اتفاق وشيك بين المفوضية وحكومة الإمارات لتوفير الدعم للاجئين والمجتمعات المضيفة في أوغندا
تعهدت الإمارات بتقديم دعمٍ مالي يُقدر بحوالي خمسة ملايين دولار أمريكي، وذلك لمساعدة اللاجئين الذين تقطعت بهم السُبل في أوغندا.
كمبالا، أوغندا، 5 سبتمبر 2017 (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - تحولت أوغندا خلال وقتٍ وجيز من العام الماضى لتكون الدولة الأكثر استضافةً للاجئين في إفريقيا. وأضحت استراتجيتها القومية في استقبال ومعاملة اللاجئين، والتي تتضمن دمجهم ضمن خطط التنمية القومية للبلاد، مثالاً يُحتذى به على النطاق الدولي، إذ تعطي اللاجئين وطالبي اللجوء حقوقاً قَّلَ ما يوجد مثلُها، كحرية التنقل والعمل، وكذلك الإستفادة من خدمات الدولة الصحية والتعليمية وغيرهما، بالإضافة لمنحهم مساحات أراضٍ لِتُستَخدم في المأوى والزراعة.
وقد شكل التدفقُ المتواصل للاجئين من الدولِ المجاورةِ إلى أوغندا، خاصةً من دولة جنوبِ السودان الوليدة، مصدر قلقٍ للمجتمع الدولي، كما اجتذب في نفس الوقت اهتمام كبار الجهات المانحة نظراً للاحتياجات الانسانية المترتبة على تلك الأزمة، ولعل من أبرز تلك الجهات دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعهدت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، خلال مشاركتها في قمة التضامن مع اللاجئين التي أُقيمت في العاصمة كمبالا في شهر يونيو الماضي، بتقديم دعمٍ مالي يُقدر بحوالي خمسة ملايين دولار أمريكي، وذلك لمساعدة اللاجئين الذين تقطعت بهم السُبل في أوغندا، والذين تبددّت آمالُهم في العودةِ إلى بلادهم بسبب استمرار الحروبِ وانعدام الأمن والأمان.
وقد أرسلت حكومة الإمارات وفداً ضمَّ خبراء في مجال الدّعم الإنساني لزيارة مناطق اللاجئين في أروا شمالي أوغندا، ومعاينةِ وتقييمِ الأوضاعِ على أرض الواقع، كجزءٍ من متطلبات الموافقة على اقتراحٍ كانت قد تقدمت به المفوضية بإقامة مشاريع إنسانية تشمل تقديم معونات المأوى والمياه والتعليم لأكثر من نصف مليون من اللاجئين والسكان المحليّين المُستَضيفين، بتكلفةِ مِقدارُها أربعة ملايين دولار أمريكي. وقد شاهد الوفد عن كثب الطرقِ الوعرةٍ المؤدية إلى مخيم إمفيبىي للاجئين في أروا، والأطفال الذين يتحلون بالطموح والرغبة في التعليم وقد اكتظت بهم مقاعد الدراسة هناك، إضافة للنساءِ اللاتي فقدن أزواجهن وأصبحن يكافحن لوحدهن من أجل قوتِ يومِهن بعد أن هربن بأطفالهن من الموت. ومن المتوقع أن توقع دولةُ الإمارات العربية المتحدة والمفوضية على ذلك الإتفاق خلال أيام معدودات من الشهر الحالي.
وبالرغم من الكرمِ الذي أبداه المجتمعِ الأوغندي المستضيف للاجئين في منطقة أروا الذين يعيشون جنباً إلى جنب مع المواطنين، إلاّ أنّ البنية التحتية والموارد المحلية أضحت لا تكفي لتغطية احتياجات اللاجئين والمواطنين معاً في بلد يستضيف ما يقارب المليون ونصف من اللاجئين. فالمدارسُ، على سبيلِ المثال، باتت مكتظةً بالأطفال، وموارد المياه في مُجملها شحيحة ومحدودة، مما يتطلب إعادة تهيئة المرافق وتوسيع الخدمات حتى تستوعب الاحتياجات الماسّة والمتزايدة من قبل المستخدمين.
ومن المتوقع أن تعود المشاريع المذكورة بالنفع على أشخاص مثل واني، البالغ من العمر ستة عشر عاماً، والذي تمكن من النجاة بحياته بعدما هاجم مسلحون المدرسة التي كان يدرس فيها في مدينة ياي بجنوب السودان. وفقد واني الاتصال بوالدته لدى هروبه من المدرسة مباشرة مع بعض التلاميذ باتجاه الحدود الأوغندية. ويتحدث واني عن هذه التجربة قائلاً: "كانت تجربة مخيفة، حيث رأينا جُثثاً كثيرة من القتلى مُلقاة على الطريق خلال الرحلة التي استغرقت أسبوعين مشياً على الأقدام، اضطررنا خلالها للنوم في الغابات إلى أن وصلنا أخيراً إلى الحدود الأوغندية. لقد مات بعض الأطفال الذين كانوا معنا."
تهدُف المشاريعُ المدعومةُ من قبل الحكومة الإماراتية إلى تغطية بعض من الاحتياجات الضرورية السابقِ ذكرُها، من خلال تقديم مستلزمات المأوى للواصلين الجُدّد من اللاجئين وتشييد ست مدارس للتعليم الأساسي ودعم حفر آبار للمياه الصالحة للشرب وعملياتُ نقلِ للمياه بواسطة الشاحنات. ومن المُقَرر أن يبدأ العمل في هذه المشاريع خلال الربع الأخير من هذا العام في مخيم أمفيبى للاجئين في أروا. كما تُشارك مع الإمارات فى دعمِ تنفيذِ جزءٍ من هذه المشاريع كُل من وزارة التنمية الدولية البريطانية وحكومة ألمانيا ومكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية.
غمرت السعادة واني حينما علم بأنه مدارس جديدة سوف تُنشأُ في مخيم إمفيبى، حيثُ أنه يقطع مسافة طويلة للوصول إلى مدرسته الحالية المزدحمة أصلاً بعدد كبير من التلاميذ. وقد تم استقبال وتسجيل واني ومن معه من الأطفال في مركز الاستقبال في إمفيبى، وتمت إحالته ليعيش فى دارٍ لرعاية الأيتام مع أطفالٍ آخرين، ويقول: "رُبما أستطيع الانتقال للدراسة فى إحدى المداراس الجديدة الأقرب إلى مكان بيتنا. أريدُ أن أواصل تعليمي لأصبح شخصاً مهماً عندما أكبر."
تأتي أهميةُ الدعّم الإماراتي من كونه يُساهمُ فى تنفيذ إطار الاستجابة الشاملة للاجئين، والذي دعا إليه إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين، بهدف تحسين أوضاع اللاجئين والمجتمعات المضيفة في كافة أنحاء العالم.
ومن الممكن أن تُحل عُقدة المياه أيضاً بالنسبة إلى واني ومن معه من الأطفال بعد قيامِ المشاريع المذكورة، ذلك لأنهم يواجهون صعوبات في الحصول على احتياجاتهم اليومية منها. "يقول واني: نحن نعتمدُ حالياً على شاحنات نقل المياه التي تتأخر علينا في معظم الأحيان، فيصبح الوضع صعباً للغاية."
يتمنى واني أن يعود إلى وطنه يوماً ما لإعادة البناء ومساعدة الآخرين والدعوة إلى السلام. وإلى أن يتحقق ذلك، يبقى لاجئاً يتيماً في أوغندا، ويصارع من أجل العيش الكريم، ويحلمُ بمستقبلٍ مُشرق وناجح.