الآلاف يفرون من العنف في جنوب شرق جمهورية الكونغو الديمقرطية
المفوضية تحذر من كارثة وشيكة في إقليم تنغانيكا في ظل النزوح وانتهاكات حقوق الإنسان الناشئة عن المواجهات الإثنية.
كاليمي، جمهورية الكونغو الديمقراطية- وصل جان كيزا كمبي ممبلاً تماماً بعد أن مشى طوال 14 ساعة في الغابات والتلال تحت المطر الكثيف، حتى أنه عبر نهراً كاد أن يجرفه.
كان يحمل معه فراشاً عتيقاً ودلواً بلاستيكياً يضع فيه ما يملكه. واليوم، يقف الرجل البالغ من العمر 58 عاماً على تلة تطل على مئات المآوي المؤقتة في موقع كالونغا للنازحين داخلياً في إقليم تنغانيكا، جنوب شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
بصفته نائب عمدة القرية، فإن جان يشعر بالقلق على مصير بعض السكان الذين فقدهم في الغابة: "لا يزال البعض في الغابة فيما فر آخرون إلى قاعدة عسكرية. عندما كنت أركض، رأيت خمس جثث على الأقل".
حالهم حال جان، نزح أكثر من 4.5 شخص من الإقليم داخل بلادهم مما يجعل جمهورية الكونغو الديمقراطية البلد الإفريقي الذي يضم أكبر عدد من النازحين داخلياً.
وتقول المفوضية بأن "كارثة إنسانية كبيرة" على وشك أن تصيب إقليم تنغانيكا الذي يغرق أكثر في أعمال العنف "التي تتسبب بارتفاع معدلات النزوح وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان".
وفي مؤتمر صحفي في قصر الأمم في جنيف، قال المتحدث باسم المفوضية أندريه ماهيسيتش بأن مناطق عديدة في الإقليم شهدت أعمال عنف ونزوحاً جماعياً نتيجة الصراع بين المجموعات الإثنية. وقال جان كيزا كمبي بأن قريته تعرضت لهجوم من قبل أعضاء مجموعة إثنية منافسة.
"تهدد المجموعات المسلحة بإيقاع المزيد من الخراب"
وتابع ماهيسيتش قائلاً: "بالإضافة إلى ذلك، استمرت الاشتباكات الشديدة بين القوات المسلحة والميليشيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ نهاية شهر يناير في حين تهدد مجموعات مسلحة جديدة بإيقاع المزيد من الخراب في الإقليم. وقد روى أشخاص يفرون للنجاة بحياتهم بالقرب من عاصمة الإقليم، كاليمي، قصصاً عن أعمال عنف مروعة وقعت خلال الهجمات على قراهم، شملت أعمال القتل والاختطاف والاغتصاب".
وأضاف بأنه، خلال عام 2017، وثقت فرق المفوضية أكثر من 12,000 تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان في تنغانيكا ومنطقة بويتو المجاورة التي وصل إليها الصراع: "ولكن المفوضية تخشى أن يكون عدد الأشخاص المتأثرين بأعمال العنف أعلى بكثير نظراً لصعوبة الوصول إلى عدد كبير من المناطق".
يضطر العديد من ضحايا أعمال العنف للعيش في مواقع كبيرة للنازحين وأحدها موقع كاتانيكا الذي يضم أكواخاً صغيرة مبنية من الأعشاب وأغصان الأشجار منتشرة في سهل وعلى التلال المحيطة به.
يعود أحد هذه الأكواخ إلى بروسبر كامونا كبوي البالغ من العمر 59 عاماً والذي وصل في ديسمبر 2017. كان أفراد عائلته في الخارج عندما تعرضت القرية لهجوم وهو يتوق لإيجادهم.
وقد أخبر المفوضية قائلاً: "كانت زوجتي وبناتي الأربع في الحقل عندما وقع الهجوم. وكان ابناي يصطادان السمك عند البحيرة. وعندما يسمح الوضع الأمني سأذهب للبحث عنهم. أشعر بالسوء عندما أفكر بهم. لست مرتاحاً ولا أنام جيداً".
"يعاني الناس من الجوع والمرض والملاريا وفقر الدم"
وقال بأن الظروف المعيشية في الموقع سيئة: "يعاني الناس من الجوع والمرض والملاريا وفقر الدم. وتدخل المياه من سقف كوخي. يمكنكم رؤيتها، الأرض لا تزال رطبة".
وقال بأنه يأمل أن يجد عملاً في الحقول المجاورة أو يعمل في جمع الحطب ليكسب رزقه. وأفادت المفوضية بأن النساء العازبات والأرامل اللواتي ممن هن دون مأوى مناسب عرضة للعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس بشكل أكبر في مناطق النزوح.
تعيش توندوا كيسيمبا البالغة من العمر 32 عاماً في مأوى مؤقت مع أطفالها الخمسة في قرية كاليمي. يفتقر المأوى إلى الأبواب وهي تستخدم قطعة من القماش لحمايتها وحماية أطفالها وقد قُتل زوجها خلال الهجوم.
تقول: "عندما فررت، لم أستطع أخذ شيء معي باستثناء أطفالي. طلبت من الناس في المدينة إعطائي مواد للبناء، فأعطوني بعض الأقمشة والأكياس. تدخل مياه الأمطار إلى مأوانا ويمرض أطفالي. لا أشعر بالأمان حيث يمكن للرياح أن تدمر المأوى".
أدت أعمال العنف المنتشرة في تنغانيكا التي تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة سويسرا والتي يصل عدد سكانها إلى حوالي 3 مليون نسمة، إلى نزوح أكثر من 630,000 شخص داخلياً، وهو ضعف عدد النازحين في ديسمبر 2016.
قال ماهيسيتش بأن المفوضية تدعو إلى زيادة المساعدات للسكان حتى يتمكنوا من التكيف مع الوضع.
في العام الماضي، حصلت المفوضية على أقل من دولار أميركي واحد للشخص على شكل مساهمات الجهات المانحة لبرامجها المتعلقة بالنازحين داخلياً في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتدعو المفوضية لعام 2018 إلى تقديم 368.7 مليون دولار أميركي للوضع الكونغولي. وثمة حاجة إلى 80 مليون دولار أميركي لدعم السكان النازحين داخلياً في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
البعض أقل حظاً من جان كيزا كمبي. وبعد النوم لبضع ساعات، ذهب للبحث عن زوجته وأطفاله ووجدهم آمنين مع بعض الأقارب.