أكثر من من 1.5 مليون كونغولي يخسرون منازلهم بسبب الصراع
بعد نزوحها بسبب الهجمات المستمرة في مناطق النزاع مثل مقاطعتي إيتوري وكيفو الشمالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعيش العديد من العائلات الآن في مآوٍ أو مساكنٍ مؤقتة.
فرّت ديفين من قريتها في منطقة دجوغو العام الماضي. خلال الرحلة، فقدت أثر زوجها وهي تعيش الآن مع سبعة أفراد آخرين من العائلة في مأوى مؤقت في بونيا.
© UNHCR/Natalia Micevic
بالنسبة لأولئك الذين نزحوا بسبب نزاعٍ لا هوادة فيه في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن المآوي المؤقتة التي يعيشون فيها الآن بعيدةٌ كل البعد عن المنازل التي عرفوها وأحبوها.
فرّت ديفين، 21 عاماً، مع أسرتها من قريتها في منطقة دجوغو في مقاطعة إيتوري في وقتٍ سابقٍ من هذا العام في فبراير. تعيش في خيمة مع سبع من أقاربها في أحد مواقع النزوح في بونيا، عاصمة إقليم إيتوري، وتقول: "لقد تم إحراق منزلنا عن بكرة أبيه. رأيناه بينما كنا فارين".
يقول جواو سوبرال، وهو خبير مآوٍ لدى المفوضية وكان يعمل في إيتوري في ذلك الوقت: "على ضفاف بحيرة ألبرت، رأيت قرى وقد دُّمرت نصف منازلها تقريباً. لكن في قرى أخرى، بعيداً عن البحيرة، تعرض كل شيء للدمار. لم يبقَ شيء، لا شيء على الإطلاق!
اضطرت أوديت للفرار من مسقط رأسها في منطقة روتشورو في مقاطعة كيفو الشمالية منذ بضع سنوات بسبب انعدام الأمن. استقرّت أولاً في أويشا، في منطقة بيني في مقاطعة كيفو الشمالية مع زوجها وطفليها.
تقول أوديت البالغة من العمر 38 عاماً: "لقد كانت الحياة جميلةً في أويشا. كان لدينا منزلنا الخاص بنا." لكن الهدوء الذي كانت تعيشه العائلة لم يدم طويلاً. فبعد عامين، أُجبرت على ترك منزلها مرة أخرى بعدما جاء مهاجمون في الليل، وتقول: "سمعنا طلقات نارية وفررنا لكنهم قتلوا زوجي ونهبوا منزلنا وأحرقوه".
انتقلت العائلة الصغيرة بعد ذلك إلى ضواحي بيني. وبعد فترة وجيزة من الراحة، عصفت أعمال العنف وانعدام الأمن بحياتهم مرة أخرى واضطرت العائلة للانتقال مرة أخرى بعد هجوم آخر، وتقول: "قام رجال مسلحون بتحطيم نوافذ منزلنا وبدأوا في قطع رؤوس الناس في الحي".
ومثل ديفين وأوديت، تعرّضت منازل حوالي 1.5 مليون شخص للدمار أو الحريق عن بكرة أبيها فيما نهبت ممتلكاتهم القليلة وسط العنف المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال المتحدث باسم المفوضية تشارلي ياكسلي، في بيانٍ أدلى به في وقتٍ سابقٍ اليوم: "أبلغ بعض الذين أجبروا على الفرار عن إحراق قرى بأكملها". وأضاف أنه في مقاطعتي إيتوري وكيفو الشمالية المتضررتين من النزاع، تعرض ما يقدر بنحو 88,000 منزل للدمار أو الضرر بسبب النزاع.
"أبلغ بعض الذين أجبروا على الفرار عن إحراق القرى بأكملها عن بكرة أبيها"
كان ذلك نتيجة لأحدث سلسلة من التقييمات التي أجراها هذا العام فريق العمل المعني بالمآوي الذي تقوده المفوضية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي أسهمت فيها عدة منظمات إنسانية من خلال تقديم البيانات.
وتشرح ساهديا خان، منسقة المفوضية لشؤون المآوي في كينشاسا، قائلةً: "إن المأوى هو أحد الأشياء الأساسية التي يحتاج إليها الناس عندما يضطرون إلى الفرار من منازلهم. إنه يعني السلامة والأمن للأشخاص النازحين."
غالباً ما يضطر الأشخاص النازحون للعيش في مآوٍ دون جدران مناسبة أو إمكانية إقفال الأبواب، مما يعرضهم لخطر التحرّش أو الاعتداء أو الاستغلال. ويعتبر الأطفال والنساء معرضين بشكل خاص للعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس عندما يعيشون في مساحاتٍ ضيقة.
في إيتوري، شهدت الأسابيع الأخيرة هجمات متجددة شنّها مهاجمون غير معروفين في كثيرٍ من الأحيان على مواقعٍ عسكريةٍ وعلى مدنيين. ويضيف جواو: "أتذكّر هذه القرى الصغيرة حيث اختفى كل شيء. دمّر المهاجمون أيضاً البنية التحتية الأساسية، والمباني المدرسية والمراكز الصحية".
في المنطقة المتأثرة بفيروس إيبولا بالقرب من بيني، في مقاطعة كيفو الشمالية، تم تسجيل أكثر من 1,300 حالة من حالات انتهاك حقوق الإنسان ضد المدنيين في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بما في ذلك انتهاكات جسدية وقتل عشوائي ونهب واختطاف.
وإلى جانب السلامة الجسدية، فإن وجود سقف فوق رؤوس الأشخاص النازحين يوفّر لهم أيضاً الأمن العاطفي والراحة.
وتقول ساهديا: "إن المأوى هو أولاً وقبل كل شيء عبارة عن منزل. وإن وجود مكان للعودة إلى عائلاتهم في نهاية اليوم يمنح النازحين الأمل في حياة طبيعية."
"أريد العودة، لكنني لا أملك الوسائل لإعادة بناء منزلي"
خلال حالات الطوارئ في جمهورية الكونغو الديمقراطية، توفّر المفوضية مواد مثل الأغطية البلاستيكية والفرش التي يمكن استخدامها لإنشاء مآوٍ بسيطة، وتدعم المفوضية قدر الإمكان تشييد المباني المستدامة، باستخدام مواد البناء التقليدية. وتتم إعادة تأهيل المآوي الجماعية أو بناء مساكن جديدة بتوفير المواد والنقود اللازمة لإعادة بناء المنازل في إطار برامج المساعدة الذاتية.
ويُقدّر عدد النازحين داخلياً حالياً بأكثر من مليون كونغولي في عام 2018. ويعتبر بيير موجيزا واحداً من بين كثيرين ممن ينتظرون العودة إلى قراهم أو مدنهم الأصلية، ولكن يتعين عليهم الانتظار لأن الوضع لا يزال غير مستقر.
وقال بيير في حديثٍ له مع المفوضية في وقت سابق من هذا العام، مشيراً إلى مئات المآوي ذات الأغطية البلاستيكية في موقع للنازحين في بونيا: "لقد مضى على وجودنا هنا حوالي ستة أشهر. أطفالنا لا يذهبون إلى المدرسة. في مناطقنا، تعرضت منازلنا للحريق. أريد العودة لكنني لا أملك المواد لإعادة بناء منزلي".
وتشير تقديرات المفوضية إلى أنه لن يحصل حتى واحد من بين كل خمسة أشخاص محتاجين على المساعدة في توفير المآوي الأساسية هذا العام بسبب النقص الشديد في التمويل. ومن أصل مبلغ 201 مليون دولار الضروري لعمليات المفوضية في جمهورية الكونغو الديمقراطية هذا العام، لم يتم تلقي سوى 46%.
وتبدو العودة إلى الديار بعيدة المنال بالنسبة لأوديت، حيث تقول: "أود العودة إلى أويشا، لكننا بعنا أرضنا هناك، وانعدام الأمن شديد للغاية. هنا، نفتقر إلى كل شيء. الحياة صعبة."