البيان الافتتاحي في الدورة الثامنة والستين للجنة التنفيذية لبرنامج المفوض السامي

 

فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يتحدث في الدورة الثامنة والستين للجنة التنفيذية لبرنامج المفوض السامي.  © UNHCR/Jean-Marc Ferré

السادة المندوبون،
السيدات والسادة،

قبل عام، اجتمعت الدول في نيويورك لإعادة التأكيد على القيم الأساسية للتضامن وحماية الأشخاص المجبرين على مغادرة بلدانهم.

واتفقت الدول على تقاسم المسؤولية لاتخاذ إجراءات عملية.

ثمّ قررت معالجة تدفقات اللاجئين وحلّها من خلال نموذج جديد يضع حقوق ومصالح وإمكانيات اللاجئين ومضيفيهم في صميم استجابة شاملة.

أيها السيدات والسادة،

إنَّ تحقيق هذا المطمح لم يكن يوماً أكثر إلحاحاً من الوقت الحاضر.

في غضون خمسة أسابيع فقط، فرّ نصف مليون لاجئ من الروهينغا من أعمال العنف المرعبة في ميانمار بعد أن انتُهكت حقوقهم تدريجياً طوال عقود.

وأثناء عبورهم إلى بنغلاديش، كان هناك أكثر من 50,000 لاجئ يفرون من جنوب السودان- بعد أن تبددت الأحلام التي رافقت الاستقلال وأخذت البلاد تُفرغ نفسها من سكانها.

كما فر 18,000 شخص آخر من الاشتباكات العنيفة في جمهورية إفريقيا الوسطى، على الرغم من الإشارات السابقة حول إمكانية تراجع حدة الصراع.

إنَّ الأزمات المستمرة تتعمق. وبالنسبة للعديد من اللاجئين، أصبح البحث عن السلامة والحماية أكثر خطورةً.

ففي شمال أميركا الوسطى، يتنقل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، بحثاً عن مكان يختبئون فيه من عنف العصابات.

وفي اليمن، هنالك ما يقرب من ثلاثة ملايين شخصٍ نازحين داخلياً، بينما تواجه البلاد خطر المجاعة الذي يلوح في الأفق، وتفشي الكوليرا على نطاقٍ واسع، والأثر اليومي لصراع يدور مع تجاهل صارخ لأرواح المدنيين.

وأمّا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد أدى العنف في منطقة كاساي إلى تدفق اللاجئين إلى أنغولا، ودفع عدد النازحين داخلياً إلى ما يفوق الثلاثة ملايين.

وعلى طول طريق وسط البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا الذي يمتد من الصحراء مروراً بليبيا إلى إيطاليا، لا يزال اللاجئون القادمون من إريتريا والصومال وأماكن أُخرى يواجهون حالات خطيرة من الاستغلال والاعتداء، إلى جانب آلاف المهاجرين. ويكون الناجون من الرحلة، أو الذين يجدون سبيلاً للعودة إلى وطنهم، محطمين جسدياً ونفسياً.

تترسخ الأزمات الطويلة الأمد بعمق. ففي الصومال، تبذل الحكومة جهوداً هامة لتحسين الأوضاع الأمنية وسيادة القانون. وعلى الرغم من ذلك، يستمر القتال وتستمر الهجمات المباشرة على القرى والبنية التحتية المدنية، ويؤدي الجفاف الشديد إلى تهجير مئات الآلاف من الأشخاص.

وفي أفغانستان، بلغ عدد الضحايا المدنيين أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد.

وفي تندوف، في الجزائر، يصارع اللاجئون الصحرايون الضعفاء من أجل البقاء على قيد الحياة نظراً لتقلص حصصهم الغذائية، بعد أربعة عقود على انتظارهم لحل.

كما يؤثر النزوح على مئات الآلاف في بوروندي وأوكرانيا وفنزويلا؛ واللائحة تطول.

أيها المندوبون الموقرون،

يبدو جلياً أن الظروف التي أدَّت إلى اعتماد إعلان نيويورك لم تنتهِ.

وبدون الإحساس المشترك بالهدف اللازم لمنع نشوب الصراعات ووقفها وحلّها، سيظل العالم يواجه تدفقات جديدة من اللاجئين، ويجب أن يعزز قدرته على الاستجابة.

اللاجئون والنازحون هم الإشارات الأكثر وضوحاً على تصدع المجتمعات، حيث يؤدي مزيج من الأسباب الجذرية إلى تعزيز ظروف نشوب النزاعات والاضطهاد. فالتخلف والفقر، وتغيّر المناخ والتدهور البيئي، وعدم المساواة والإقصاء، وسوء الحوكمة أو غيابها، وضعف سيادة القانون، كلها أمور تسمح بسيطرة الغضب وعدم الاستقرار والتطرّف العنيف والشبكات الإجرامية عبر الوطنية والعصابات المنظمة.

لكنَّ تدفقات اللاجئين هي أيضاً نتيجة لتعثر التعاون الدولي.

لقد كان لقضية اللاجئين دائماً أبعاد سياسية، لكنَّ هذه تصاعدت بقوة في السنوات الأخيرة. وأصبح اللاجئون قضية بارزة في السياسات المحلية والوطنية، وحتى أداة في العلاقات بين الدول.

يجري باستمرار اختبار الحماية. وفي بعض الأحيان، يبدو أن اللاجئين أصبحوا سلعةً تُتداول بين الدول.

وكثيراً ما أفسحت القيادة القائمة على المبادئ المجال أمام انتهاك حقوق اللاجئين، مدفوعةً بآراءٍ عامة مرتبكة، وأحياناً خائفة، أثارها سياسيون غير مسؤولين. واستُعيض عن التعاون الدولي باستجابات مجزأة، مما أدى إلى تدابير تقييدية في مجال الهجرة واللجوء، حتى في البلدان التي لها تاريخها الخاص في اللجوء والهجرة، وتقاليد عريقة في الاستقبال والترحيب.

إن إغلاق الحدود والتدابير الهادفة للحد من دخول البلاد أو تجنب المسؤولية وإجراءات اللجوء التقييدية والاحتجاز لأجل غير مسمى في ظروف مروعة ودراسة الملفات خارج البلد والضغط من أجل العودة السابقة لآوانها إلى الوطن - كل ذلك قد تزايد للأسف. كما أن ارتفاع ظاهرة كراهية الأجانب يستهدف اللاجئين أيضاً.

لقد لاحظنا تدهور بيئة الحماية في أجزاءٍ كثيرة من العالم، بما في ذلك البلدان الصناعية- في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا.

ومع ذلك، كان هنالك موجة موازية كبيرة من التضامن مع اللاجئين من قبل المجتمع المدني، والتي عززتها في غالب الأحيان القيادة المتزنة التي يتولاها رؤساء البلديات والمؤسسات والشخصيات العامة الأُخرى.

لقد تمت مقابلة تدابير الردع والإقصاء بأعمال تعاطف وترحيب فردية وجماعية.

واتخذ الطابع الدولي لحماية اللاجئين أشكالاً جديدة- من خلال شبكات المدن ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات القطاع الخاص والمؤسسات الرياضية وأنواع أخرى من التعاون العابر للحدود.

والأهم من ذلك أنّ أهم البلدان المضيفة للاجئين والتي يتمتع قادة بعضها بتجربتهم خاصة من حيث الفرار والمنفى - استمرت في إظهار مستويات غير عادية من السخاء والالتزام بحماية اللاجئين.

تخفف التدابير لدعم جهود تلك البلدان وتعزيز الحماية أثر وجود اللاجئين الواسع النطاق، وتبقى المشاركة الفعلية في المسؤولية أمراً أساسياً. هذا هو التحدي الجوهري أمامنا.

إن الأمر ليس فقط مسألة مبادئ وقيم، إنما مسألة بناء الاستقرار الإقليمي والعالمي. وتُعتبر حماية اللاجئين والأمن هدفين متكاملين ويجب السعي إلى تحقيقهما معاً.

أيها المندوبون الموقرون،

بلغ عدد النازحين قسراً 65.6 ملايين شخص في نهاية عام 2016. ويُكمل ذلك الاتجاه التصاعدي للسنوات الخمس السابقة.

لقد فر حتى الآن في عام 2017، أكثر من مليوني شخص من بلدانهم كلاجئين، غالباً ما يصلون مرضى وجائعين ومصابين بالصدمة، إلى مواقع حدودية نائية وإلى مجتمعات فقيرة ومتأثرة بالصراعات.

لدى العديد منهم احتياجات ملحة على صعيد الحماية، أطفال منفصلون عن عائلاتهم ورجال ونساء وفتيات وفتيان معرضون للعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس، وأشخاص من ذوي الإعاقة أو يواجهون مخاطر أخرى.

يعمل الزملاء في المفوضية والشركاء في كافة أنحاء العالم- ولا سيما الموظفون المحليون- بلا كللٍ لتوفير الحماية والدعم. وكثيراً ما يتعرضون لمخاطر أمنية خطيرة.

وأود أن أنقل- لكل فرد منهم- عميق امتناني واحترامي لشجاعتهم والتزامهم.

لا يمكننا اليوم، في أي أزمة من أزمات النزوح، أن نتوقع التوصل إلى حل وشيك ونهائي. 

ومع ذلك، قد نتجه نحو مرحلة جديدة، لكنها ليست أقل تعقيداً، تظهر فيها ديناميات جديدة هامة. سأقدم لكم مثالين.

أولاً، لا تزال سوريا مصدر أكبر عدد من النازحين قسراً في العالم. ولكنْ كما هو الحال في العراق المجاور، فقد بات النزوح سريع التدفق.

يتحمل المدنيون العبء الأكبر من المواجهات العسكرية الرئيسية في المواقع الاستراتيجية الأساسية مثل الرقة ودير الزور. وخلال هذا العام، تواصلت حركة نزوح ضخمة جديدة على الرغم من أن التحولات في السيطرة على الأراضي أفسحت بعض المجالات لعودة النازحين داخلياً، كانت عموماً عودة إلى ظروف من الدمار القاتم، وأحياناً عودة في غياب بدائل أُخرى قابلة للتطبيق.

فمن دون تسوية سياسية، سيبقى التقدم نحو الاستقرار مجزأً ومحدوداً. وفي غضون ذلك، يجب الحفاظ على توفير الحماية الدولية والدعم للخمسة ملايين لاجئ سوري في البلدان المجاورة.

ولكن داخل سوريا وخارجها على السواء، بدأت تظهر علامات تدل على العزيمة، من المهم أن يتم تعزيزها- خصوصاً إذا تحقق في موازاة ذلك تقدم بشأن تخفيف حدة التصعيد في محادثات أستانا.

ثانياً، في شمال شرق نيجيريا، يظهر استقرار أكبر في بعض المواقع، ويجري تعزيز الحماية بشكل تدريجي للمجتمعات التي كانت تتعرض سابقاً لأعمال وحشية لا مثيل لها. وأصبحت الاستثمارات الإنمائية السريعة، كما اتُفق عليها في مؤتمر أوسلو في فبراير، ضرورية الآن لمساعدة العائدين ومجتمعاتهم المحلية على إعادة بناء حياتهم.

 يجب أن تدار هاتان الحالتان، وغيرهما من الحالات التي تشهد تقلبات كثيرة، بعناية.

ويجب أن تكون عمليات العودة، في كل مكان، طوعية تماماً، وألاَّ تتجاوز القدرة على استقبال واستيعاب القادمين إلى ديارهم. وتدل التجربة المريرة على أن العودة المبكرة، لا سيما تحت الضغط، تنطوي على مخاطر ولا تكون مستدامة.

ولكنّ استجاباتنا يجب أن تكون مكيفة وفقاً لاحتياجات النازحين وأن تدعمهم، هم الذين يجدون مساراتهم الخاصة نحو الحلول، حتى في الظروف المعاكسة.

نحن بحاجة إلى البقاء على المسار والحفاظ على الحماية في بلدان اللجوء. ولكنْ يجب علينا أيضاً أن نعزز الظروف التي يمكن أن تظهر فيها عناصر الحلول.

وهذا يعني الاستثمار في التعليم ووسائل كسب العيش وتنمية المهارات، ومساعدة اللاجئين على الاستعداد للوقت الذي يمكنهم فيه العودة إلى ديارهم.

التعليم أمر ملح بصفة خاصة. لا يلتحق بالمدارس الابتدائية سوى 6 من أصل 10 أطفال لاجئين، بالمقارنة مع 9 من كل 10 أطفال عالمياً. إنَّ حرمانهم من التعليم يعني أيضاً حرمان بلدانهم من غدٍ ومستقبل.
 
حضرة السيدات والسادة،

لقد آن الآوان لأن نكون مستعدين للمستقبل- لأن نواصل ونعجل التحول في طريقة استجابتنا للنزوح القسري.

يوفر الإطار الشامل للاستجابة للاجئين الملحق بإعلان نيويورك نموذجاً جديداً للاستجابة.

لم يحدث سابقاً مثل هذا التوافق العالمي حول الحاجة إلى إعادة تشكيل طريقة انخراطنا في أزمات اللاجئين، وتقديم العناصر المجربة والمختبرة والأُخرى الجديدة معاً في إطار واحد.

وستجري بلورة ذلك في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين، وهو آلية لتقاسم المسؤوليات ينبغي أن تُشرك جميع الدول الأعضاء.

من الناحية العملية، ستؤدي هذه العملية إلى دعم أكثر قابلية للتوقع للبلدان والمجتمعات المضيفة، وإلى المزيد من أماكن إعادة التوطين وغيرها من المسارات القانونية إلى بلدان ثالثة، وزيادة المشاركة في حلّ النزاعات (وأسبابها الجذرية) بحيث تصبح العودة الطوعية إلى الوطن خياراً حقيقياً ومستداماً. يجب العمل على كل العناصر معاً، بعزمٍ متساوٍ.

ومن الأهمية بمكان، أنه يجري التخطيط لذلك في الوقت الذي تتشكل فيه إصلاحات السلام والأمن التي يقوم بها الأمين العام، من أجل منع نشوب الصراعات والتخفيف من حدتها، والجهود الرامية إلى الحفاظ على السلام، بوصفها المهمة الأساسية للأمم المتحدة.

يُعتبر هذا منعطفاً فريداً من نوعه وفرصة يجب ألاَّ تضيع.

فالمفوضية، كما تعلمون، كُلِّفت بوضع الإطار والشروع فيه، مع الدول وغيرها، بوصفه أساساً للميثاق العالمي.

إنّني ممتن للغاية للدول المضيفة للاجئين التي تطبقه الآن، والجهات المانحة والمنظمات الشريكة التي قدمت موارد مالية ومشورة تقنية وخبراء للسماح لنا بالمضي به قدماً.

يُطبق الإطار الآن في 11 دولة وهي كوستاريكا وجيبوتي والسلفادور وإثيوبيا وغواتيمالا وهندوراس والمكسيك وبنما والصومال وأوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة. ويجري أيضاً تطبيق عناصر من الإطار في عمليات أُخرى، وسيتم تطبيقه على نحو متزايد على كل حالات اللجوء الواسعة النطاق، الجديدة والطويلة الأمد على السواء.

نحن نشهد تغيرات ملموسة على الأرض.

ففي جيبوتي، على سبيل المثال، اعتُمِد قانون جديد يمنح اللاجئين الحق في العمل، ويشملهم في نظم الرعاية الصحية والتعليم الوطنية.

في إثيوبيا، تمّ تسجيل 20,000 طفل لاجئ إضافي في المدارس الابتدائية في العام الدراسي الأخير، وسيتمكن عشرات الآلاف من اللاجئين قريباً من العمل بصورة قانونية ليسهموا في الاقتصاد المحلي.

وحافظت أوغندا على سياساتها التقدمية التي تسمح لجميع اللاجئين بالدخول إلى أراضيها وتخصص لهم الأراضي على الرغم من الضغوط الهائلة. وأفرزت قمة التضامن التي عُقدت في يونيو دعماً دولياً مهماً.

لقد أظهرت كذلك عقود من الخبرة، من المؤتمر الدولي المعني باللاجئين من أميركا الوسطى (CIREFCA) في أميركا اللاتينية إلى عملية بالي في آسيا، كيف يمكن للنهج الإقليمي أن يساعد على زيادة فعالية الحلول لحالات اللجوء.

ويستند إلى ذلك اليوم تطبيقان إقليميان للإطار.

في إعلان نيروبي الذي اعتُمد في مؤتمر قمة خاص عقدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في مارس، تم الاتفاق على إطار إقليمي للحفاظ على حيز اللجوء والبحث عن حلول لنزوح الصوماليين. ويشمل ذلك السياسات التقدمية بشأن الحصول على التعليم والعمل وحرية التنقل. ويجري الآن تنفيذ خارطة طريق بقيادة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية بدعم من الاتحاد الأوروبي والمفوضية يشارك فيه مبعوثي الخاص المعني بالوضع في الصومال مشاركة كاملة.

وسأشارك أيضاً في مؤتمر إقليمي تستضيفه حكومة هندوراس هذا الشهر. واستناداً إلى تقليد من التعاون الإقليمي، سوف يتطلع إلى اعتماد إطار عمل لتعزيز الحماية وتشجيع الحلول في أميركا الوسطى والمكسيك.

حضرة السيدات والسادة،

يُعتبر العمل الإنمائي والتمويل عنصرين محوريين في النموذج الجديد- لتعزيز الحوار السياسي، وتوسيع نطاق تقديم الخدمات، وتعزيز الفرص الاقتصادية للاجئين والمجتمعات المضيفة. بإمكانهما معاً بناء القدرة على الصمود والاعتماد على الذات وتمهيد الطريق نحو حلول على المدى المتوسط والطويل.

بعد عقود من المحاولات المجزأة، إنني مقتنع بأنَّ هناك تغييراً جوهرياً جارياً.

فالاندماج الاجتماعي والاقتصادي للاجئين المدعوم بشكل سليم بأدوات السياسات والاستثمارات الإنمائية يستفيد منه اللاجئون ومضيفوهم على حد سواء، ويتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومبدأ "عدم إغفال أحد".

ويرتكز هذا العمل على تعزيز العديد من التحالفات الرئيسية للمفوضية.

نحن نسعى إلى إقامة شراكة تحولية مع البنك الدولي؛ وأود أن أعبر عن تقديري العميق للرئيس جيم كيم والرئيسة التنفيذية كريستالينا جورجيفا لدفعهما هذه الرؤية إلى الأمام.

لقد فتح البرنامج العالمي لتسهيلات التمويل الميسر من البنك الدولي للبلدان المتوسطة الدخل التي تواجهها حالات طوارئ كبرى خاصة باللاجئين، آفاقاً جديدة، لا سيما في الشرق الأوسط. وتعاونت منظمتانا أيضاً تعاوناً وثيقاً في إعداد البرامج التي ستُموَّل عن طريق مساهمة مؤسسة التنمية الدولية 18 التابعة للبنك الدولي التي تبلغ قيمتها ملياري دولار أميركي على شكل منح وقروض للبلدان ذات الدخل المنخفض المستضيفة للاجئين. ويوم الجمعة الماضي، أكدّ مجلس محافظي البنك الدولي أنَّ أوّل طلب لثمانية برامج وطنية تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار أميركي مؤهل للتمويل.

نحن نطوِّر كذلك شراكات مثمرة مع شركاء آخرين في المجال الإنمائي. يقوم البنك الإفريقي للتنمية وغيره من البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف وعدة وكالات إنمائية ثنائية بدعم الدول المضيفة لكي تشمل اللاجئين والمجتمعات المضيفة في خطط التنمية الوطنية. ولبعض المبادرات مثل "One Belt, One Road" (حزام واحد، طريق واحد) في الصين إمكانيات هامة. 

وقد تعززت شراكتنا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشكل خاص في حالة اللاجئين السوريين. ونحن نعمل مع منظمة العمل الدولية بشأن وصول اللاجئين إلى أسواق العمل، والحق في العمل وكسب الرزق؛ ومع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والشركاء الآخرين بشأن الشمل الاقتصادي للاجئين والتكامل حيثما كان ذلك ملائماً.

ويرتبط هذا العمل بتوصيات الفريق الرفيع المستوى المعني بتمويل الأنشطة الإنسانية. وتوجه "الصفقة الكبرى" عدداً من التغييرات المؤسسية في المفوضية أيضاً، تحت قيادة نائبة المفوض السامي كيلي كليمنتس.

كما أننا نشارك بالعمل من أجل النهوض بالإصلاحات التي يجريها الأمين العام على منظومة الأمم المتحدة الإنمائية. ويحدونا الأمل في أن يساعد ذلك على تيسير البرمجة السياسية والإنسانية والإنمائية المشتركة، مع الاستفادة من نقاط القوة للولايات المؤسسية، وإن كانت متكاملة.
 
أيها المندوبون الموقرون،

من بين اللاجئين البالغ عددهم 17.2 مليون الواقعين تحت ولاية المفوضية، تمكَّن نصف مليون شخص فقط من العودة إلى ديارهم في عام 2016. 

كان هذا الرقم ضعف الرقم المسجل في العام السابق، ولكنْ في بعض الحالات- بما في ذلك من باكستان إلى أفغانستان التي كانت تمثل أكبر عدد من العائدين- حدثت العودة في ظروف غير مثالية، مما أثار مخاوف بشأن الاستدامة. وشهد كلٌّ من السودان والصومال حركات عودة لما يتراوح بين 30,000 و40,000 لاجئ. في بلدان أُخرى، مثل جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، حيث كانت ترتفع حركات العودة، أدت حالات انعدام الأمن الجديدة إلى حدوث تدفقات جديدة إلى الخارج.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإننا نتحمّل مسؤولية جماعية تجاه اللاجئين والنازحين داخلياً في السعي إلى فتح فرص محتملة للحلول. ويتطلب ذلك اتخاذ إجراءات حازمة لمعالجة الأسباب الجذرية، ودعم إعادة الإدماج. وهنا، مجدداً، من المهم العمل مع الجهات الفاعلة في مجال التنمية.

ويجب ألاَّ ننسى أنَّ إعادة توطين اللاجئين حلٌّ هام. يحتاج ما يقرب من 1.2 مليون لاجئ إلى إعادة التوطين على الصعيد العالمي. فالمسألة المثيرة للقلق البالغ بالتالي أنَّ أقلّ من 100,000 مكان لإعادة التوطين يُتوقع أن تتوفر هذا العام- أي بانخفاض قدره 43% عن عام 2016.

إنَّ العدد المتزايد لبلدان إعادة التوطين وتوسيع نطاق برامج الرعاية المجتمعية والخاصة مشجِّعة، ولكنْ يجب تعزيزها.
إنني مقتنع بأننا نستطيع أن نفعل المزيد من أجل تعزيز إعادة التوطين والمسارات القانونية الأخرى كأدوات للحماية، بما في ذلك، في بعض الحالات، من خلال آليات الإجلاء الطارئ.

وأؤيد دعوة المفوضية الأخيرة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتقديم 50,000 مكان جديد لإعادة التوطين- وفي الواقع، أود أن أكرر طلبي الخاص إلى كل الدول الأعضاء بشأن 40,000 مكان إضافي في بلدان اللجوء والعبور على طول طريق وسط البحر الأبيض المتوسط.

وهذا أمر أساسي لأن إعادة التوطين يجب أن تكون جزءاً من مجموعة شاملة من التدخلات التي بدأنا تنفيذها على طول الطريق، لا سيما في ليبيا، لتحسين الوصول إلى الحماية والحلول في بلدان الأصل والعبور واللجوء.

ومن المجالات الهامة الأُخرى التي نعمل من أجل إيجاد حلول لها، انعدام الجنسية. التقدم يحدث. اكتسب أكثر من 60,000 شخص جنسية أو تأكدت جنسيتهم في عام 2016. وقد تمت الموافقة على إصلاحات السياسة المتعلقة بالجنسية في البرازيل والإكوادور وكينيا ومدغشقر والدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. 

إلاّ أن العزم اللازم لمعالجة حالات انعدام الجنسية الكبيرة والتي طال أمدها ما يزال يُفتقر. كما أن ازدياد النزوح القسري يولّد مخاطر جديدة لانعدام الجنسية، وهنالك اتجاه متنامي نحو الحرمان التعسفي من الجنسية.

لا توجد صلة أكثر وضوحاً بين انعدام الجنسية والنزوح من جماعة الروهينغا في ميانمار، الذين يُعتبر حرمانهم من الجنسية جانباً أساسياً من جوانب التمييز والاستبعاد التي شكّلت محنتهم لعقود.

سيتطلب وضع حل لنزوحهم في ميانمار وبنغلاديش وأماكن أُخرى في المنطقة وضع حد للعنف، ولكنْ أيضاً اتباع نهج ذي شقين لمعالجة الأسباب الجذرية لفرارهم: من خلال حل المسائل المتعلقة بالمواطنة والحقوق، ومن خلال التنمية الشاملة التي تعالج الفقر المدقع الذي يؤثر على كل الطوائف في ولاية راخين.

أيها السيدات والسادة،

يدعو إعلان نيويورك مجموعة واسعة من الأفراد والكيانات إلى الانخراط المباشر في حالات اللجوء وهو يتوخى نهجاً يشمل "المجتمع ككل".

بناءً على ذلك، قمنا بتعزيز مشاركتنا مع قطاع الشركات والمؤسسات الخيرية والرياضية وغيرها من المؤسسات.

وهي تلعب دوراً هاماً في تعزيز المواقف الإيجابية والتأثير على السياسة العامة.

قبل بضعة أيام، في ليما، في البيرو، دعاني رئيس اللجنة الأولمبية الدولية إلى إطلاق مؤسسة أولمبية جديدة للاجئين، ستعزز المبادرات الرياضية للاجئين.

ونحن نعمل مع غرفة التجارة الدولية لاستكشاف مجالات التعاون مع شبكتها المؤلفة من أكثر من ستة ملايين شركة.

كما أننا نضع اللبنات الأساسية لزيادة دخلنا السنوي للقطاع الخاص تدريجياً إلى مليار دولار أميركي.

وستظل الشراكات القائمة والجديدة مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ضرورية لكل جوانب عملياتنا.

واسمحوا لي أن أشير بصفة خاصة إلى أننا نعمل مع المنظمة الدولية للهجرة في الحالات المختلطة من اللجوء/الهجرة، بما في ذلك في ليبيا وعلى طول طريق وسط البحر الأبيض المتوسط. إنَّ الوضع الجديد للمنظمة الدولية للهجرة كمنظمة ذات صلة بالأمم المتحدة، ومشاركتنا المتوازية في الميثاقين العالميين هي- على ما أعتقد- فرص لتوضيح أدوار ومسؤوليات كلٍّ منّا.

في عام 2016، خصصنا 1.4 ملايين دولار أميركي لأكثر من 900 شريك. تم تخصيص 20% من نفقات برنامجنا للشركاء المحليين والوطنيين، ونحن نهدف إلى رفع النسبة إلى 25% بحلول عام 2020، وذلك تماشياً مع التزامنا في "الصفقة الكبرى".

وذلك لأن أول المستجيبين في أي حالة طوارئ - كما لاحظت من جديد في بنغلاديش الأسبوع الماضي - هم الناس والمنظمات المحلية دائماً.

أيها السيدات والسادة،

تنتظرنا مهمة جماعية بالغة الأهمية في عام 2018 - وهي الميثاق العالمي بشأن اللاجئين.

لدي آمال كبيرة.

نحن ننتقل الآن إلى فترة مشاورات أكثر كثافةً من خلال المناقشات المواضيعية التي يقودها مساعد المفوض السامي فولكر ترك.

عقدنا أولها، وسوف يكون هناك أربع مناقشات أخرى في الأسابيع المقبلة. أنا أشجعكم على المشاركة بفاعلية، بتقديم اقتراحات وأفكار ملموسة يمكن إدراجها في برنامج العمل سنقترحها كجزء من الميثاق.

وفي ديسمبر، سيجري خلال حوار المفوض السامي بشأن الحماية تقييم التقدم المحرز في تطبيق الإطار الشامل للاستجابة للاجئين، ونتائج المناقشات المواضيعية.

وبناءً على ذلك، ستساعد وثيقة توافقية، تتم صياغتها معكم، على تنظيم سلسلة من المشاورات الرسمية في عام 2018.

يرجى منكم متابعة المشاركة الصريحة والبناءة في هذه العملية.

أيها المندوبون الموقرون،

شكل التكيف وخفة الحركة عاملين أساسيين في قدرة المفوضية على الاستجابة للنزوح الناجم عن العديد من التطورات الرئيسية في العقود الماضية - إنهاء الاستعمار في إفريقيا، وتدفق الملايين في حرب بنغلاديش، والديكتاتوريات العسكرية في الأميركتين، والحروب في الهند الصينية، وأزمات فترة الحرب الباردة وما أعقبها.

وقد دعت كل هذه الأحداث إلى وخلقت إبداعات وتغيرات في نهجنا، واستثمارات في خبرات وقدرات جديدة.

وفي الآونة الأخيرة، دفعنا حجم وطبيعة أزمة اللاجئين السوريين إلى محاولة اتباع نهج جديدة، وتسخير التكنولوجيات الجديدة في شراكة مع الشركات، وتغيير الطريقة التي نستمع بها إلى اللاجئين ونلبي احتياجاتهم بصورة جذرية.

فنحن نعيش في ما تم وصفه بـ"عصر التسارع" الذي تتسارع فيه ثلاث من أكبر القوى على كوكب الأرض - التكنولوجيا والعولمة وتغير المناخ - في آن واحد، مع آثار كبيرة على مجتمعاتنا، وطرق عملنا وجغرافيتنا السياسية. ويشكل التوسع الحضري السريع وزيادة التنقل البشري بصورة ملحوظة جانبين من هذا التسارع المرتبط بالقضايا التي نتعامل معها.

فبات التكيف بالتالي "ضرورةً" أكثر من أي وقت مضى. وتبقى ولاية المفوضية لتأمين الحماية والحلول للنزوح ومنع حالات انعدام الجنسية وحلها، ثابتة، وسنواصل التقدم في عملنا. ولكن السعي إلى تحقيق هذه الولاية بفعالية في عالم متغير يتطلب منا الابتكار.

ومع تجسيد رؤية إعلان نيويورك، سيتعين على المفوضية أيضاً أن تجري تحولاً، إذ تتطلب طبيعة النزوح القسري اليوم التفكير الدقيق في إسهاماتنا المتميزة. وهذا ما تقوم عليه السلطة القانونية والأخلاقية المجسدة في ولايتي، التي يصوغها أيضاً دور المفوضية الأوسع نطاقاً بوصفها جهة فاعلة متعددة الأطراف ذات اختصاص دولي وعابر للحدود، ووجودنا الميداني القوي وقربنا من الأشخاص النازحين وعديمي الجنسية، وخبرتنا وتجربتنا في مجال الحماية، التي بنيناها على مدى عقود.

ولكن يدعو السياق المتطور الذي نجد أنفسنا فيه الآن إلى بعض التفكير المتعمق في المكان الذي يمكن أن تكون فيه نقاط القوة هذه أكثر قيمةً: أين يجب أن تترجم إلى عمل مباشر؛ وأين ينبغي أن تساعدنا على القيام بدور أكثر تحفيزاً – وإفساح المجال الأوسع أمام الآخرين لنشر خبراتهم ومواردهم، ومساعدتهم على رسم جهود مبنية على المعرفة.

وتتيح التحضيرات للميثاق العالمي فرصةُ لاستكشاف وتعزيز هذا التحول.

كما أن ضرورة التكيف تشكل دافعاً لعدد من التدابير الداخلية الهامة التي نحتاج إلى دعمكم لها.

في يناير من العام الجاري، أصدرنا التوجيهات الاستراتيجية للمفوضية، حددنا فيها توجهات واضحة لعملنا للفترة حتى عام 2021، ومجالات الاستثمار التي يجب مراعاتها عند التوافق مع إعلان نيويورك.

وقد عرضت عناصرها الأولية في بياني المقدم إليكم هنا في العام الماضي - بما في ذلك الاتجاهات الأساسية في مجال "الحماية والاستجابة والإدماج والتمكين والحل".

ومن أجل تجهيزنا لمتابعة هذه الرؤية، أطلقت سلسلة من مبادرات الإصلاح.

كما كلفت بإجراء عرض مستقل لتصميم مقرنا الرئيسي وتنظيمه وعملياته. وقد أقنع هذا العرض بضرورة التغيير لضمان أن نبقى منظمة دينامية وذات وجهة ميدانية.

وسيساعد العرض على تحقيق مكاسب في الكفاءة وتحسين مواءمة وظائفنا دعماً لعملياتنا الميدانية. وهو يعكس أيضاً، من نواحٍ عديدة، الإصلاحات التي أعلن عنها الأمين العام. وقد طلبت من ديزي ديل تنسيق هذا الجهد.

لقد باشرنا بالفعل بإصلاح كبير في نظمنا الخاصة بالموارد البشرية. وفي أغسطس، أصدرنا سياسة جديدة للتوظيف والتعيينات ترمي إلى ضمان وجود قوة عاملة مرنة ومؤهلة بصورة عالية تتمتع بالصفات والمهارات والخبرات اللازمة، ونحن نتابع سلسلة من التدابير لزيادة تعزيز الاندماج والتنوع والمساواة بين الجنسين.

أنا مقتنع أيضاً بأن تحسين البيانات أمر بالغ الأهمية لتوفير استجابات فعالة.

وبقيادة مساعد المفوض السامي جورج أوكوث - أوبو، نحن نعمل على تعزيز قدرة المفوضية على توفير بيانات عالية الجودة بشأن اللاجئين والمجتمعات المضيفة.

نريد أن يكون لكل لاجئ هوية رقمية فريدة. فمن شأن ذلك أن يعزز المساءلة وأن يسهل الاتصال المتبادل بين اللاجئين ومقدمي الخدمات. كما سيساعد على تفادي حالات انعدام الجنسية والحد منها.

وسيتم تعزيز هذه المبادرة بإطلاق مجال جديد للتعاون مع البنك الدولي من أجل وضع نظام عالمي للبيانات بشأن النزوح القسري على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وإنتاج معلومات في الوقت المناسب ومنهجية وقابلة للمقارنة وموثوق بها، وهو أمر لا غنى عنه لزيادة مشاركة الجهات الإنمائية الفاعلة في الاستجابات للاجئين.

وتماشياً مع التزاماتنا بـ"الصفقة الكبيرة"، نحن نقوم أيضاً باستثمارات كبيرة في التدخلات القائمة على النقد. فطال الدعم النقدي الذي قدمناه – الذي كان بمعظمه على شكل مساعدات متعددة الأغراض - 2.5 مليون شخص في عام 2016، متجاوزاً لأول مرة المساعدة العينية.

ونحن نسعى للعمل من خلال آليات التسليم النقدي المشتركة بين الوكالات، باستخدام الخدمات التي يديرها القطاع الخاص والمتوفرة لجميع الشركاء بموجب الأحكام والشروط نفسها، وأنا أدعو جميع المانحين إلى دعم هذا النهج الهام.

وتماشياً مع توجهاتنا الاستراتيجية، انتهينا للتو من استعراض مشاركة المفوضية مع النازحين داخلياً. والعمل جار الآن لتنفيذ توصياته.

وفي إطار عملية تخصيص الموارد للعام المقبل، اتخذنا إجراءات متضافرة لبرمجة أوضاع النازحين داخلياً، مع التركيز بشكل خاص على ضمان المشاركة المتوقعة لدعم مسؤولياتنا في مجال الحماية والتنسيق.

وتابعنا إجراء إصلاحات لتعزيز نظم الرقابة في المفوضية، بما في ذلك من خلال إدخال تغييرات على بنية الرقابة الخاصة بنا. ونحن نواصل إضفاء الطابع المهني على قسم التقييم الخاص بنا وربط الوظيفة بشكل أكثر حسماً بالتعلم المؤسسي.

وما زلت ملتزماً بشكل كبير بضمان تكامل جميع أنشطتنا. وقد بقينا متيقظين، مع نتائج إيجابية، ولكن كانت هناك أيضاً أوجه قصور كان يمكن تجنبها. ولذلك قررت أن أطلق نهجاً جديداً وطموحاً لإدارة المخاطر ومنع الغش والفساد وتحسين تنفيذ البرامج. وسوف نسميه "إدارة المخاطر 2.0". وسوف يستخدم هذا النهج أحدث تقنيات تقييم المخاطر لتعزيز النزاهة وكشف الأسباب الجذرية للفساد والاحتيال.

ونحن بصدد تجربة هذا النهج في كينيا، وسوف نتوسع إلى عمليات إضافية في العام المقبل، مع مواصلة هذه الجهود بروح من الشفافية والتعاون.

أيها السيدات والسادة،

إنني لأشعر بامتنان عميق على الدعم القوي الذي لا نزال نتلقاه من جانب المانحين. ففي عام 2016، تلقينا ما يقارب 4 مليارات دولار أميركي من التبرعات - وهو مبلغ لم يسبق له مثيل. ولكن حتى مع إجمالي 4.4 مليار دولار المتوفر لدينا، أنهينا العام في الواقع مع نقص بنسبة 41% في التمويل.

وتبدو الصورة هذا العام أقل إيجابية، مع تزايد الاحتياجات. وقد جمعنا حتى الآن تبرعات بقيمة 3.3 مليار دولار أميركي. وبناءً على التوقعات الحالية، فإننا نقدر أن لدينا 4.2 مليار دولار أميركي من الأموال المتوفرة. وسيترك هذا حوالي نصف الاحتياجات غير ملباة.

كما أن الصورة لعام 2018 - أي العام المقبل - غير واضحة بعد، وبسبب الحاجة إلى الحكمة المالية، فإنها تترجم بالفعل إلى نهج أكثر تحفظاً في التخطيط للسنة المقبلة. وأمام ضرورة إعطائها الأولوية، فإننا نواجه بصورة متزايدة خيارات مستحيلة، وفي بعض الحالات تقل الاستجابات عن المعايير الدنيا المطلوبة، مما يترك الناس دون حماية والبلدان المضيفة دون دعم.

ولذلك، فإنني أناشد جميع المانحين أن يواصلوا ويزيدوا دعمهم من خلال التمويل المرن والمساهمات المبكرة التي تتفادى عدم اليقين وتمكننا من توجيه الأموال حيثما تكون الاحتياجات أكبر.

سيدتي الرئيسة، المندوبون الموقرون،

خلال بعثاتي الميدانية هذا العام، أشرت باستمرار وبشدة إلى المعاناة التي لا توصف التي يجلبها النزوح القسري.

وفي رحلاتي الأخيرة - إلى بنغلاديش وأميركا الوسطى والبلدان المجاورة لجنوب السودان - التقيت بأطفال يعانون صدمات حادة ومنفضلين عن أسرهم، وبرجال ونساء عانوا فظائع مروعة، وأصيب بعضهم بإصابات جسدية حادة.

تحدثت مع لاجئين مسنين يصارعون لوحدهم، وأشخاص من ذوي الإعاقة، اقتلعوا من مجتمعاتهم وتعرضوا لعوامل في ظروف مكتظة وغير صحية.

قابلت نساءً تعرضن للاغتصاب وأخريات يكافحن من أجل رعاية أطفالهن، بعد أن قتل أو فقد أزواجهن.

تعكس محنتهم معاناة الملايين من اللاجئين والنازحين في العالم الذي يشهدون الضيق والصدمات ويجبرون بحياة محفوفة بالمخاطر.

عندما أكون معهم، لا يسعني إلا أن أشعر أن العالم قد هجرهم.

واليوم، كثيراً ما يتم السعي إلى تحقيق المصالح المتنافسة للدول من خلال الخصومات الإقليمية والحروب بالوكالة، بدلاً من السعي إلى تحقيق رؤية نظام دولي تعاوني في قلب النظام المتعدد الأطراف.

اليوم، ينصب التركيز على المصالح القصيرة الأجل بدلاً من تحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل.

اليوم، يشكل اليأس الذي يعيشه ملايين الرجال والنساء والأطفال المجبرين على ترك منازلهم ليعيشوا حياةً يسودها عدم اليقين، وصمة عارٍ على ضميرنا الجماعي.

ولكن اليوم، لدي أمل أيضاً - أمل بعدم نسيان الالتزامات التي تم قطعها في نيويورك قبل عام من الآن؛ أن نتمكن من العمل معاً بشجاعة ورأفة لاستعادة رؤية تعاون دولي قائم على القيم؛ وأن نتمكن، من خلال إجراءات حازمة، من تقسام المسؤولية في معالجة محنة النازحين - ونقدم لهم آفاقاً لمستقبل أفضل.

شكراً.