غراندي يدعو إلى تعزيز التعددية لمواجهة مستويات النزوح القياسية
يدعو المفوض السامي فيليبو غراندي الدول للعمل عن كثب لإيجاد حلول للاجئين ويركز على الميثاق العالمي بشأن اللاجئين كطريقة لتحويل اللجوء إلى استجابات ملموسة.
جنيف- دعا المفوض السامي فيليبو فراندي اليوم للسعي إلى إعادة تنشيط تعددية الأطراف لمواجهة الصراعات المتصاعدة والأزمات المتزايدة التي دفعت بأعداد كبيرة من الأشخاص إلى مغادرة منازلهم حول العالم.
وقال غراندي في كلمته الافتتاحية في الاجتماع السنوي للجنة التنفيذية التابعة للمفوضية: "تخضع مبادئ وقيم التعاون الدولي لضغط كبير. إلا أنه وسط حجم هذه المحن، بقيت تعددية الأطراف ثابتة. ولكن... يجب إعادة تنشيطها".
منذ أن تسلم منصبه في بداية عام 2016، قال غراندي بأن الصراعات الداخلية والأزمات تصاعدت نتيجة التنافسات الإقليمية والدولية وقد تفاقمت بسبب الفقر والاستبعاد والتغير المناخي.
وفي الوقت نفسه، أصبحت لغة السياسات "قاسية وتجيز التمييز والعنصرية ورهاب الأجانب".
يعتبر غراندي بأن إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين لعام 2016 هو "أساس" التعاون المتعدد الأطراف وقد قال بأن الإعلان أظهر التزاماً سياسياً على أعلى مستوى يرتكز على التعاون الدولي ومعايير حماية اللاجئين.
"تخضع مبادئ وقيم التعاون الدولي لضغط كبير"
وقد رحب أيضاً بالميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي ستصادق عليه الجمعية العامة في وقت لاحق من هذا العام، وقال بأنه "طريقة واضحة للتقدم من خلال نموذج استجابة أقوى وأفضل وأكثر إنصافاً".
"أنا أؤمن بأن هذه هي الحالة التي تتطلب تعددية الأطراف كنقطة مضادة للخطابات الانتخابية التي غالباً ما تهيمن على النقاشات العامة حول اللاجئين والمهاجرين".
وأشار غراندي الذي أجرى تقييماً في منتصف فترة ولايته الممتدة على خمسة أعوام كمفوض سامٍ، إلى أن الأزمات ما زالت تتطور بما في ذلك في سوريا وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وشمال أميركا الوسطى في حين تصاعدت أزمات أخرى كالأزمة في اليمن. وانتقلت بعض الأزمات كأزمة العراق ومنطقة بحيرة تشاد وجنوب السودان إلى حالة من الاستقرار الأكبر ولكنها لم تصل إلى حل نهائي.
ظهرت أزمات جديدة "لها عواقب وخيمة" وأبرزها العملية الأمنية الدموية في ولاية راخين في ميانمار التي دفعت بـ720,000 شخص من الروهينغا إلى بنغلايدش بعد شهر أغسطس في العام الماضي.
يأتي خطاب غراندي في الجلسة الـ 69 للجنة التنفيذية في وقت وصل فيه النزوح القسري في العالم إلى مستويات لا سابق لها مع 68.5 مليون شخص من بينهم 25.4 مليون لاجئ و40 مليون نازح داخلياً.
أشار غراندي إلى أن الآلاف استمروا بعبور الساحل إلى ليبيا ووسط البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا "نتيجة اليأس وتعرضوا لظلم ومخاطر لا يمكن تصورها".
كما دعا إلى الحفاظ على إمكانية الوصول إلى اللجوء في أوروبا، وقال: "يقع الإنقاذ في البحر رهينة للسياسات، وقد تم استبدال تقاسم المسؤولية بتحويل المسؤولية".
وسلط غراندي الضوء على عمل المفوضية في مجال الحماية في ليبيا، وقال بأن برنامج الإجلاء تمكن من نقل حوالي 1,850 لاجئاً وطالب لجوء إلى بر الأمان، ومعظمهم إلى النيجر بهدف إعادة التوطين لاحقاً إلى جانب برنامج لعودة المهاجرين طوعاً تنفذه المنظمة الدولية للهجرة.
وشدد على الحاجة لتوفير المزيد من خيارات الإجلاء وفرص إعادة التوطين والاستثمارات الاستراتيجية لمعالجة الصراعات والمشاكل الإنمائية التي تتسبب بهذه التدفقات. وقد ظهرت تحديات أخرى في مجال الحماية في أميركا اللاتينية حيث يغادر حوالي 5,000 شخص فنزويلا يومياً وقد تبين أن اعتماد نهج غير سياسي وإنساني "ضروري لمساعدة الدول التي تستقبل أعداداً متزايدة منهم".
وقال غراندي بأن الالتزام الاستراتيجي الأساسي كان الاستجابة "بسرعة وبشكل موثوق وبفعالية في حالات الطوارئ ووضع الأساس للحلول مسبقاً". وقد أعطى مثالاً على الاستجابة المشتركة لنزوح اللاجئين الروهينغا إلى بنغلاديش.
كما أشاد "بالسخاء والتعاطف العميق" للسكان المحليين الذين كانوا أول المستجيبين وركز على الاستعداد لحالات الطوارئ على نطاق واسع من أجل حماية اللاجئين من موسم الأمطار القادم بتوجيه من بنغلاديش إلى جانب الشركاء الإنسانيين والمنظمات غير الحكومية واللاجئين.
وقال غراندي في المنتدى: "أكد هذا الجهد الكبير مجدداً ما نحن قادرون على تحقيقه معاً عندما يكون الأشخاص بحاجة ملحة إلى مساعدتنا". ولكن أصبح الانتباه مطلوباً نظراً لأنه بات الآن من الضروري اعتماد ترتيبات أكثر استقراراً على المدى المتوسط في بنغلاديش بالإضافة إلى بناء حلول داخل ميانمار.
ومن بين الجهود الاستراتيجية الأخرى التي بذلها منذ استلامه لمنصبه تمكين وإدراج اللاجئين بينما يتم إيجاد حلول لنزوحهم.
ساعد منح اللجوء في "إنقاذ الحياة وبناء وإعادة بناء الدول والحفاظ على الحس الإنساني لدينا"
شدد غراندي على التحول الكبير الذي "أدت فيه عقود من انفصال اللاجئين عن بعضهم واضطرارهم للبقاء في مخيمات أو على هامش المجتمع إلى نهج مختلف جداً لإدماج اللاجئين في الأنظمة الوطنية والمجتمعات والاقتصادات في البلدان المستضيفة لهم".
وقال بأن الإطار الشامل للاستجابة للاجئين شكل وسيلة لهذه الجهود في البلدان الـ 15 التي تم تطبيقه فيها وستزداد أهميته كجزء لا يتجزأ من الميثاق العالمي بشأن اللاجئين.
وأثنى على الطريقة التي ساعدت فيها قيادة وخبرة البنك الدولي في تحقيق تغيير كبير في كيفية مشاركة هيئات التنمية في حالات التدفقات الواسعة النطاق للاجئين والنزوح الداخلي.
وشدد على الحاجة للتكيف مع استمرار تطور الأوضاع، بما في ذلك داخل سوريا وفي أماكن أخرى. وقال بأن ذلك تطلب من المفوضية أن تكون "مرنة ونشطة" في الميدان وقد وصف عملية الإصلاح الداخلي التي تجريها المفوضية.
وأكد غراندي التزامه بأعلى معايير النزاهة في عمليات المفوضية ووصف التدابير الواسعة النطاق لمنع ومعالجة الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي.
في الختام، شدد مجدداً على الدور الأساسي الذي سيلعبه الميثاق العالمي بشأن اللاجئين كـ"نقطة تجمع للجهات الإنسانية والأطراف العمليين من جميع أنحاء المجتمع" وأشار إلى أن منح اللجوء هو إجراء قديم ساعد في "إنقاذ الحياة وبناء وإعادة بناء الدول والحفاظ على الحس الإنساني لدينا".