“كان الأمر يشبه الكابوس بأن أرى حفيدي دون هوية”

حال عبدالله هو حال الآلاف من الأطفال الذين ولدوا خلال الأزمة في سوريا، ولم تتمكن أسرهم من تسجيل ولاداتهم رسمياً، وباتوا أطفال بلا وثائق.

بقلم: فيفيان طعمة | 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019

منذ وفاة ابنها وزوجته والشغل الشاغل لوفيقة هو إثبات نسب حفيدها عبدالله ابن الأربع سنوات وتسجيله بشكل رسمي في أمانة السجل المدني، فهو إلى وقت قريب لم يكن يملك أية أوراق تثبت هويته. تقول الجدّة وفيقة، 64 عاماً: “كان الأمر يشبه الكابوس! أعلم أنه حفيدي، وأنه ابن ابني، لكني لا أملك أي وثيقة تثبت ذلك.”

 حال عبدالله هو حال الآلاف من الأطفال الذين ولدوا خلال الأزمة في سوريا، ولم تتمكن  أسرهم من تسجيل ولاداتهم رسمياً، وباتوا أطفال بلا وثائق.

 

009

011

002

 

إن التبعات المترتبة على هذا الأمر في غاية الخطورة، فهؤلاء الأطفال سيحرمون من حقوقهم الأساسية، فلن يكون لديهم أية وثيقة تثبت هويتهم، ولا يمكنهم التسجيل في المدارس، ولا يمكنهم الحصول على اللقاحات والخدمات الصحية، ولا يمكنهم الزواج في المستقبل، أو السفر أو حتى الحصول على رخصة قيادة.

في عام 2014، اضُطر الشّاب علاء ابن وفيقة والشّابة سلام إلى عقد قرانهما عند شيخ من بلدتهم سقبا، وهو زواج عرفي جرى خارج المحكمة، إذ لم يكن بمقدورهما تسجيل واقعة الزواج رسمياً، وذلك بسبب توقف الدوائر الرسمية والمحكمة في بلدة سقبا عن العمل خلال فترة الأزمة في الغوطة الشرقية، وفي شهر أيلول من عام 2015 أنجب الزوجان طفلهما عبدالله ولم يتمكنا أيضا من تسجيله لذات السبب.

شائت الأقدار وتوفي الزوجان في عام 2018 قبل أن يقوما بتثبيت زواجهما وتثبيت ولادة طفلهما عبدالله، وبقي الطفل عبدالله ابن الأربعة أعوام وحيداً، ولا يملك أي وثيقة تثبت نسبه وهويته.

بعد وفاة ابنها وزوجته حاولت الجدة وفيقة إثبات نسب حفيدها عبدالله أمام المحاكم ولكن جميع محاولاتها بائت بالفشل لعدم امتلاكها أية وثائق تساعدها على تثبيت نسب حفيدها عبدالله أمام المحاكم، إلى جانب عدم قدرتها على تحمل النفقات المتعلقة بالتقاضي أمام المحاكم، إذ تصل نفقات دعوى تثبيت الزواج أمام المحكمة المختصة إلى 150 ألف ليرة سورية، ما يعادل حوالي 350 دولار أمريكي، ومثلها أيضاً نفقات دعوى تثبيت النسب.

سمعت وفيقة عن برنامج الدعم القانوني والمساعدات القانونية التي يقدمها أحد شركاء المفوضية الهلال الأحمر العربي السوري للأشخاص المهجرين من مختلف المناطق، وعلى الفور توجهت إلى مركز للهلال الأحمر في دمشق وطلبت المساعدة.

باشر أحد محامي الهلال الأحمر العربي السوري بتمثيل أسرة عبدالله أمام المحكمة وأمانة السجل المدني المختصة، وعين نفسه وصياً ليتابع الإجراءات القانونية لتثبيت زواج الوالدين المتوفيين رسمياً، ومن ثم ليتمكن من تسجيل نسب الطفل عبدالله.

رفعت دعوى تثبيت زواج ونسب أمام المحكمة الشرعية بريف دمشق بصفتي وصياً شرعياً مؤقتاً عن الطفل القاصر عبدالله

رفعت دعوى تثبيت زواج ونسب أمام المحكمة الشرعية بريف دمشق بصفتي وصياً شرعياً مؤقتاً عن الطفل القاصر عبدالله“، يقول المحامي مازن ديبة.

في شهر حزيران/يوليو من هذا العام تمكّن المحامي من تثبيت نسب عبدالله وتسجيله في قيود السجل المدني حيث تم منحه بيان ولادة.

تقول الجدة: “فرحت كثيراً، الآن أصبح لعبدالله أوراق شخصية، وأصبح بإمكانه الحصول على حقوقه مثل أي طفل آخر له كرامة.”

فرحت كثيراً، الآن أصبح لعبدالله أوراق شخصية، وأصبح بإمكانه الحصول على حقوقه مثل أي طفل آخر له كرامة.”

يمتلك عبدالله الآن وثيقة رسمية تثبت هويته وتمكّنه من الالتحاق بالمدرسة، ولكن جدَّته وفيقة لا تزال تتابع القضية بالتعاون مع محامي الهلال الأحمر لتمكين عبدالله من الحصول على دفتر عائلة.

على الرغم من أنه لا يمكنها تدبير نفقات المعيشة ورغم أنها تعتمد على المساعدات الإنسانية بشكل تام لتدبير شؤون الحياة اليومية إلا أنها لا تزال تعيش على أمل أن تتمكن من الوقوف إلى جانب حفيدها إلى أن يكبر، تقول: “أدعو الله أن يعطيني المقدرة على تربية عبدالله حتى أراه شاباً يمكنه الاعتماد على نفسه.

أدعو الله أن يعطيني المقدرة على تربية عبدالله حتى أراه شاباً يمكنه الاعتماد على نفسه.

تتابع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العمل مع شركائها في المجال القانوني “الهلال الأحمر العربي السوري والأمانة السورية للتنمية” لتقديم المساعدات والاستشارات القانونية للسوريين ليتمكنوا من تسجيل الزيجات والولادات والواقعات الأخرى التي لم يجري تسجيلها خلال فترة الأزمة في سوريا، وبالتالي الحصول على الوثائق الشخصية ذات الصلة، بالإضافة إلى البطاقات الشخصية والأسرية .

ووفقاً لإحصائيات شركاء المفوضية فقد نتج عن التدخل القانوني المباشر لمحاميي الشركاء المنفذين لمشروع الدعم القانوني مساعدة 3664 شخص على تثبيت واقعة الزواج، وتسجيل 5090 طفل بشكل رسمي، إضافة لذلك فقد تمكن 6770  شخص من الحصول على البطاقات الشخصية و3111 شخص من الحصول على البطاقات العائلية وذلك حتى نهاية شهر أيلول 2019.