مدينة بولندية تصنع "نموذجاً" لإدماج اللاجئين
رحبت مدينة غدانسك بالمهاجرين واللاجئين ترحيباً حاراً.
جاسيك كارنوسكي، رئيس بلدية سوبوت، التي استعدت لاستقبال المزيد من اللاجئين والمهاجرين.
© UNHCR/Rafal Kostrzynski
كانت مدينة غدانسك الساحلية إحدى أبرز المدن في نضالها من أجل التحرر من الشيوعية في بولندا، وهي الآن تظهر نوعاً جديداً من التضامن مع المهاجرين واللاجئين.
يقول باول أداموويكز وهو رئيس بلدية غدانسك والذي صنع بالتعاون مع فريق من العمل "نموذجاً لإدماج المهاجرين" حيث يُستخدم الآن في مدن بولندية أخرى: "بالنسبة لي، الأمر كله مرتبط بالجانب الأخلاقي".
ويضيف: "والأهم هو قيمنا المسيحية وواجبنا الإنساني بمساعدة الآخرين. شعرت بأنه يتعين علينا أن نكون أول الداعمين لهم".
على الرغم من أن بولندا حذرة بشكل عام من اللاجئين، إلا أن رئيس البلدية، أداموويكز، أطلق نموذج غدانسك بعد الاجتماع بالبابا فرنسيس عام 2016: "دعاني البابا إلى جانب رؤساء بلديات أخرى من مدن أوروبية. إنها المرة الأولى التي حصلت فيها على مثل هذه الفرصة لإمضاء يومين كاملين في الاستماع لعدة قصص من عدة أجزاء في أوروبا. كانت مصدراً إضافياً للطاقة والتحفيز الجيد".
"شعرت بأنه يتعين علينا أن نكون أول الداعمين لهم"
نموذج غدانسك هو برنامج شامل لمساعدة اللاجئين والمهاجرين في الاندماج، وهو يدعو الأفراد والمؤسسات في كافة المجالات، بدءاً من التعليم والثقافة وصولاً إلى العمل والصحة، لإدماج اللاجئين بشكل ناشط. وهناك مجلس استشاري يتألف من 13 ممثلاً مهاجراً من ضمنهم لاجئَين اثنين، يبقي رئيس البلدية مطلعاً على المسائل الخاصة باللاجئين.
يبلغ عدد سكان غدانسك 460,000 شخص وهي تستضيف حوالي 25,000 لاجئ ومهاجر، معظمهم من مناطق من الاتحاد السوفيتي السابق مثل الشيشان وأوكرانيا لكن هناك أيضاً لاجئون من رواندا وسوريا.
انتقلت زبيدة سورخايف من الشيشان وابنها مهدي البالغ من العمر 14 عاماً مؤخراً إلى شقة جديدة بمساعدة المدينة.
يقول مهدي بفخر: "هذه غرفة نومي. سأعلق غيتاري على الحائط وسأشتري طاولة للكمبيوتر وأضع بعض الرفوف للكتب".
في مركز التضامن الأوروبي في المدينة والمليء بصور للسياسي البولندي و"قائد التضامن" ليش فاليسا وهو يقود إضراب عمال حوض السفن في الثمانينيات، تدرس ماريانا زوبكو، والتي فرت من الحرب في شرق أوكرانيا، اللغة البولندية في صف مسائي للأجانب.
تقول: "هناك بعض التشابه بين اللغات البولندية والروسية والأوكرانية وهذا يساعدني قليلاً."
صفوف اللغة هي أيضاً عنصر من برنامج دعم الأجانب المعتمد في مدينة سوبوت على بحر البلطيق المجاورة.
يقول جاسيك كارنوسكي، رئيس بلدية سوبوت التي تستضيف بضع مئات من المهاجرين واللاجئين والمستعدة لاستقبال المزيد: "نحن منفصلون عن غدانسك ولكننا نتبادل الخبرات."
يقول: "نتمتع بقدر كبير من الحرية المحلية ولكن لا يمكننا أن نحقق ذلك إلا بفضل القانون. مثلاً، قد نرغب بدعوة سوريين للإقامة مؤقتاً للحصول على العلاج الطبي ولكن القرار الأخير هو عند الحدود. لا شك في أنه من الأفضل أن تتعاون الحكومة المحلية والوطنية".
"يتعين على رؤساء البلدية الاضطلاع بدور قيادي رئيسي"
غدانسك وسوبوت مستعدتان لاستقبال عدد أكبر من اللاجئين إن وافقت بولندا مثلاً على أخذ حصتها في الاتحاد الأوروبي وهي أكثر من 6,000 طالب لجوء لنقلهم من اليونان وإيطاليا. في عام 2015، تعهدت بولندا أيضاً بإعادة توطين 900 لاجئ من الفئات الأشد ضعفاً من دول مثل لبنان والأردن. يبلغ عدد سكان بولندا 40 مليون نسمة.
يقول أداموويكز، رئيس بلدية غدانسك الذي استلم رسائل كراهية لدعمه للاجئين والذي لم يحصل على تمويل إضافي من الحكومة المركزية بأنها: "سياستنا ومسؤوليتنا وخطرنا."
ولكنه يؤمن بأن فوائد الانفتاح واضحة: "إنها ليست خسارة بل ربحاً لأننا نكسب مواهب ومهارات ولغات جديدة، وعقلية جديدة."
يقول مساعد المفوض السامي المعني بشؤون الحماية فولكر تورك بأن نموذج غدانسك هو مثال بارز يبين كيف يمكن لقادة محليين أن يدعموا ويشجعوا الاندماج من أجل مواجهة الشعبوية وكراهية الأجانب.
ويقول تورك الذي يقود عملية تطوير مخطط جديد لإدارة حالات اللاجئين حول العالم يُعرف بالميثاق العالمي بشأن اللاجئين: "غالباً ما يذهب اللاجئون إلى مدن متعددة الثقافات، تمثل نماذج مصغرة عن عالم كبير. هناك عدد كبير من المدن التي تستضيف اللاجئين والتي يمكن أن تتعلم من بعضها ومن المشجع جداً أن نرى أن نموذج غدانسك يتم اعتماده من قبل مدن أخرى. يتعين على رؤساء البلدية الاضطلاع بدور قيادي رئيسي بينما نسعى لإطلاق استجابة شاملة وقوية لأوضاع اللاجئين حول العالم."
سيظهر مدى تأييد السكان لسياسة رئيس البلدية أداموويكز في الاقتراع هذا العام. في الواقع، وقبل أن يترشح للانتخابات مجدداً يتعين عليه أن يخضع لعملية إعادة اختيار من حزب المنصة المدنية وسيترشح أيضاً جاروسلاف فاليسا، عضو البرلمان الأوروبي وهو ابن ليش فاليسا.
تقول مارتا سيسياريك التي عملت، بصفتها رئيسة مركز دعم الهجرة في غدانسك، عن كثب مع دار البلدية على نموذج الاندماج بأنها ترغب بالعمل مع أي شخص يخلفه: "نحن نؤمن بأن نموذجنا مفيد للجميع. الأمور تسير ومن الصعب أن نتوقف".