انعدام الجنسية يحرم رجلين من عيش حياة طبيعية في كرواتيا
وجد مواطنان من يوغوسلافيا السابقة نفسيهما عديمي الجنسية في كرواتيا بعد سلسلة من التضاربات البيروقراطية.
يعرف بدري هوتي ما معنى أن يكون الشخص عديم الجنسية. فقد عاش طوال أعوام على هامش الحياة في حالة من الفقر نظراً لأن البلد الذي أمضى فيه معظم حياته لم يعترف بحقه بالعيش فيه.
في المقابل، عاش بورو توبوليك حياة طبيعية جداً لعقود ليستيقظ في أحد الأيام ويكتشف أنه أصبح من عديمي الجنسية.
هناك حوالي 3,000 شخص عديم الجنسية أو معرض لخطر انعدام الجنسية في كرواتيا وغالبيتهم من الغجر. إلا أن بدري أو بورو ليسا من الغجر. فقد جاءا إلى كرواتيا من مناطق أخرى مما كان يُعرف بجمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية وقد عانى كلاهما من نتائج القرارات الإدارية.
وتقود المفوضية حملة لوضع حد لانعدام الجنسية الذي يطال تأثيره ملايين الأشخاص حول العالم ويحرمهم من حقوق الإنسان الأساسية التي تُعتبر أمراً مفروغاً منه للمواطنين.
اقرأ أيضاً: البرازيل تحقق حلم الانتماء لناشطة من عديمي الجنسية
غالباً ما لا يُسمح لعديمي الجنسية بالذهاب إلى المدرسة وبزيارة الطبيب أو الحصول على وظيفة أو فتح حساب مصرفي أو شراء منزل أو حتى الزواج.
وفي الذكرى الرابعة من حملتها #أنا_أنتمي لوضع حد لانعدام الجنسية بحلول عام 2024، دعت المفوضية الدول لاتخاذ إجرءات أسرع وأكثر حزماً للمساعدة في تلبية أهداف الحملة.
وقال المفوض السامي فيليبو غراندي: " “أدعو السياسيين والحكومات والمشرعين حول العالم اليوم للتحرك الآن واتخاذ ودعم إجراءات صارمة للقضاء على انعدام الجنسية بحلول عام 2024".
بالنسبة لبدري، فإن عدم التمتع بالوثائق يعني العيش على هامش الحياة. وبعد أن حصل على دعم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أبريل من هذا العام، بدأت كرواتيا بتسوية أموره، فحصل على وثيقة سفر صادرة بموجب اتفاقية عام 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية تمكنه من السفر والمطالبة بحقوقه.
ودعم "مشروع سيساك للحقوق المدنية" وهو منظمة غير حكومية شريكة للمفوضية، كلاً من بدري وبورو من خلال المشورة والمساعدة القانونية المجانية.
"كان لدي سيارتي الخاصة واستأجرت شقة خاصة بي"
وعلى الرغم من التقدم في قضيته، لا يزال بدري البالغ من العمر 56 عاماً يعيش في غرفة رثة في منزل مهجور في مدينة نوفسكا التي تبعد أكثر بقليل من 100 كلم عن العاصمة. يعطيه جيرانه الطعام ويسمحون له بالاستفادة من خط الكهرباء الخاص بهم وباستخدام حمامهم، ولم يتمكن منذ أعوام من العمل أو الحصول على مزايا اجتماعية. يقول بدري: "ما زلت على قيد الحياة فقط بسبب طيبة هؤلاء الأشخاص".
ولد بدري في كوسوفو** للاجئين ألبانيين، وانتقل إلى كرواتيا عندما كان في الـ 17 من عمره.
يقول: "أتيت من أجل العمل. حصلت على وظيفة كنادل في نوفسكا ثم على عمل كميكانيكي. كان لدي سيارتي الخاصة واستأجرت شقة خاصة بي".
بقي بدري في نوفسكا خلال الحرب الكرواتية بين الأعوام 1991 و1995 وتم تجنيده كمدني يتمتع بالمؤهلات لتصليح الآليات التي كان يستخدمها الجيش الكرواتي. رغم ذلك، فقد تم رفض الطلب الذي قدمه للحصول على الجنسية الكرواتية خلال الحرب، بحجة أنه مواطن ألباني.
يقول بدري: "لم أذهب إلى ألبانيا في حياتي". بعد ذلك، حصل على بطاقة هوية كرواتية خاصة بالأجانب.
في هذه الأثناء، كان بورو توبوليك البالغ من العمر 63 عاماً مكابراً. فقد عمل طوال 40 عاماً بجد وكان يدفع ضرائبه ولم يواجه أي مشكلة.
وفي عام 1975 أتى من البوسنة والهرسك إلى كرواتيا وعمل في مجال اللّحام في أحواض السفن في رييكا وسبليت كما حصل على وظيفة في مصنع لغلايات البخار في زغرب. أما الآن فهو يعمل كسائق سيارة أجرة.
"لم أستطع أن أصدق ذلك، فقد كانت إهانة كبيرة بحقي"
بدأ كابوس بدري في مايو 2014 بعد أن حاول شراء الشقة التي يستأجرها في حي في زغرب حيث كان من المفترض أن يكون حاملاً للجنسية الكرواتية. كان يحمل إقامة دائمة في كرواتيا وجواز سفر من البوسنة والهرسك.
كان متأكداً من أنه سيحصل على الجنسية الكرواتية إذا تخلى عن جنسية البوسنة والهرسك. تخلى عن الجنسية ولكن السلطات الكرواتية رفضت طلبه فأصبح عديم الجنسية. قال: لم أستطع أن أصدق ذلك، فقد كانت إهانة كبيرة بحقي".
أدرك بأنه أصبح عديم الجنسية عندما ذهب لاستلام مستنداته قبل رحلة خطط للقيام بها إلى صربيا حيث كانت ابنته على وشك الولادة، ويقول: "أردت أن أشهد ولادة حفيدي". وعندما قدم طلباً للحصول على الجنسية الكرواتية، حصل على تأكيد رسمي لقبوله وقد تخلى بناءً على ذلك عن جنسية البوسنة والهرسك.
طُلب منه زيارة المكتب للالتقاء بمسؤول أمني، ويقول: "طرح علي أسئلة أجبت عليها مئات المرات من قبل كسبب وجودي في كرواتيا. ولمح أيضاً إلى وضعي الاجتماعي، وبعد مرور شهر، أُبلغت بأنه تم رفض طلبي".
تلقى بورو رسالة من وزارة الداخلية أُبلغ فيها بأنه لن يحصل على الجنسية "لأسباب تصب في مصلحة جمهورية كرواتيا".
"ما هي الفرص المتبقية لرجل في سني"
كان الأوان قد فات ليستعيد بورو جنسية البوسنة والهرسك. في هذه الأثناء، حصل على جواز سفر كرواتي مخصص للأشخاص العديمي الجنسية يتيح له السفر على الرغم من أنه سيحتاج إلى تأشيرة للذهاب إلى صربيا. سوف يحصل أيضاً على راتب تقاعدي بعد تقاعده في العام المقبل نظراً لأنه سدد جميع الرسوم. يقول بورو: "أعلم أن هناك أشخاص يعانون من ظروف أسوأ".
ومن بين هؤلاء، بدري الذي لم يتمكن من العمل أو الحصول على المزايا طوال حوالي 25 عاماً. أفضل ما تمكن من أن يتمناه كان وظائف متفرقة في مجال إصلاح السيارات أتاحت له كسب بعض المال. أما السفر فقد كان غير وارد، كما أنه لم يكن قادراً على الزواج.
ما الآن، فقد تم الاعتراف به كشخص عديم الجنسية بموجب اتفاقية عام 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية وحصل على وثيقة تتيح له السفر بموجب الاتفاقية أيضاً. في غضون 8 أعوام، سيتمكن من تقديم طلب للحصول على الجنسية الكرواتية.
هناك ضوء في نهاية النفق، ولكن في الوقت نفسه يدرك بدري أن الوقت ضاع منه. سيكون حصول بدري على راتب تقاعدي أمراً صعباً لأنه لم يستطع تقديم أي مساهمات كما أن مزايا الرعاية الاجتماعية التي ستُقدّم له ستكون بسيطة في أفضل الأحوال، ويقول بحزن: "أنا أبلغ من العمر 56 عاماً حالياً. ما هي الفرص المتبقية لرجل في سني؟".
إذا أردت أن تعرف المزيد عن كيفية تمكنك من إحداث فارق في حياة أشخاص كبدري وبورو، انضم إلى حملة #أنا_أنتمي لوضع حد لانعدام الجنسية في غضون 10 أعوام.