشد ضعفاً من المزيد من الضرر".
وكانت هذه الرحلة التي غادرت طرابلس صباح يوم الخميس، التاسعة منذ بدء عمليات الإجلاء. وقد تم تعليق البرنامج في شهر مارس بعد مخاوف عبرت عنها حكومة النيجر بأن وتيرة المغادرة من البلاد لإعادة التوطين في بلدان أخرى لا تواكب وتيرة الوصول إلى النيجر.
ونظراً لإدراكها للظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون في الاحتجاز، تكرمت السلطات في نيامي بالموافقة على استئناف عمليات الإجلاء في شهر مايو موفرةً المزيد من الفرص لاستضافة اللاجئين الأشد ضعفاً من ليبيا.
وبالإضافة إلى إيدن، سافر سيمون، وهو إريتري يبلغ من العمر 38 عاماً إلى النيجر. وبصفته رجلاً عازباً، فقد واجه عدة مخاطر في طريقه إلى ليبيا، من بينها الاختطاف والعمل القسري.
وقال قبل أن يصعد إلى الطائرة: "صلى العديد من المحتجزين طوال أيام ليكونوا من بين الأشخاص الذين ستجليهم المفوضية لأنه أملنا الوحيد بأن يُطلق سراحنا. وأنا اليوم محظوظ لأنني من بين من تم اختيارهم ولأنني سأذهب إلى النيجر حيث أنا واثق من إيجاد العديد من الفرص".
هناك الآن حوالي 605,226 شخصاً ممن تعنى بهم المفوضية في ليبيا من بينهم 184,612 نازحاً داخلياً و368,583 عائداً و52,031 لاجئاً وطالب لجوء مسجلين.
"صلى العديد من المحتجزين طوال أيام ليكونوا من بين الأشخاص الذين ستجليهم المفوضية"
عمل فريق المفوضية في ليبيا على مدار الساعة من أجل تيسير هذه الرحلة. فقد زار فريق مراكز الاحتجاز المختلفة لتسجيل اللاجئين وتحديد الأشد ضعفاً من بينهم مثل إيدن وسيمون، وتواصل الفريق مع السلطات الليبية لضمان تجهيز تراخيص الخروج للأشخاص المختارين. وفي هذه الأثناء، أمَن فريق لوجستي الطائرة ونظّم عملية نقل اللاجئين من الاحتجاز في مصراتة عبر العديد من نقاط التفتيش وصولاً إلى طرابلس. كما عمل الموظفون على توفير البطانيات والمواد الأساسية الأخرى مثل الثياب والأحذية قبل السفر.
وكانت هذه المحاولة الثانية للطائرة المستأجرة من قبل المفوضية من أجل نقل اللاجئين وطالبي اللجوء جواً إلى خارج ليبيا، بعد أن تعين على الطائرة يوم الثلاثاء العودة إلى طرابلس بعد أن واجهت صعوبات تقنية مما اضطر اللاجئين وطالبي اللجوء لإمضاء ليلة أخرى في الاحتجاز.
وبعد الوصول إلى النيجر، ستحصل إيدن واللاجئون الآخرون الذين تم إجلاؤهم على فرصة أخرى لحلول طويلة الأجل، وهذه المرة في الظروف الآمنة التي كانوا يسعون للحصول عليها عندما غادروا بلدانهم الأصل.
عند وصول اللاجئين إلى نيامي، استقبلتهم المفوضية ونقلتهم إلى بيوت ضيافة مؤقتة. وبينما يتم السعي لإيجاد حلول لهم ومن بينها إعادة التوطين، سيحصلون على الطعام والدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الطبية وسوف يتمكنون من المشاركة في الأنشطة الترفيهية مثل الرياضة واللغة وصفوف الفن والموسيقى.
ومع استئناف عمليات الإجلاء من ليبيا إلى النيجر، تأمل المفوضية بأن يجد العديد من اللاجئين الآخرين الأمان ويحصلوا على فرصة جديدة مثل إيدن وسيمون.
*تم تغيير أسماء اللاجئين لأسباب تتعلق بالحماية.
(ساهم في التقرير لويز دونوفان في نيامي، النيجر)