المفوضية وشركاؤها يصارعون لتلبية الاحتياجات الإنسانية للاجئين
يشدد المفوض السامي على أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخلياً يتخطى 60 مليون شخص حول العالم.
جنيف، 5 أكتوبر/تشرين الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- إن أزمة اللاجئين العالمية كبيرة إلى حد أن المفوضية والوكالات الأخرى تصارع من أجل الاستجابة للاحتياجات الإنسانية التي تواجهها ولتلبيتها.
كانت تلك الرسالة القاتمة التي وجهها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، اليوم أمام اللجنة التنفيذية للمفوضية.
وشدد غوتيريس على أن هناك أكثر من 60 مليون لاجئ وطالب لجوء ونازح داخلياً في العالم وقال بأن العدد يرتفع. وتذكر أنه عندما تولى منصب المفوض السامي منذ عشرة أعوام، كان عدد اللاجئين يبلغ 38 مليون شخص وكان في حالة تراجع.
كما قال بأن 15 صراعاً جديداً اندلع أو تجدد في الأعوام الخمسة الأخيرة ولم يحل أي من الصراعات القديمة.
وأضاف: "ازداد عدد اللاجئين والنازحين حول العالم بسبب الصراعات في كل عام أربعة أضعاف تقريباً في هذه الفترة - من حوالي 11,000 شخص تقريباً في العام 2010 إلى 42,500 شخص في العام الماضي."
وقال بأن العالم أصبح أكثر هشاشة وأن الصراعات انتشرت بطرق غير متوقعة كما أن طبيعتها ازدادت تعقيداً إلى حد كبير.
"من بين النتائج، تقلص المساحة الإنسانية، الذي جعل عمل المنظمات كالمفوضية أكثر صعوبة وخطورة. وتعتبر الأزمات الكبرى المترابطة في سوريا والعراق والتي هجرت أكثر من 15 مليون شخص مثالاً قوياً على ذلك- ولكنه ليس الوحيد."
وشهد العديد من القارات موجات نزوح وتدفق جماعي للاجئين: ففي الأشهر الاثني عشر الأخيرة فقط، بلغ عدد النازحين واللاجئين في اليمن 1.1 مليون شخص؛ وفر نصف مليون شخص إضافي من منازلهم في جنوب السودان؛ وفي ليبيا ثمة 300,000 شخص إضافي نازحين في البلاد. وفي أماكن أخرى، يفر عشرات الآلاف من أعمال العنف التي ترتكبها العصابات في أميركا الوسطى في حين عبر 94,000 شخص خليج البنغال بحثاً عن الحماية.
جزء كبير من موجة النزوح الجديدة هذه والقديمة مرت دون أن يتنبه إليها العالم، وقال المفوض السامي: "في الماضي، كنا نواجه حالات طارئة وحالات لجوء طال أمدها؛ ويبدو أننا الآن نشهد حالات طارئة يطول أمدها يوماً بعد يوم. ولسنوات، عملنا بجهد لإدراج مسألة النزوح في البرنامج السياسي العالمي-ولكننا لم ننجح دائماً. ولكن بعد الأحداث المأساوية التي شهدتها شواطئ وحدود أوروبا هذا الصيف، لم يعد بإمكان أحد أن يتجاهل أزمة لجوء تفاقمت دون ينتبه إليها الآخرون."
الأعداد التي تصل كبيرة- أكثر من نصف مليون حتى الآن في هذا العام في أوروبا- ولكن غوتيريس قال بأن إدارة هذا التدفق في قارة يعيش فيها أكثر من 500 مليون شخص كانت ممكنة، وإن قرار الاتحاد الأوروبي لنقل 160,000 طالب لجوء إلى مواقع أخرى كان خطوة أساسية في الاتجاه الصحيح.
ولكنه قال بأنه ما زال هناك الكثير للقيام به حتى يعمل النظام بشكل جيد، وشدد بشكل خاص على الحاجة إلى إنشاء مراكز استقبال ملائمة بالقرب من نقاط الدخول تتمتع بالقدرة الكافية لاستقبال عشرات الآلاف من الأشخاص ومساعدتهم وتسجيلهم وفحصهم، وسبل قانونية إضافية للأشخاص الذين يبحثون عن الحماية وللمهاجرين لأسباب اقتصادية حتى يتمكنوا من الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
كما شدد على أن الحاجة ستكون على المدى الطويل معتبراً أن التدفق الهائل إلى أوروبا في العام 2015 هو أزمة على صعيد اللجوء والهجرة على حد سواء.
وفي إيطاليا، قال بأن القادمين كانوا "من طبيعة مختلطة بشكل واضح" ومرتبطين بالصراعات الإفريقية والفوضى في ليبيا ولكنه أفاد أيضاً بأن عدم الاستقرار على الصعيد الاقتصادي والديموغرافي في إفريقيا وأوروبا ساهم في هذه التحركات.
وفصّل غوتيريس قائلاً: "من الواضح أن غالبية الأشخاص الواصلين إلى اليونان آتون من بعض البلدان العشرة الأولى المنتجة للاجئين في العالم وتحديداً من سوريا والعراق وأفغانستان. واستقبلت اليونان وحدها أكثر من 400,000 وافد هذا العام- أي أكثر من تسعة أضعاف الرقم المسجل في عام 2014، وذلك بشكل أساسي نتيجة الأزمة السورية."
وقال بأن الوكالات الإنسانية لم تعد قادرة على التكيف بالكامل إزاء الارتفاع الكبير في الاحتياجات العالمية. وشدد على أن النظام الإنساني ليس منحلاً ولكنه يمر بأزمة مالية.
"لم نعد قاردين على تلبية المتطلبات الدنيا حتى على صعيد الحماية والمساعدة المنقذة للحياة من أجل الحفاظ على كرامة الأشخاص الذين نقوم برعايتهم. والتمويل الحالي الذي تم الحصول عليه لنداءات الأمم المتحدة الـ 33 من أجل توفير المساعدات الإنسانية لـ 82 مليون شخص حول العالم يبلغ 42% فقط. وتتوقع المفوضية الحصول على 47% فقط من التمويل الذي نحتاج إليه هذا العام. وقد تمكنا من تجنب تقليص كبير في دعمنا المباشر للعائلات اللاجئة ولكن ذلك أثر كثيراً على أنشطتنا الأخرى."
وقال المفوض السامي إن المفوضية قامت بتعزيز قدرتها على التعامل مع الحالات الطارئة، استجابةً للأزمة في العام الماضي، مرسلةً أكثر من 600 بعثة للاستجابة لحالات الطوارئ في العامين 2014 و2015.
وكانت الحماية، وبخاصة حماية الأطفال، تشكل أولوية أيضاً إذ ارتفع عدد طلبات اللجوء المقدمة من قبل الأطفال غير المصحوبين إلى مستويات لم يسبق لها مثيل.
ونظراً لارتفاع أعداد اللاجئين الذي يطرح ضغطاً كبيراً على الدول المستقبلة، شدد غوتيريس على أن العالم يجب أن يعيد التفكير في كيفية تمويل الاستجابة للأزمات الإنسانية. ودعا إلى إيجاد رابط أقوى بين المساعدات الطارئة والمساعدة في التنمية.
وقال أيضاً بأنه يجب على الجهات الفاعلة في مجال التنمية في العالم، ومن بينها الدول والهيئات العالمية، أن تقوم بالمزيد لمساعدة البلدان المجاورة لمناطق الصراع التي تستقبل أعداداً هائلةً من الأشخاص الفارين والتي هي "أسس السلام والاستقرار" في مناطقها.
ولفت المفوض السامي الانتباه إلى إحصاءات محبطة. فقد عاد 126,000 لاجئ فقط إلى بلدانهم خلال العام الماضي - ويعتبر هذا أقل عدد مسجل منذ ثلاثة عقود.
وبما أن التوقعات الحالية لإيجاد حلول دائمة محدودة بالنسبة لكثير من اللاجئين، قال إن المفوضية والآخرين يحتاجون إلى التركيز على استراتيجيات جديدة والعمل مع الحكومات والشركاء لتعزيز صمود اللاجئين واعتمادهم على الذات.
وشدد على أن الصراع المسلح هو المحرك الأكبر للنزوح وعلى أن الحلول يجب أن تكون سياسية، ولكنه قال بأن ما ينقص هو الوسطاء النزهاء والقدرة على إحضار كافة الدول التي تؤثر على الأطراف المتناحرة إلى طاولة المفاوضات.
وأضاف قائلاً: "لن نشهد تحسناً حقيقياً إلا عندما يتغلب الأشخاص الذين يموّلون ويسلحون ويدعمون الأطراف في كل صراع يدور اليوم على اختلافاتهم ومصالحهم المتضاربة ويعترفون أن الجميع يخسر في هذه الحروب ويتفقون على طريقة مشتركة لإنهاء سفك الدم".
وبالحديث عن القمة العالمية للعمل الإنساني المقبلة المقرر عقدها في مايو/أيار 2016، قال غوتيريس أن أحد أهدافها يجب أن يكون بناء شراكة إنسانية عالمية تتجاوز النظام الحالي المتعدد الأطراف الذي أسسه الغرب أساساً.
أكثر من ثلثي اللاجئين في العالم هم من المسلمين. وقال غوتيريس بأنه من المهم أن ندرك أن التقاليد الإسلامية القديمة والنصوص القانونية واردة جميعها في المبادئ الأساسية المنصوص عليها في اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
ودعا إلى تشكيل جبهة مشتركة بين العالمين الغربي والإسلامي ليس فقط للتعامل مع اللاجئين ولكن أيضاً لمواجهة الإسلاموفوبيا وانجذاب الأجيال الشابة إلى الأيديولوجيات المتطرفة، وقال بأن ذلك يعتبر حاجة ملحة.
وشدّد المفوض السامي على استمرار أهمية اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين لكنه قال بأن المزيد من التضامن الدولي وتقاسم الأعباء يُعتبر أساسياً للحفاظ على حماية اللاجئين.
"في الوقت الذي نواجه فيه أعلى مستويات من النزوح القسري في التاريخ، يجب أن تظل مؤسسة اللجوء مصانة ومكرّمة باعتبارها واحدة من أعمق التعابير عن الإنسانية - لا سيما في الوقت الحالي بما أنها تخضع لاختبار صعب في أجزاء كثيرة من العالم".