الآلاف يحصلون على الجنسية في تايلاند

أكثر من 23,000 شخص من عديمي الجنسية حصلوا على الجنسية التايلاندية في الأعوام الأربعة الأخيرة حيث تسعى الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا إلى وضع حد لمشكلة انعدام الجنسية بحلول عام 2024.

 

ماني، أم عازبة (يسار) تحمل نسخة من بطاقة هويتها التايلاندية المكتسبة حديثاً، برفقة ابنتها، إلى اليمين، في شيانغ راي، تايلاند.   © UNHCR Thailand

شيانغ راي، تايلاند- عندما بلغت ساويتري* السابعة من العمر، حاولت أن تتقدم بطلب الحصول على الجنسية التايلاندية.

ولكن، على الرغم من أنها ولدت في هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، لم تستطع تلبية شروط الطلب إذ لم يتم العثور على والدها التايلاندي.

وتقول ساويتري البالغة حالياً 12 عاماً في وصفها لحالة الفراغ القانوني التي وجدت نفسها فيها: "شعرت كأن لا مستقبل لي، ولا خيارات أمامي. كنت كمن وصل إلى طريق مسدود".

لقد انفصل والداها وكانت بالكاد تبلغ عاماً. ذهب زوج والدتها إلى مكاتب المقاطعات في شيانغ راي وبانكوك، محاولاً الحصول على الوثائق اللازمة لتحظى ساويتري ببطاقة الهوية التي تثبت أنها في الواقع مواطنة تايلاندية، لكنّ محاولاته باءت بالفشل.

ويقول زوج والدتها: "شعرت أنني خذلتها بعدم تمكني من الحصول على بطاقة الهوية. من دونها، لن تتوفر خيارات كثيرة أمامها"، في إشارة إلى القيود المفروضة على حرية الحركة وفرص التعليم العالي التي يواجهها عديمو الجنسية.

"شعرت كأن لا مستقبل لي، ولا خيارات أمامي. كنت كمن وصل إلى طريق مسدود".

عندما قام موظفو وكالة الأدفنتست للإغاثة والتنمية الدولية، وهي منظمة غير حكومية محلية شريكة تعمل مع المفوضية، بمساعدة الأسرة على حل القضية، تمكنت أخيراً من الحصول على الأوراق التي تحتاجها، ونالت ساويتري في منتصف أكتوبر بطاقة هويتها الوطنية.

وتقول مبتسمة: "كنت سعيدة جداً يوم حملت البطاقة". ورداً على سؤال عن كيفية تغيّر حياتها بسبب نيلها الوثيقة التي تثبت جنسيتها التايلاندية، تجيب: "سأتابع دراستي. أريد أن أصبح ممرضة كي أساعد المرضى والجرحى".

ومحنة هذه الطالبة التيلاندية الشابة أمر شائع جداً. فهنالك حوالي 10 ملايين شخص في كافة أنحاء العالم حرموا من التمتع بجنسية ما. وتعمل المفوضية مع الحكومات في كل أنحاء العالم لتحديد أوضاعهم ومنعها وتسويتها، وقد أطلقت في عام 2014 حملة #أنا_أنتمي التي تسعى إلى وضع حد لانعدام الجنسية خلال عشرة أعوام.

وفي تايلاند وحدها، هنالك حالياً 438,821 شخصاً مسجلاً باعتبارهم عديمي الجنسية. وينتمي معظم عديمي الجنسية وأولئك المعرضين لخطر انعدام الجنسية في تايلاند إلى المناطق التي تغيرت حدودها الوطنية، مما ترك جنسيتهم على المحك. بعضهم ينتمي إلى "قبائل التلال" التي يعيش أفرادها في المناطق النائية ولا تتوفر لهم معلومات كافية حول إجراءات الحصول على الجنسية والذين عاشوا في الماضي من دون تسجيل أو وثائق هوية.

ولقد تعهدت الحكومة التايلاندية بإنهاء حالات انعدام الجنسية بحلول عام 2024. وطلبت بداية هذا العام من كل المقاطعات في البلاد تحديد وإصدار الوضع القانوني- الذي يمكن أن يتراوح من الجنسية التايلاندية إلى الإقامة الدائمة أو المؤقتة- للطلبة العديمي الجنسية المؤهلين في قاعدة بياناتها. ويمكن أن يستفيد من هذه الخطوة ما يصل إلى 65,000 طالب مثل ساويتري، الذين قد يكافحون على خلاف ذلك لمواصلة تعليمهم العالي.

وللمساعدة على معالجة هذا التحدي، عملت المفوضية مع السلطات التايلاندية، وفي الآونة الأخيرة مع وكالة الأدفنتست للإغاثة والتنمية الدولية، لفتح "نقاط الخدمة" في مدارس مختلفة في مناطق ماي فاه لوانغ وماي تشان في شيانغ راي.

وقد تمكن الطلاب العديمو الجنسية وأسرهم الذين يعيشون هناك من الحصول على المعلومات المتعلقة بالجنسية وتقديم الطلبات في نهاية المطاف لتسجيل الولادة والجنسية والإقامة الدائمة والأحوال المدنية ذات الصلة وتوثيق الهوية.

وشارك في المشروع مسؤولون حكوميون على مستوى المقاطعات، ومدراء المدارس، وقادة المجتمع فضلاً عن المجتمع المدني المحلي، الذين عملوا أيضاً على قضية انعدام الجنسية. وكان الهدف- إعداد 10,000 طلب بحلول نهاية عام 2016.

"سأتابع دراستي. أريد أن أصبح ممرضة كي أساعد المرضى والجرحى"

ساعد مشروع شيانغ راي كذلك ماني، البالغة من العمر 39 عاماً، وهي أم عازبة لابنتين من قبائل التلال لاهو. تعيش ماني وتعمل في مزرعة، لكنها لم تتمكن في الماضي، ونظراً إلى أنها عديمة جنسية، من السفر بحرية خارج دائرتها بقصد العمل أو لزيارة الأقارب.

وحين حاولت التقدم بطلب الحصول على الجنسية، واجهت تحديات كثيرة. لأنها مولودة في منطقة نائية، كانت ولادتها غير مسجلة، ووجدت صعوبة في تتبع الإجراءات الإدارية من دون مساعدة.

وتقول: "كانت اللغة دائماً مشكلة. كما أنني لم أفهم سير العملية. أصبح الأمر بسيطاً عندما تلقيت المساعدة من مسؤولي وكالة الأدفنتست للإغاثة والتنمية الدولية من دون أي مقابل".

مع هذا الدعم، اكتسبت الجنسية التايلاندية الشهر الماضي. وتقول بأن ذلك حمل لها راحة البال، وتتطلع إلى ممارسة حقوقها كاملة، بما في ذلك الحق في السفر لرؤية أقاربها، والحصول على الخدمات العامة التي ستستفيد منها كذلك ابنتاها. وتشعر كذلك بأنها ممكَّنة لتكون ناشطة وفعالة أكثر في أنشطة القرية.

وتضيف ماني: "بما أنني أحمل بطاقة الهوية الآن، آمل أن يحين دور طفلتي قريباً. عليهما أن تخضعا لاختبارات الحمض النووي للحصول على الجنسية التايلاندية حتى تتمكنا من السفر إلى أمكنة لم تزوراها سابقاً".

*تم تغيير أسماء جميع الأشخاص العديمي الجنسية لأسباب تتعلق بالحماية.