الموسيقى تجمع بين لاجئين وفنانين في أوركسترا ألمانية
تجمع أوركسترا في فرانكفورت بين موسيقيين لاجئين ومؤدين محليين ودوليين.
وسيم الحريري من سوريا يتدرب مع أوركسترا "جسور".
© UNHCR/Gordon Welters
يعلو صوت المغني المولود في أفغانستان، أمير فافا، فوق صوت الفرقة، ويغني بلغة ألمانية تكاد تكون مثالية: "أشعر بألم كبير! وطني! لن أراك ثانيةً".
قد يبلغ عمر أغنية "حنين إلى الوطن" لفاني هنسل، قرنين من الزمن، ولكن أمير يغني كلماتها من قلبه. كان في السادسة عشرة من عمره فقط عندما فر من الاضطهاد.
وفي فترة الاستراحة بين التدريبات للحفل المقبل لأوركسترا "جسور" التي تضم موسيقيين دوليين وتتخذ من فرانكفورت مقرها لها، يشرح أمير البالغ من العمر اليوم 20 عاماً، قائلاً: "الأغنية مميزة لأننا نشعر بها جميعنا. نشعر جميعنا بالحنين إلى الوطن. لم أرَ عائلتي منذ وقت طويل".
"الموسيقى هي طريقة جيدة للاندماج"
في عام 2014، انضم أمير إلى شقيقه الأكبر في فرانكفورت حيث حصل على صفة اللجوء ودخل مجدداً إلى المدرسة الثانوية وبدأ بتعلم الألمانية. ولكن أمير الذي يعزف أيضاً على الغيتار والذي كان يغني في جوقة محلية كلاسيكية في طفولته، بقي يشعر بأن هناك ما ينقصه، إلى أن سمع أن منظمي مشروع جديد يبحثون عن موسيقيين بين الوافدين الجدد إلى ألمانيا. وفي أوائل عام 2016، حضر الاجتماع الأول لـ"جسور" التي تجمع بين موسيقيين لاجئين ومؤدين محليين ودوليين.
وتشرح المديرة الثقافية لـ"جسور"، أنكي كارين ميير، قائلةً: "إنها رؤية شاملة تقوم على فكرة أن الموسيقى هي صلة وصل وأنها مشتركة بيننا". الهدف في استعمال الموسيقى يكمن في تشجيع الحوار بين الثقافات الذي سيكون مفيداً للوافدين الجدد وللسكان المحليين على حد سواء.
وصل حوالي نصف موسيقيي "جسور" البالغ عددهم 70 شخصاً إلى ألمانيا مؤخراً، وبعضهم لاجئون. يأتون من مجموعة واسعة من الأنماط الموسيقية، من الجاز والبوب إلى الموسيقى الكلاسيكية والهيب هوب والبلوز وموسيقى العالم. وقد أدت الأوركسترا التي انطلقت منذ ثلاثة أعوام حفلها الثالث مؤخراً.
ومن بين الملحنين في "جسور"، عباس أنور، وهو لاجئ سابق من دارفور في غرب السودان والخبير المقيم في موسيقى الهيب هوب الإفريقية في المشروع. أتى مغني الراب هذا إلى ألمانيا في عام 2010 وحصل منذ ذلك الحين على الجنسية الألمانية، ويقول بأن "بريدج" ألهمته باعتماد أنغام جديدة.
ويقول عباس البالغ من العمر 42 عاماً والذي يضم لحنه بعنوان "أعوام من المعاناة" نغمات عربية وإفريقية وإيقاعات مونغولية: "يمكنني أن أقيم حفلاً بمفردي بواسطة كمبيوتر ولكن ذلك مضجر. هنا يساهم الجميع بأصواتهم وبآلاتهم وبالموسيقى الخاصة بهم. لهذا السبب تسمى هذه الأوركسترا "جسور".
ويوافق رينر ميشيل، وهو مؤلف ألماني لموسيقى الأفلام تعاون مع عباس من خلال "جسور" في مشروع موسيقي آخر، ويقول: "إن الأمر يتعلق بهذا المزيج الرائع والغريب. أحببت كيف أننا تمكنّنا مباشرةً من تجربة أمور لا تتناسب بالضرورة مع بعضها منطقياً".
يمزج أمير وغيره من موسيقيي "جسور" تأثيرات الموسيقى العربية والإفريقية والآسيوية والأوروبية، ويقول بأن التعاون أتاح له التعرف على أمور جديدة من الناحية الموسيقية ولكن المشروع كان أكثر من مجرد فرصة لتأليف أنغام جديدة.
اقرأ أيضاً: لاجئون وطلاب موسيقى يعزفون معاً في فيينا
ويقول أمير: "بالنسبة لي، كان عزف الموسيقى الأهم على الدوام ولكنني تعلمت الكثير أيضاً، عن اللغة وعن الألمان. إنهم صريحون جداً وأحب فكرة أنهم يقولون ما يفكرون به".
وقد شكل المشروع أيضاً شريان حياة اجتماعياً محفزاً للاندماج بالنسبة لوافدين حديثاً آخرين.
ويقول وسيم الحريري البالغ من العمر 26 عاماً، وهو عازف كمان من دمشق، غادر سوريا إلى ألمانيا في صيف عام 2015: "التقيت بالكثير من الأشخاص هنا. الموسيقى هي طريقة جيدة للاندماج وهي تجعل العالم مكاناً أفضل. لو اختار الجميع طريق الموسيقى، فلن يكون هناك حروب. أتمنى أن يفعلوا ذلك".