البحث عن بدائل لمهربي البشر في النيجر
تلاحق النيجر مهربي البشر ولكن هؤلاء الأشخاص المتورطين في نقل الناس عبر الصحراء الكبرى يحتاجون إلى بدائل اقتصادية حقيقية.
أغاديز، النيجر- نشأ بشير في هذا المكان - الشبيه بالمتاهة - عند أطراف الصحراء الكبرى، وقد جعلته معرفته بالمدينة والصحراء أحد مهربي البشر الناجحين الذين عملوا في نقل الناس في الصحراء عبر الحدود إلى ليبيا لأعوامٍ من الزمن.
يقول: "الناس يبحثون عني، وأنا أضمن سلامتهم لأنهم يأتون إلي."
قال بأن زبائنه كانوا يذهبون قبل عام 2012 - عندما كان القذافي رئيساً لليبيا - إلى ذاك البلد المجاور للنيجر من الجهة الشمالية للعمل فقط - وليس للانتقال إلى مناطق أخرى.
وأضاف بشير متذكراً بأن العديد من زبائنه اتصلوا به بعد بضعة أعوام، أي بعد أن ادخروا ما يكفي من المال، ليطلبوا منه تنظيم رحلة عودتهم إلى بلادهم: "كان الوضع في ليبيا جيداً وكان الناس يستطيعون كسب أموال أكثر في ليبيا من إيطاليا."
واليوم، يُعتبر انتشار انعدام الأمن في ليبيا هو سبب ارتفاع المخاطر بالنسبة لزبائنه - وسبب الخطر الذي يحيط بالتجارة التي أكسبته معيشته طوال 17 عاماً.
عام 2015، ونتيجة الضغوط التي مارستها الحكومات الأوروبية بشكل خاص، وضعت النيجر قانوناً من أجل ملاحقة من يساعدون المسافرين القادمين بشكل خاص من غرب ووسط إفريقيا على العبور إلى ليبيا.
في المقابل، قدم الاتحاد الأوروبي أكثر من 2 مليار يورو كمساعدات للمنطقة - بما في ذلك دول إفريقية أخرى ذات أولوية - في مسائل تتراوح بين الأمن والتنمية الاقتصادية.
وفي ظل القانون الجديد الذي يعاقب الأشخاص الذين يسهلون العبور غير القانوني للأفراد إلى ليبيا، استبدل بشير مهنته غير الشرعية في شهر أكتوبر الماضي بحياة جديدة، وهو يساعد اليوم المهربين مثله على الاستعداد لتغيير مهنتهم.
وقد ساعد مع عدد من زملائه المئات من هؤلاء الأشخاص على وضع عروض مؤهلة للحصول على الأموال التي وعد بها الاتحاد الأوروبي، والمخصصة لتمويل المشاريع التجارية، والتدريب على المهارات للأشخاص العاملين في التهريب. تمول المبادرة مشاريع تصل قيمتها إلى 2,700 دولار أميركي لكل شخص، أو إلى 7,200 دولار أميركي لما يصل إلى أربعة أشخاص يعملون كمجموعة.
وقال: "أصبح لدينا أمل بسيط لأن حكومة النيجر تواصلت معنا، ولأنها استقبلتنا وناقشت ذلك معنا مباشرةً، وقد كشفنا لها كل مشاكلنا."
أصبحت أغاديز التي كانت طوال قرون مركزاً تجارياً دولياً للذهب والملح - وتحولت في ما بعد إلى مركز للسياحة الصحراوية - مكاناً للتهريب والمتاجرة بالأسلحة والمخدرات، والأهم من ذلك، باللاجئين والمهاجرين اليائسين.
ولكن أثر ملاحقة مهربي البشر سلبي على البلاد التي تأتي في المرتبة 187 من أصل 188 في مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. فنظراً إلى المناطق الشاسعة التي على الحكومة إدارتها وفقر السكان، فهي تواجه صعوبةً في لعب دور الحارس وإيجاد بديل اقتصادي لصناعة مزدهرة.
ويحذر بشير من أن المهربين يحتاجون إلى حل حقيقي للتخلي عن العمل الذي كسبوا منه معيشتهم طوال حياتهم، وقد قال: "هذا العمل هو الوحيد الذي نعرفه. ألا ترون أننا فقدنا عملنا؟ فقدنا حياتنا - لأن هذا العمل كان حياتنا ومنه كنا نكسب معيشتنا."
في النيجر، حيث يعيش 46% من السكان بأقل من 2 دولار أميركي في اليوم، يمكن لسائق ينقل الناس إلى ليبيا كسب 4,000 دولار أميركي أو حتى 5,000 دولار أميركي من كل رحلة. ولكن الآن، ومن أجل عدم مخالفة القانون، أُجبر الكثيرون الذين كانوا يكسبون معيشتهم من هذه التجارة على إيجاد طرق جديدة للبقاء على قيد الحياة.
ولكن ليس الجميع، فعلى الرغم من أن المهربين يمارسون تجارتهم سراً بعد صدور القانون، إلا أن الإشارات على هذه التجارة سهلة الملاحظة في أغاديز، إذ يزداد النشاط في المدينة قبل أيام من انطلاق قوافل الشاحنات إلى الصحراء، بما أن المهربين يخزنون الوقود والحاجيات. وينتشر الصرافون ومقدمو خدمات تحويل الأموال وبائعو الهواتف الخلوية - الذين يبيعون هواتف الأقمار الصناعية التي لا تفقد التغطية في الصحراء النائية - على الطرقات.
وتكتظ محطة الباصات في البلدات بالركاب الذين يصلون في المساء لمقابلة مهربيهم. وفي المناطق الأكثر خطورة في أغاديز، وخلف الجدران الترابية المنخفضة لمجمعات تخضع لحراسة جيدة، ينتظر المهاجرون واللاجئون وقت سفرهم -ويُحتجزون أحياناً لأيام في أماكن مقفلة.