نقص التمويل الحاد يعرقل المساعدات المقدمة للكونغوليين
مع تأثر مساحات شاسعة من المنطقة الشرقية لجمهورية الكونغو الديمقراطية بالعنف والنزوح، يعيق نقص الموارد استجابة المفوضية
غوما، جمهورية الكونغو الديمقراطية- عندما هاجم المسلحون قريتهم في منطقة بيني في مقاطعة كيفو الشمالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية في شهر أكتوبر الماضي، لم تفكر أنييس، البالغة من العمر 42 عاماً، إلا في إيصال أبنائها الستة إلى بر الأمان.
وتذكرت قائلةً: "لقد أتى المسلحون إلى قرية كامامبيا في الليل. كانت إحدى بناتي قد فرت مسبقاً مع شقيقتها، وفرت سيراً على الأقدام مع أبنائي الأربعة الآخرين. نمنا في الغابة على الأرض وكان الأمر مخيفاً جداً".
يستمر عدد النازحين في الارتفاع في منطقة بيني الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية لجمهورية الكونغو الديمقراطية مع أوغندا، وذلك بسبب العدد الكبير للهجمات الدامية التي تشنها المجموعات المسلحة على المدنيين.
في مقاطعة كيفو الشمالية، يقدر بأن يكون أكثر من نصف مليون شخص قد فروا من منازلهم في هذا العام وحده مما تسبب في حدوث أعلى نسبة من النازحين داخلياً في هذا البلد الإفريقي المتأثر بالصراع والإيبولا.
غادر عشرات الآلاف في بيني والمناطق المحيطة منازلهم بحثاً عن الأمان، ولا يزال العدد بارتفاع. في الوقت نفسه، لا يملك الكثيرون من الأشخاص الذين نزحوا منذ ما يقارب العام كأنييس مكاناً مناسباً للعيش.
"لا أعرف كيف أربي أطفالي بينما نعيش في هذا الوضع"
نظراً لعدم قدرتهن على العودة إلى المنزل بسبب أعمال العنف الجارية، تمضي أنييس وبناتها كل ليلة جالسات القرفصاء في مدرسة في بلدة أويشا إلى جانب عشرات العائلات النازحة الأخرى.
وشرحت أنييس قائلةً: "علينا أن نأخذ أمتعتنا كل صباح ونغادر المكان عند بدء الصفوف ونبقى من دون مأوى حتى وإن كان المطر يتساقط. لا يمكننا الحصول على الحطب للتدفئة ولا على المياه النظيفة. لا أعرف كيف أربي أطفالي بينما نعيش في هذا الوضع. من المستحيل العيش هكذا".
في هذه البلاد الشاسعة، تقوم المفوضية بما في وسعها لمساعدة العائلات من الفئات الأشد ضعفاً من خلال مشاريع المآوي والمنح النقدية الصغيرة والمراقبة في مجال الحماية والدعم للناجين من انتهاكات حقوق الإنسان. وسيتم نقل أنييس وعائلتها قريباً إلى حجرة عائلية في مأوى جماعي أنشأته المفوضية.
ولكنهم من المحظوظين القلائل حيث أن جهود الإغاثة التي تبذلها المفوضية مقيدة بشدة بسبب المستويات الحادة من نقص التمويل. وحتى الآن، تلقت المفوضية فقط 31% من التمويل الذي تبلغ قيمته 369 مليون دولار أميركي المطلوب للاستجابة للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقراطية وللاجئين الكونغوليين في بلدان إفريقية مستضيفة أخرى هذا العام.
"التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو نقص الموارد"
نتيجة لذلك، أصبح الوضع الكونغولي أحد أسوء أزمات اللجوء والنزوح الست التي تأثرت عالمياً بنقص التمويل الذي تعاني منه المفوضية في الوقت الراهن، وذلك وفقاً لإحصائيات جديدة صدرت اليوم.
وقالت آن أنكونتر، وهي الممثلة الإقليمية للمفوضية والمنسقة الإقليمية للاجئين للوضع الكونغولي في العاصمة كينشاسا: "العمل في جمهورية الكونغو الديمقراطية يطرح تحديات كثيرة. يتعين علينا العمل في مناطق حرب ومناطق خاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة. وتفتقر مناطق عديدة للطرقات. مع ذلك، نجد طرقاً للوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون لمساعدتنا".
وأضافت قائلةً: "ولكن التحدي الأكبر الذي نواجهه هو نقص الموارد. كان بإمكان موظفينا المتفانين القيام بأكثر من ذلك بكثير لدعم هؤلاء النازحين جراء الصراع لو كان هناك المزيد من الموارد".
نتيجةً لذلك، يتعين على المفوضية القيام بخيارات صعبة نتيجتها عدم حصول الأشخاص الأكثر حاجة على المساعدة الضرورية.
"كل ما أريده هو أن تنتهي الحرب"
تحصل عائلة واحدة من أصل 11 عائلة من الأشد ضعفاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية حالياً على المساعدة في مجال المأوى وذلك وفقاً لتحليل يشمل الأشهر التسعة الأولى من هذا العام. ويُجبر الأشخاص الذين يعيشون في مآوٍ مؤقتة أو مع عائلات مستضيفة في أماكن مكتظة على إعالة أنفسهم.
ومن بين هؤلاء الأشخاص، بالوكو البالغ من العمر 38 عاماً والذي فر من منزله في كيهارو في ضواحي مدينة بيني منذ 5 أشهر عندما اندلعت أعمال العنف فجأة في إحدى الليالي. يعيش الآن مع 80 شخصاً آخر في قطعة أرض في قسم آخر من المدينة تملكها مواطنة محلية تدعى جان وتبلغ من العمر 40 عاماً.
يقول بالوكو: "أتى المسلحون وهاجموا رجلين مسنين بالسواطير في إحدى الليالي في كيهارو. فر جميع سكان الحي إلى أماكن أخرى في المدينة ولا يزال منزلي هناك ولكن العودة خطيرة جداً. لذا، فنحن سنبقى في أرض جان التي تستضيفنا بلطف".
وأضاف قائلاً: "سأكون أسعد شخص في العالم إذا تمكنت من العودة. طالما أننا نتمتع بالسلام، سنتمكن من التعامل مع أي مشكلة أخرى. كل ما أريده هو أن تنتهي الحرب".