حول هذا التقرير
يروي هذا التقرير قصص بعض الأطفال اللاجئين حول العالم الذين هم في سن المدرسة والذين تشملهم ولاية المفوضية والبالغ عددهم 7.4 ملايين. بالإضافة إلى ذلك، فهو ينظر إلى التطلعات التعلمية للشباب اللاجئين الذين يتوقون لمواصلة التعلم بعد التعليم الثانوي، ويسلط الضوء على الحاجة إلى شراكات قوية من أجل كسر الحواجز أمام التعليم لملايين الأطفال اللاجئين. اسُتخرجت بيانات عن أعداد اللاجئين وأطفالهم الملتحقين بالمدرسة من قاعدة البيانات الخاصة بالمفوضية، ومن أدوات الإبلاغ والدراسات في مجال التعليم وتعود إلى عام 2017. يشير التقرير أيضاً إلى البيانات العالمية حول الالتحاق بالمدارس من معهد اليونسكو للإحصاء التي تعود إلى عام 2016.
مقدمة بقلم المفوض السامي– آن الآوان لعكس المسار
مقدمة – حان الوقت لعكس المسار
بقلم فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
في أوائل يوليو، سافرت إلى مخيم كوتوبالونغ للاجئين في بنغلاديش الذي بات يأوي مئات الآلاف من اللاجئين الروهينغا الذين فروا من أعمال العنف المروعة في ميانمار. وفي مركز تعليم مؤلف من غرفة واحدة، كانت الأمطار الموسمية تتساقط على سطحه، رأيت فتيات وفتياناً يتعلمون أساسيات القراءة والكتابة والرياضيات لمدة ساعتين فقط في اليوم، قبل أن تأخذ مجموعة أخرى مكانهم، ثم أخرى.
كان من المفطر للقلب مشاهدة هذا المظهر الضعيف للتعليم المدرسي المناسب الذي يستحقه هؤلاء اللاجئون الصغار. لكن ذلك أظهر أيضاً بشكل كبير مدى القيمة التي يولونها للتعليم. فعدم الحصول على التعليم سيلحق بمستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم ضرراً لا يمكن إصلاحه.
كان من المفطر للقلب مشاهدة هذا المظهر الضعيف للتعليم المدرسي المناسب الذي يستحقه هؤلاء اللاجئون الصغار. لكن ذلك أظهر أيضاً بشكل كبير مدى القيمة التي يولونها للتعليم. فعدم الحصول على التعليم سيلحق بمستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم ضرراً لا يمكن إصلاحه.
يشكل الأطفال نصف لاجئي العالم. ولا يحصل على التعليم أكثر من نصف الأطفال الذين هم في سن المدرسة، أي ما يعادل أربعة ملايين من العقول الشابة التي لا يلتحق أصحابها بالمدرسة على الرغم من أنهم يتمتعون بإمكانات هائلة.
ارتفع عدد الأطفال اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس بمقدار 500,000 في العام الماضي وحده. وإذا استمرت الاتجاهات الراهنة، فسيُضاف مئات الآلاف من الأطفال اللاجئين إلى هذه الإحصائيات المزعجة ما لم يتم إجراء استثمارات عاجلة.
وكجزء من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تعهد أعضاء الأمم المتحدة بضمان توفير “تعليم جيد شامل ومنصف” وتشجيع “فرص التعليم مدى الحياة للجميع“. وفي إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2016، تعهدت الحكومات بتقاسم مسؤولية اللاجئين في العالم وتحسين إمكانية حصول الأطفال اللاجئين على التعليم.
كانت هذه التزامات مهمة. لكنها لن تعني شيئاً بالنسبة للاجئين الصغار ما لم يختبروا تغيراً حقيقياً، وإلى أن يتم منحهم نفس الفرص للذهاب إلى المدرسة كالآخرين. لقد حان الوقت لاحترام تلك التعهدات وعكس المسار، كما هو مفصل في تقريرنا السنوي عن تعليم اللاجئين.
ونفس العنف والاضطهاد الذي يهجر الناس من منازلهم ويدمر حياة الأسر المستقرة ويجبر الكثيرين على العيش في حالة من الفقر، يمكن أن يؤدي إلى الإضرار برفاه الأطفال على الصعيد الجسدي والنفسي والإنمائي. وبينما تتعمق أزمات اللاجئين في العالم وتتكاثر، غالباً ما يكون الأطفال هم الأكثر تأثراً.
“أحببت ذلك منذ اليوم الأوَّل. لقد فوَّتُ عامين من التعليم بسبب الحرب“.
مؤيد، 13 عاماً، لاجئ سوري يذهب إلى مدرسة بر الياس في سهل البقاع في لبنان. إنَّها واحدة من حوالي 350 مدرسة في لبنان تعمل بدوام ثانٍ لخدمة عدد أكبر من الطلاب اللاجئين. أعطت مناوبات بعد الظهر الفرصة لأكثر من 150,000 طفل لاجئ للالتحاق بالمدارس في لبنان.
لكنَّ الأطفال يتمتعون بقدرة فائقة على الصمود. من خلال التعلم واللعب والاستكشاف، يجدون طرقاً للتأقلم والتقدم، وإذا ما أتيحت لهم الفرصة، لتحقيق النجاح. اليوم، يُعتبر التعليم أساسياً في طريقة تفكيرنا في المفوضية بكل حالة طوارئ خاصة باللاجئين. لماذا؟ لأن اللاجئين يمضون الآن أعواماً عديدة، وحتى عقوداً، خارج أوطانهم، وهي فترة تمتد في كثير من الأحيان على مرحلة الطفولة بأكملها وما بعدها.
ينزح العديد من الأطفال والشباب عدة مرات قبل عبورهم الحدود ليصبحوا لاجئين. وبالنسبة للأطفال الذين تعطلت حياتهم بهذه الطريقة، غالباً ما تكون المدرسة هي المكان الأول الذي يبدأون فيه باستعادة الحياة الطبيعية والسلامة والصداقة والنظام والسلام. وبغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني أو وضع أهلهم، يتمتع الأطفال بالحق في ممارسة الأنشطة الأكاديمية واللامنهجية التي تمكنهم من الازدهار.
لكن ساعتين من التعليم الأساسي، كما شاهدت في كوتوبالونغ، ليستا كافيتين. يحتاج الأطفال إلى منهاج دراسي سليم طوال فترة تعليمهم الابتدائي والثانوي يمنحهم مؤهلات معترفاً بها يمكن أن تكون نقطة انطلاقهم إلى الجامعة أو التدريب المهني العالي.
ولكي يحدث ذلك، يجب أن يُدرج الأطفال اللاجئون في أنظمة التعليم الوطنية في البلدان المستضيفة لهم وهي الأنظمة المنظمة والمراقَبة والمحدثة. في بنغلاديش، يذهب الكثيرون من الفتيات والفتيان الروهينغا إلى المدرسة للمرة الأولى ويُعتبر ذلك تقدماً مرحباً به، إلا أن عدم اتباعهم أي منهاج رسمي وافتقار المعلمين في غالب الأحيان إلى التدريب، يحد بشدة من إمكاناتهم.
ومع ذلك، فإن فائدة الدراسة تتخطى المؤهلات الأكاديمية؛ فالتعليم هو وسيلة لمساعدة الشباب على التعافي، وهو أيضاً طريقة لإحياء بلدان بأكملها. عندما يُسمح للأطفال بالتعلم والنمو والازدهار، سوف يتمكنون من المساهمة في المجتمعات التي تستضيفهم وفي أوطانهم عندما يسمح حلول السلام لهم بالعودة. ولهذا السبب يعد التعليم إحدى أهم الطرق لحل الأزمات في العالم.
من خلال تتبعنا لمصير الشباب اللاجئين الذين أتيحت لهم فرصة التعليم، رأينا البعض يسعون لتحقيق أحلامهم في أن يصبحوا جراحين وطيارين ومحامين وإحصائيين وصحفيين وقادة مجتمع وعلماء أحياء جزيئية، ومدرِّسي الأجيال القادمة.
لكننا رأينا أيضاً أحلاماً تتحطم وتخيب. فأقل من ربع اللاجئين في العالم يصلون إلى المدارس الثانوية، ويتقدم 1% فقط إلى التعليم العالي. تستضيف المناطق النامية 92% من اللاجئين في سن الالتحاق بالمدارس في العالم، حيث غالباً ما تكون المدارس ضعيفة الموارد. تحتاج هذه الحكومات للدعم لإدراج الأطفال اللاجئين في نظم التعليم الوطنية، كما يسعى بعضها للقيام بذلك فعلاً، وتوسيع البنية التحتية اللازمة لتحقيق ذلك.
لا يمكننا بناء مستقبل عن طريق تحويل الأطفال اللاجئين إلى نظام موازٍ للتعليم يعتمد على مواد قديمة أو صفوف مؤقتة أو مدرِّسين غير مدربين. لا يمكننا ارتجال التعليم وتخيل أنه جيد بما فيه الكفاية.
يجب على المنظمات الإنسانية والحكومات والقطاع الخاص التكاتف لزيادة تمويل التعليم وتصميم حلول أكثر ابتكاراً واستدامةً لدعم الاحتياجات التعليمية الخاصة للاجئين. يجب أن تحقق وعد إعلان نيويورك ونبدأ بتحويل الكلام إلى أفعال. وينص الميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي ستعتمده الجمعية العامة في وقت لاحق من هذا العام، على ترتيبات عملية تهدف إلى تحقيق ذلك، بهدف تعزيز اعتماد اللاجئين على الذات وتخفيف العبء على البلدان المستضيفة.
ويجب أن يشمل هذا الجهد العالمي لتغيير حياة اللاجئين جهوداً منسقة لتحسين الفرص التعليمية والموارد. وبذلك، سوف نعيد لهم مستقبلهم ونثري عالمنا.