لاجئون أفغان يشاركون آمالهم ومخاوفهم مع المفوض السامي ومنسق الإغاثة الطارئة
خلال زيارة إلى باكستان، دعا المفوض السامي فيليبو غراندي ومنسق الإغاثة الطارئة مارك لوكوك إلى تعزيز الاستثمارات في المناطق المستضيفة للاجئين وسلطا الضوء على الحاجة إلى تعزيز الاستقرار في أفغانستان.
أنهى المفوض السامي فيليبو غراندي زيارة إلى باكستان برفقة منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة مارك لوكوك لتسليط الضوء على وضع اللاجئين الأفغان والاعتراف بسخاء باكستان واستنباط الحلول التي قد تساعد ملايين اللاجئين الأفغان على العودة طوعاً إلى بلادهم.
وتستضيف باكستان 1.4 مليون لاجئ أفغاني، من بينهم 74% من الجيل الثاني أو الثالث أي أنهم ولدوا في باكستان أو أنهم أبناء لاجئين ولدوا هناك.
وخلال اجتماع مع رئيس الوزراء عمران خان، أعرب غراندي ولوكوك عن امتنانهما للشعب والحكومة الباكستانية لاستضافتها السخية لأحد أكبر تجمعات اللاجئين في العالم لحوالي 40 عاماً. وبدوره أكد خان التزام حكومته بضمان بقاء عودة اللاجئين طواعية.
وقال غراندي: "استضافت باكستان ملايين اللاجئين الأفغان لحوالي 4 عقود وتعتبر حالة اللجوء الأفغانية أحد أطول أوضاع اللاجئين أمداً في العالم" مشيراً إلى أن الوضع الأمني في بلادهم هو مصدر القلق الرئيسي لغالبية اللاجئين ويمنع عودتهم الطوعية. وقد بدأ غراندي مع لوكوك زيارتهما المشتركة إلى أفغانستان وتمكنا من نقل انطباعاتهما للاجئين بأن سياسات الحكومة هناك ستحسن، في حال تنفيذها، البنى التحتية وتستقطب الاستثمارات والدعم الإنمائي وتسمح بتخصيص الأراضي للاجئين العائدين.
في هذه الأثناء شدد غراندي ولوكوك على ضرورة قيام المجتمع الدولي بتقديم دعم أكبر للمناطق غير المستقرة والمجتمعات التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين في باكستان. وقال لوكوك: "هناك فرصة كبيرة لمساعدة الأشخاص في المقاطعات القبلية في تحسين حياتهم. يجب على المجتمع الدولي القيام بكل ما في وسعه لدعم الحكومة في ذلك".
وأمضى المفوض السامي وقتاً في الاستماع لمخاوف اللاجئين في إسلام آباد وفي مركز العودة الطوعية التابع للمفوضية في بيشاور حيث التقى باللاجئين الذين اتخذوا القرار الصعب بالعودة. ويوفر لهم المركز المساعدة لإلغاء تسجيلهم كلاجئين والحصول على وثائق تسمح لهم بالعودة والحصول على منحة نقدية بقيمة 200 دولار أميركي للنقل والمأوى والطعام عند وصولهم إلى أفغانستان.
حتى الآن من هذا العام، سهلت المفوضية العودة الطوعية لحوالي 10,000 لاجئ أفغاني ومن بينهم بعض العائلات التي عاشت في باكستان حوالي 40 عاماً. وبسبب الوضع الأمني المتدهور في أفغانستان، تراجع عدد اللاجئين الذين يختارون العودة هذا العام ولا يزال ضئيلاً مقارنةً باللاجئين الذين لا يزالون في باكستان والبالغ عددهم 1.4 مليون شخص.
روى مولان بيردي للمفوض السامي كيفية فراره في أفغانستان عند الغزو السوفييتي في عام 1979، وقال: "أشعر بالمرض في عيني وجسمي وأريد العودة إلى أفغانستان". عاد أفراد عائلته وهو يستعد للعودة إلى مقاطعة فارياب الأفغانية مع ابنه الذي يأمل بإيجاد عمل هناك كعامل. يأمل مولان بأن تتم إعادة بناء أفغانستان وأن يعود السلام والأمن ويكون المستقبل أفضل.
قرر عبدول وشادية راضي العودة إلى أفغانستان مع بناتهما الأربع اللواتي ولدن في باكستان. وشرح عبدول قائلاً: "أنا سعيد جداً بالعودة إلى أفغانستان لأننا سنعود إلى بلادنا. تم قبول بناتي في المدرسة. أنا غير متعلم لذا فأنا أعرف قيمة التعليم وأريد أن تحصل بناتي عليه".
يخطط خان محمد، وهو مسن أفغاني آخر يبلغ من العمر 85 عاماً، للعودة إلى بلاده بعد عدة أعوام في باكستان. قال بأنه يريد العيش مع أقاربه في أفغانستان ويعتقد أنهم سيحصلون على الأساسيات لتدبر أمورهم. وقال ابنه سورخورد محمد بأن القرار كان صعباً، وأضاف: "ليس من السهل العودة إلى الوطن. سنشتاق إلى باكستان، فقد ولدنا هنا".
وقال عبد المعروف لغراندي بأنه عاش مع زوجته في باكستان لمدة 34 عاماً وأن أطفاله كلهم ولدوا فيها: "فررت من الحرب عندما كان عمري 10 أعوام هرباً من القتال. أما الآن فقد أصبح الوضع أكثر أماناً في أفغانستان. نحن حزينون لمغادرة باكستان ولكننا سعداء بالعودة. سيكون هناك صعوبات ولكنها التضحية التي نريد أن نقدمها للعودة".
وفي مؤتمر صحفي مشترك في مركز العودة الطوعية، شدد غراندي على أن العودة إلى أفغانستان يجب أن تكون طوعية، مضيفاً أن "باكستان لم تجبر يوماً الناس على العودة وأنا ممتن لذلك. ولكن علينا إيجاد الظروف المناسبة للعودة". ودعا المجتمع الدولي لتوفير المزيد من الموارد والأهم من ذلك، المزيد من الاهتمام السياسي لمساعدة الأفغانيين في إعادة السلام إلى بلادهم.
وقال غراندي مشدداً على أن الحل هو في تحسين الوضع الأمني في أفغانستان: "نحن مدينون للشباب الأفغان بدعمهم للعودة وإعادة بناء أفغانستان لتصبح بلداً سلمياً ومزدهراً. علينا أن نحل مشكلة العنف. علينا أن نأمل بفترة أكثر استقراراً وأن نستثمر في أفغانستان. التقيت بلاجئين شباب هنا والكثيرون منهم يريدون العودة ولكنهم يشعرون بالخوف. يعرفون أن الحرب تسبب الفقر ونقص الوظائف وضعف المهارات".
وقال لوكوك: "علينا أن نروي هذه القصص للعالم ونذكر الناس بأن هناك فرصة للتقدم وإيجاد الحلول. علينا أن نقوم بما هو أكثر من معالجة الأعراض فقط. وإن تحلينا بالصبر فيمكننا أن نحرز التقدم".
وانضمت الممثلة الباكستانية مهيرة خان إلى غراندي ولوكوك في المركز وهي من الداعمين للمفوضية وللاجئين الأفغان في باكستان. وقالت خان التي تنوي العمل على تلبية احتياجات الشباب: "لقد تعلمت الكثير وسمعت قصصاً حزينة وقصصاً مليئة بالأمل والشجاعة. ويشرفني العمل مع المفوضية لتسليط الضوء على وضع اللاجئين الأفغان في باكستان ونصفهم من الأطفال".
يشكل الشباب ثلثي اللاجئين الأفغان في باكستان وقد شدد غراندي على أهمية توفير التعليم والتدريب على المهارات من أجل تمكين اللاجئين الشباب من المساهمة في مجتمعاتهم المستضيفة في باكستان وفي إعادة بناء بلادهم عند عودتهم إلى أفغانستان.
وزار غراندي المعهد الفني للتدريب على البناء في إسلام آباد حيث سجلت المفوضية 40 طالباً بينهم 15 لاجئاً. وتتألف المبادرة الفريدة من دورة تدريبية مهنية وفنية من 6 أشهر في مجال السيارات والآلات الثقيلة. وخلال حفل تخرج للطلاب، قال غراندي: "سيكون لمشاريع كهذا أثر حقيقي وستمكّن الشباب الباكستانيين والأفغان من لعب دور إيجابي في مستقبل بلدانهم".
وشكلت زيارة إلى مستشفى شوكت خانم المتخصص في الأمراض السرطانية في بيشاور مثالاً على التضامن الدولي. فقد وفرت المفوضية معدات العلاج الإشعاعي العالية التقنية بقيمة 710 مليون روبية (6.2 مليون دولار أميركي) للمستشفى لتوفير العلاج المجاني للاجئين والمجتمع المستضيف. وقال غراندي: "المستشفيات المماثلة هي رمز للأمل لآلاف مرضى السرطان الذين لا يملكون سوى القليل من الموارد".