لاجئون ومهاجرون يواجهون الصقيع في صربيا

تعمل السلطات الصربية مع المفوضية والشركاء لرفع مستوى قدرة المآوي المخصصة لحالات الطوارئ على استيعاب المئات الذين ينامون في العراء في ظل تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

 

اللاجئ الأفغاني هزارت يدفئ نفسه بالقرب من محطة القطار الرئيسية في بلغراد.  © UNHCR/Daniel Etter

بلغراد، صربيا – يتم نقل اللاجئين والمهاجرين الذين يرغبون في مغادرة المآوي غير الصحية والعشوائية في بلغراد إلى مسكن افتُتح حديثاً خارج المدينة لحالات الطوارئ. وتأتي هذه الخطوة مع ارتفاع القلق إزاء نوم مئات الأشخاص في العراء في ظل تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

وبفضل الجهود التي بذلتها السلطات والمفوضية والوكالات الإنسانية في صربيا على مدى الأشهر الماضية، يقيم حوالي 85% من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين المتواجدين في البلاد في مآوٍ حكومية مدفأة. وقد لجأ حوالي 390 شخصاً طوعاً إلى مرفق أوبرينوفاك المؤقت منذ أن افتتحته السلطات في الأسبوع الماضي. ومع ذلك، يقدّر بأن يكون هناك 1,000 لاجئ ومهاجر لا يزالون يخيّمون في العراء في المستودعات المهجورة المليئة بالدخان خلف محطة القطار الرئيسية في بلغراد. لأغراض لتدفئة، يحرق السكان العوارض الخشبية للسكك الحديدية المهجورة على مدار الساعة، ما يولّد سحباً دائمة من الدخان السام. ويقول الكثيرون بأنهم يعانون من آثار استنشاق الدخان وقد تم تسجيل حالات عديدة لأشخاص أُصيبوا بما يُعرف بـ"قضمة الصقيع." وتعمل السلطات الصربية حالياً، بالتعاون مع المفوضية والشركاء، لرفع مستوى قدرة مأوى أوبرينوفاك لحالات الطوارئ لإيواء الأشخاص الذين يرغبون في مغادرة المستودعات في الأيام القادمة. وقد قدمت المفوضية الملابس الجديدة والبطانيات وأغطية الأسرّة وخدمات التنظيف ومستلزمات النظافة.

وقال كيرامات صافي، وهو فتى غير مصحوب من أفغانستان، يبلغ من العمر 17 عاماً، قرر طوعاً بعد أربعة أشهر من العيش في العراء مغادرة المستودعات والانتقال إلى مأوى مجاور آخر في كرنجاكا، خلال الأسبوع الماضي: "اضطررت إلى المغادرة؛ فالجو كان بارداً وملوثاً جداً هناك. وحالياً، أشعر أنني بحال أفضل لأن الجو هنا أكثر دفءاً؛ فلا يوجد دخان ويمكنني النوم في الداخل".

وقال عبد الله إبراهيمي، وهو فتى آخر غير مصحوب يبلغ من العمر 12 عاماً، غادر المستودعات أيضاً خلال الأسبوع الماضي وانتقل إلى المأوى في كرنجاكا: "سأبقى هنا طالما أن الطقس بارد في الخارج. أريد أن أذهب إلى المدرسة، وقد أحصل على المساعدة هنا".

أطفال من الأفغان يلهون في روضة تابعة لأحد المآوي الحكومية.  © UNHCR/Daniel Etter

أما الآخرون الذين لا يرغبون في تقديم طلب لجوء في صربيا والذين عزموا على مواصلة رحلتهم إلى بلدان أخرى، فسيبقون في المستودعات المهجورة على الرغم من المخاطر الناجمة عن الدخان وانخفاض درجات الحرارة. وقد قامت المفوضية مؤخراً بتوزيع مناشير تشرح باللغة الفارسية حقهم في الإقامة في مآوٍ حكومية وعملت بجهد أيضاً من أجل تحديد الأطفال غير المصحوبين في هذا الموقع وغيره.

"أحياناً، لا أشعر برجلي خلال الليل، ومع ذلك أحاول النوم"

 

ويقول هزارت بلال، وهو فتى غير مصحوب يبلغ من العمر 14 عاماً من أفغانستان، أمضى الأشهر الأربعة الأخيرة في المستودع: "أحياناً، لا أشعر برجلي خلال الليل، ومع ذلك أحاول النوم". وأضاف وهو ينحني مباشرةً أمام عارضة خشبية مشتعلة: "أعلم أن الدخان مضرّ لي. ولكن، ما الذي يمكنني أن أفعله في هذا البرد؟"

وكأشخاص آخرين كثيرين هنا، قال هزارت بأنه سيستمر في محاولة عبور حدود هنغاريا أو كرواتيا. ويقول معظمهم بأنهم حاولوا وفشلوا مراتٍ لا تُحصى، وأنهم تعرضوا أحياناً للضرب وأُعيدوا إلى صربيا.

وقال هازرت الذي فر من العنف الدائر بالقرب من قريته في أفغانستان بعد مقتل والده: "أخذ المهربون كل مالي وضربني آخرون. ومع ذلك، يجب عليّ محاولة عبور الحدود مجدداً، وسأنجح في أحد الأيام".

عبّرت المفوضية عن قلقها إزاء الانتهاكات التي ارتُكبت ضد اللاجئين والمهاجرين من قبل العصابات الإجرامية، بما في ذلك الخطف والاعتداء الجسدي والتهديد والابتزاز، وهي تدعو الدول الأوروبية إلى تكثيف جهودها للتصدي لهذه الشبكات الإجرامية وضمان أمن اللاجئين والمهاجرين.

وقد أقنع تراكم الضباب وتساقط الثلوج ليلاً الكثيرين بالتفكير مجدداً في مغادرة المستودعات. وقال جيبرال كوشيل، الأفغاني البالغ من العمر 13 عاماً، والذي سيصعد طوعاً على متن الحافلة التالية المتوجهة نحو المأوى المخصص لحالات الطوارئ، بعد إمضاء ثلاثة أشهر في العراء: "الوضع ليس جيداً هنا وأنا وحدي. سيكون المأوى أفضل. هنا نواجه العديد من المشاكل ويمرض الجميع".

لم يعد كمران خان البالغ من العمر 14 عاماً وشقيقه الأكبر أمان وعمره 16 عاماً، يريدان النوم في البرد ويأملان الصعود على متن الحافلة التالية المتوجهة إلى المأوى. وقال كمران الذي يأتي من أفغانستان أيضاً: "ربما سنحاول عبور الحدود مجدداً في وقت لاحق. ولكن ليس حالياً في هذا البرد، فالأمر خطير ويجب علينا أن نرتاح لبعض الوقت".