لاجئون صحراويون في تندوف يطلقون مشاريعهم بدعم من المفوضية والشركاء
تم إنشاء ما مجموعه 37 مشروعاً من مشاريع سبل كسب العيش من قبل 122 من اللاجئين الصحراويين الشباب.
تندوف، الجزائر - بدءاً من الحدائق العائلية الصغيرة وصولاً إلى بناء المنازل باستخدام الزجاجات البلاستيكية المملوءة بالرمل، لا تخلو مخيمات اللاجئين حول تندوف من الممارسات المبتكرة. ومن بين هذه الممارسات، مشروع محمد سالم ماء العينين الزاوي، البالغ من العمر 33 عاماً، والذي يزرع قطعة أرض جرداء بدأ والده بالعمل فيها منذ أكثر من 30 عاماً.
يقول محمد، وهو لاجئ صحراوي ترعرع في مخيم للاجئين بالقرب من تندوف في جنوب غرب الجزائر: "بدأت العمل في الزراعة عندما كنت في السابعة من عمري، وكنت أساعد أبي في العمل في الأرض. ورث أبي معرفته في مجال الزراعة عن والده قبل الحصول على شهادة في الهندسة الزراعية في سوريا. وفي أوائل التسعينيات، حصل على أرض وتمكن من الوصول إلى المياه، وطُلب منه إنتاج الغذاء من أجل المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في المخيمات".
لهذه الأرض خزان كبير مما يجعل الزراعة ممكنة، وهي الأرض الوحيدة من بين المخيمات التي لديها مثل هذا الخزان الكبير.
في عام 2009، مرض والد محمد ثم توفي بعدها بثلاث سنوات. وقد دفع ذلك بابنه الأكبر إلى ترك دراسته الجامعية في مجال إدارة الأعمال والتخلي عن منحته الدراسية في شمال الجزائر. يقول محمد: "كانت الأولوية أن أركز على العائلة وأن أتحمل المسؤولية بصفتي الإبن الأكبر في أسرة من دون أب. وجدت أنه بالإمكان الاستثمار في هذه الأرض وقررت الاستمرار بزراعة الخضار والفاكهة التي بدأ والدي بزراعتها".
وفي عام 2016، علم محمد بالفرصة التي تقدمها المفوضية وشريكتها أوكسفام بلجيكا، حيث استفاد من دعم الهبة والتدريب في مجال مهارات الأعمال والتوجيه في إطار برنامج سبل كسب العيش والذي يستهدف الشباب. شملت الشروط استدامة مشاريع الشباب ومساهمة المبادرة في تقديم الفائدة للمجتمع.
"قررنا تخصيص 10% من إنتاج الأراضي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمستشفيات"
"قدمتُ طلباً مع ثلاثة أصدقاء واختير مشروعنا من بين 13 مشروعاً في المخيمات؛ وشملت المشاريع الأخرى الناجحة طاحونة ومطعم بيتزا ومزرعة دجاج. وكانت غالبية المشاريع المختارة ترأسها نساء. وعلى الرغم من أن هذه المشاريع تستهدف الربح، إلا أننا قررنا تخصيص 10% من إنتاج الأراضي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمستشفيات".
يقيم اللاجئون من الصحراء الغربية في مخيمات تندوف منذ عام 1975 وعلى مدى أكثر من 42 عاماً. فرص كسب الرزق محدودة والظروف المعيشية صعبة للغاية بسبب البيئة المحيطة والبعد الجغرافي للمخيمات، حيث تقترب درجات الحرارة من 50 درجة مئوية خلال الصيف، فيما تهبط إلى ما دون الصفر خلال فصل الشتاء.
وبدعم من المفوضية وأوكسفام، حصل محمد وشركاؤه على التدريب في مجال مهارات الأعمال وتم توفير نظام الري بالتنقيط لهم إضافة إلى مضخة مياه ومجموعة من البذور والشتول (العنب والرمان والبصل والجزر والبطيخ). ومع ذلك، فقد واجه فريق المزارعين الرائدين عدة تحديات منذ إطلاق المشروع.
ويشرح محمد تلك العقبات قائلاً: "عانينا من مشكلة كبيرة نتيجة تعطل مضخات المياه. ورغم أن المياه متوفرة في الأرض إلا أنها بحاجة إلى مضخة فعالة. وقد أدت التبدلات في الجهد الكهربائي إلى تعطل مضختي مياه جديدتين". نتيجة لذلك، لم تنجح زراعة الرمان والبصل والعنب بسبب عدم توفر الري.
وقال محمد عبد الحي، منسق برنامج سبل العيش في منظمة اوكسفام: "إن إنتاج الخضروات في المخيمات مهمة صعبة جداً ويعود ذلك بشكل أساسي إلى محدودية توفر المياه ونوع التربة الرملية والارتفاع الكبير لدرجات الحرارة وضعف الهيكليات القائمة. لهذا السبب، يعتبر الاستثمار الزراعي الواسع النطاق في المخيمات تحدياً صعباً. في المقابل، يبقى تعزيز الزراعة الأسرية، أي الانتاج الغذائي المحلي، مهماً".
"محمد وشركاؤه يملكون كافة العناصر الأساسية لنجاح مشروعهم الزراعي"
وعلى الرغم من هذه التحديات غير المتوقعة، إلا أن الفريق ملتزم بمتابعة العمل في المشروع. فقد تم بيع الإنتاج المحدود من الخضار والفواكه في السوق المحلي، وتم استبدال مضخة المياه ويتم حالياً تحضير الأراضي، فيما سيتم الحصول على نباتات جديدة من أجل بداية موسم الزراعة الجديد.
من جانبها، قالت جولييت موريكييزوني، كبيرة المنسقين الميدانيين التابعة للمفوضية في تندوف: "على الرغم من البداية البطيئة، إلا أن محمد سالم وشركاؤه يملكون كافة العناصر الأساسية لنجاح مشروعهم الزراعي".
يعود تواجد المفوضية في تندوف إلى عام 1994. ووفقاً لولايتها، توفر المفوضية الحماية الدولية للاجئين الصحراويين والمساعدة المنقذة للحياة في المخيمات الخمسة القريبة من تندوف، وذلك بالتعاون مع شركائها. كما تنسق المفوضية الاستجابة الإنسانية الشاملة، ولديها أنشطة في قطاعات الحماية والتعليم والمياه والصرف الصحي والصحة والغذاء والتغذية والمياه والمأوى وسبل كسب العيش.
في عام 2016، باشرت المفوضية، بالشراكة مع منظمة أوكسفام بلجيكا والمجلس الدانمركي للاجئين، برنامجاً لسبل كسب العيش موجهاً للشباب في مخيمات اللاجئين الخمسة، بهدف التغلب على الإحباط الذي قد ينتاب الشباب وذلك من خلال تمكينهم ومساعدتهم في الحصول على فرص العمل الحر. وقد تم إنشاء ما مجموعه 37 مشروعاً من مشاريع سبل كسب العيش من قبل 122 من اللاجئين الصحراويين الشباب بدعم من المفوضية ومن خلال الشركاء.
وفي عام 2017، تحسنت المهارات المهنية والتجارية لدى 1,029 فرداً، وتم تيسير الحصول على العمل الحر أو الأعمال التجارية من خلال توفير أصول مالية وإنتاجية لما مجموعه 346 شاباً، أو ما يقارب 60 مشروعاً.