المفوضية والشركاء يتصدون لمشكلة الاختطاف والاتجار بالبشر في أكبر مخيم للاجئين في العالم

تعمل المفوضية عن كثب مع سلطات بنغلاديش لحماية الفئات الضعيفة من اللاجئين الروهينغا من الاختطاف والاتجار بالبشر في مخيم كوتوبالونغ للاجئين.

أطفال من الروهينغا في مكان صديق للطفل في مخيم كوتوبالونغ للاجئين في يوليو 2019. يشكل الأطفال أكثر من نصف سكان المخيم، وهم أكثر عرضة للاتجار والاختطاف من البالغين.
© © UNHCR/Antoine Tardy

عندما اختطف محمد* ابن سارة، البالغ من العمر سبع سنوات من مخيم كوتوبالونغ للاجئين المترامي الأطراف في جنوب شرق بنغلاديش، انطلقت للبحث عنه مشياً على الأقدام.


تقول: "لم أتناول أي شي طوال ذلك الأسبوع. مشيت في كل ركن من أركان المخيم بحثاً عنه لدرجة أنني لم أعد أشعر بساقي".

إنه أكبر مخيم للاجئين في العالم، حيث يؤوي حوالي 900,000 لاجئ من الروهينغا عديمي الجنسية، فرت الغالبية العظمى منهم في أعقاب حملة عسكرية شنت ضدهم في ميانمار في أغسطس 2017.

تعتبر مخاطر الاختطاف والاتجار ضئيلة نسبياً ولكنها تحدث. فقد تدخلت المفوضية حتى الآن من هذا العام برفقة شركائها في أكثر من 170 حالة من حالات المفقودين والمختطفين في مخيمات اللاجئين، ولكن من المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير.

اللاجئون الروهينغا، وكذلك الأسر البنغلاديشية الفقيرة هم أيضاً عرضة للاتجار بالبشر، وينتهي المطاف بالعديد من ضحايا الاتجار بالعمل بالإكراه أو العمل بالسخرة أو الاستعباد المنزلي أو الاتجار بهم لأغراض الجنس.

بعد أن انتابها الرعب من أنها لن ترى محمد مرة أخرى، أبلغت سارة المفوضية عن اختفاء ابنها، لتشرع على الفور لمساعدتها.

"أتناول أي شي طوال ذلك الأسبوع. مشيت في كل ركن من أركان المخيم بحثاً عنه"

زار متطوعو التوعية المجتمعية الأسرة في المخيم المترامي الأطراف والمكون من مآوٍ مصنوعة من الخيزران والبلاستيك، وأبلغوا محامياً يعمل لدى منظمة شريكة للمفوضية، وهي "شركة المساعدة التقنية". وقد تم إبلاغ المسؤول الحكومي في بنغلاديش والمسؤول عن المخيم والاتصال بالشرطة. بحلول ذلك الوقت، كان قد مر على غياب محمد أربعة أيام.

كانت سارة على قناعة بأن اختفاء ابنها مرتبط بنزاع مع أسرة زوجها. فقد غادر أحمد* ولاية راخين في ميانمار على متن سفينة صيد في عام 2012 للبحث عن عمل في ماليزيا. كان يعمل مزارعاً في وطنه ولم يتمكن من إعالة أسرته بسبب القيود الحكومية على حرية الحركة والوصول إلى فرص العمل المأجور. يسعى للم الشمل مع أسرته لكنه يواجه صعوبات وليس بحوزته الوثائق اللازمة.

تعتقد سارة بأن أهل زوجها يشكون في أن لديها أموالاً وفرها أحمد وأرسلها لزوجته لرعاية ولديهما. وقالت للشرطة بأنهم أرهبوها واختطفوا ابنها الأصغر، محمد، في محاولة لابتزاز المال منها.

عندما كشفت للمحامي والشرطة عن شكوكها، قاموا على الفور باستجواب شقيق زوجها وغيرهم من أفراد الأسرة، ليتبين أخيراً أن محمد محتجز في منزل في مدينة كوكس بازار، الواقعة على بعد حوالي 90 دقيقة بالسيارة من مخيم كوتوبالونغ.

بعد ثلاثة أيام، وأثناء تفتيش المنزل، عثرت عليه الشرطة وهو مقيد، لكنه لم يصب بأذى، إلا أنه لم يأكل بشكل صحيح لعدة أيام. وما إن أطلق سراحه، باشر مسؤول دعم نفسي مع "شركة المساعدة التقنية" عن كثب مع محمد وعائلته لتقديم ما يلزم من المساعدة.

وقال مسؤول الدعم والذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "بدا وكأنه تعرض لصدمة شديدة ورفض أن يأكل. اتخذنا جميع الخطوات لمساعدته وتحدثنا مع عائلته. قمت بتدريب الأسرة على تقنيات لمساعدته على التعافي من الصدمة. وقد عاد الآن لحضور دروسه التعليمية وحالته في تحسن".

وقال مسؤول المخيم البنغلاديشي المعني بالقضية بأن السلطات تتعامل مع مجموعة واسعة من القضايا كل يوم، بما في ذلك العنف المنزلي والقائم على نوع الجنس وقضايا حماية الطفل والأطفال المفقودين: "النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للخطر. في أي حالة طارئة، يتعرض الأشخاص للصدمات ويستغل بعض الناس أكثر الأشخاص ضعفاً ويستفيدون من غير المتعلمين. لكن الجميع جزء لا يتجزأ من الاستجابة هنا. إنه من التحديات لكن التنسيق يعمل بشكل جيد".

ومن بين الأشخاص الـ 170 الذين أبلغت المفوضية عن اختفائهم حتى الآن هذا العام، تم حل 106 حالات بنجاح، بينما لا تزال 64 حالة معلقة. ومن المحتمل أن تكون هناك حالات كثيرة لا يتم الإبلاغ عنها في مقاطعة كوكس بازار، وهي واحدة من أفقر المناطق في بنغلاديش، حيث تتواجد شبكات الاتجار بالبشر منذ فترة طويلة قبل أن يبدأ التدفق الجماعي للاجئين الروهينغا قبل عامين.

"يستغل بعض الناس أكثر الأشخاص ضعفاً ويستفيدون من غير المتعلمين"

دعماً لحكومة بنغلاديش، وبالعمل عن كثب مع الشركاء، تحمل المفوضية على عاتقها مسؤولية ضمان سلامة اللاجئين الموجودين ضمن نطاق رعايتها. في سبتمبر، ساعدت المفوضية في إنشاء فريق عامل لمكافحة الاتجار بالبشر، وتشارك في قيادته المنظمة الدولية للهجرة، لتحديد حوادث الاتجار بالأشخاص وتحليلها ولتعزيز التنسيق.

وتعمل المفوضية أيضاً مع مختلف الشركاء لتقديم المشورة القانونية والتمثيل القانوني والوساطة وتنسيق عمليات الإنقاذ. كما يتم تنظيم حملات توعية داخل المجتمع لتعزيز حماية اللاجئين.

إن اتخاذ خطوات لحماية اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، من خلال ضمان تمتعهم بالحقوق القانونية والوصول إلى الإجراءات القانونية اللازمة، هو أحد الموضوعات التي سيتم تناولها في المنتدى العالمي للاجئين - وهو اجتماع رفيع المستوى يعقد يومي 17 و 18 ديسمبر في جنيف، ويجمع بين القطاع الخاص والمنظمات الإنسانية والإنمائية.

من جهته، فإن عبد الرحمن، وهو المحامي الذي عمل على إيجاد محمد وإطلاق سراحه، على قناعة بأن رفع مستوى الوعي حول الخدمات القانونية في المخيمات له تأثير إيجابي: "كان الوضع أسوأ من قبل، حيث كان هناك المزيد من حالات الاختطاف. لكنهم الآن يتعلمون الأمور القانونية تدريجياً وبأن هناك سبل قانونية يمكنهم استخدامها. يأتي المزيد من الأشخاص للحصول على الدعم القانوني وهذا يقلل من عدد حالات الاختطاف. يمكنك أن ترى التغيير في السلوك، وهو العامل الأكثر أهمية". كما تقدم المفوضية خدمة المراسلة في جميع أنحاء المخيمات.

بالنسبة إلى والدة محمد، فإن الإجراءات الفورية التي تتخذها السلطات المختلفة لضمان تعافي ابنها وعودته الآمنة تعني لها الكثير، حيث تقول بعدما توجهت بالشكر للمفوضية والمحامين والشرطة: "لقد أغمي علي عندما رأيته مرة أخرى من الألم والسعادة".

وتضيف سارة وهي تعانق ابنها: "لولاكم لما كنت عرفت أين ابني الآن. وأظن أنه كان من الممكن أن يبيعوه لأنه لم يكن لدي المال الذي طلبوه مني كفدية".

* تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية.