المنح النقدية تغير حياة لاجئي جمهوية إفريقيا الوسطى في مخيم في الكونغو
لكنّ المنح مهدّدة بسبب نقصٍ في التمويل، الأمر الذي قد يُجبر برنامج الأغذية العالمي على خفض الدعم في نهاية الشهر.
مخيم مول للاجئين، جمهورية الكونغو الديمقراطية، 3 أكتوبر/تشرين الأوّل (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - في صباح يوم سبت ليس ببعيد، كان سوق مخيم مول للاجئين يعج بالأكشاك حيث يُباع كلّ شيء من الأسماك ولحم الماعز ونبات المنيهوت والخضار وصولاً إلى الملابس ومستحضرات التجميل والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية.
قبل شهرَيْن فقط، كان المكان شبه فارغ. إلا أن الوضع تغير كلياً عندما قرّر برنامج الأغذية العالمي وضع حدّ لتوزيع الغذاء مستبدلاً إياه بالمنح النقدية للاجئين من جمهورية إفريقيا الوسطى البالغ عددهم 13,000 لاجئ، مما غيّر حياة سكان مخيم مول الكائن في شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال باتريك انغوكو، وهو ممثل عن اللاجئين وعمره 25 عاماً: "لطالما كان توزيع الأغذية فوضوياً؛ وكان بعض الأغذية يُفقد. أمّا الآن ]أي مع المساعدات النقدية[، فأصبح كلّ شخص يحصل على النقود من دون أي مشكلة". وتقوم المفوضية بتوزيع هذه الأموال.
وساعدت هذه المنح في إطلاق مشاريع جديدة كما ساعدت السكان في تحقيق الاكتفاء الذاتي. فعلى سبيل المثال، انشغل الكثيرون من اللاجئين بزراعات إضافية حول المخيم لبيع نتاجها في السوق، في حين أصبح آخرون تجاراً يحضرون البضائع من مناطق أخرى من مقاطعة الإكواتور ليبيعوها لأبناء بلدهم الذين يحصلون على المساعدات النقدية.
وقال انغوكو إنّ نسبةً تتراوح بين 50 و60 في المئة من متاجر المخيم مُوّلت من المنح النقدية، وإن حركة التجارة المتزايدة بدأت تجذب سكاناً محليين إلى السوق. وأضاف: "باتت قرية مول تشهد حركة مستمرة. يأتي أهل القرية إلى المخيم ويبيعون منتجاتهم. وتُباع المنتجات بسرعة كبيرة بما أنّ اللاجئين باتوا يملكون المال".
وقال الكثير من اللاجئين الذين شملهم استبيان المفوضية إنّهم باتوا قادرين على تناول وشراء ما يريدونه من أطعمة، وعلى إدخال التنويع إلى نظامهم الغذائي منذ أنّ أطلق برنامج الأغذية العالمي مشروع المنح النقدية في المخيم، قبل ثلاثة أشهر. وقال انغوكو: "هم سعداء جدّاً؛ يتم ذبح الأبقار في المخيم" الواقع في منطقة معزولة يعتبر فيها لحم البقر وجبة فاخرة.
وأضافت إدوج كبوماكو وهي إحدى قادة اللاجئين: "تسمح لنا المنحة بإدخال شيء من التنويع إلى وجباتنا. أصبح بإمكاني تناول ما أريد من الطعام". إدوج تحبّ السمك الذي تشتريه من سكان قرية مول القريبة من نهر أوبانغي.
ويقول الكثيرون من اللاجئين مثل أنطوانيت فوغبو، وعمرها 52 عاماً، إنّ المنح النقدية تسمح لهم بتلبية احتياجاتهم الخاصّة وباستعمال المال المتبقي للبدء بمشروع تجاري صغير يساعدهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي. تعد هذه المرأة، وهي أم لطفلين، السمك مع الشيكوانغ وهو طبق نشوي حلو المذاق يحتوي على المنهيوت، وتبيعه. قالت مبتسمة: "أطلقت مشروعي منذ شهر".
ولكن المنح النقدية تطرح التحديات أيضاً، بما في ذلك، الارتفاع في أسعار الأطعمة واللوازم الأخرى في السوق. ومن التحديات أيضاً، أن نسبة أقلّ من المال تُستخدم لشراء الطعام. فعندما يحصل اللاجئون على المنح النقدية، يشتري البعض أغراضاً لم يتمكّنوا سابقاً من تحمّل تكاليفها كالملابس أو الأدوات المنزلية أو السلع الترفيهية.
وربط انغوكو بين شراء المواد غير الغذائية وارتفاع حالات سوء التغذية منذ وقف توزيع الأغذية والشروع بتقديم المنح النقدية. وقال بينما وجه دعوة لإطلاق برنامج غذائي إضافي شامل للنساء الحوامل والمرضعات والأطفال الذين تصل أعمارهم إلى الخمس سنوات: "عندما كانت الأغذية تُوزع في السابق، كان الناس يحصلون على ما يأكلونه تلقائياً".
ويسبّب الكحول مصدر قلق آخر. فقد ارتفعت إمكانية شرائه بين السكان وخصوصاً الرجال من بينهم، بعد حصولهم على المال. لذلك، تراقب المفوضية وبعض المنظمات الأخرى هذا الوضع بدقة، بما أن الإدمان على الكحول يؤثر على العائلة وعلى سلامة مَن يعيشون في المخيمات.
ولكنّ التحدي الأكبر الذي يواجهه هذا البرنامج هو نقص التمويل، الذي قد يُجبر برنامج الأغذية العالمي على خفض توزيعاته الغذائية والنقدية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويقول برنامج الأغذية العالمي إنّه، وفي حال لم يحصل على التمويل مجدداً حتّى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأوّل، فإنه سيُجبر على وقف المساعدات النقدية فوراً. وقد يحول ذلك دون حصول اللاجئين على الطعام أو النقود.
وقال ستيفانو سيفيري، الممثل الإقليمي للمفوضية ومقره كينشاسا: "في حين أنّنا نشهد تحسينات كبيرة في حياة اللاجئين من جمهورية إفريقيا الوسطى منذ استبدال توزيع الأغذية بالمنح النقدية، إلا أن وقفها قد يكون له تأثير سلبي للغاية".
وأضاف: "لهذا السبب، نجدّد نداءنا للجهات المانحة للاستمرار في دعم توفير المنح النقدية والمساعدات للاجئين من جمهورية إفريقيا الوسطى على الرغم من تزايد الاحتياجات الإنسانية حول العالم".
بقلم سيلين شميت في مخيم مول للاجئين، جمهورية الكونغو الديمقراطية.