مخيم الأزرق.. أوّل مخيم للاجئين يُزوّد بالطاقة النظيفة في العالم
محطة توليد الطاقة الشمسية الجديدة هي الأولى من نوعها في مخيم للاجئين وستغير حياة آلاف السوريين الذين يعيشون في ظروف قاسية في الصحراء.
مخيم الأزرق للاجئين، الأردن- سيتمكن أفراد آلاف العائلات السورية من إضاءة منازلهم وشحن هواتفهم وتبريد أطعمتهم بواسطة الطاقة الشمسية الليلة بعد أن أصبح مخيم الأزرق في الأردن المخيم الأول للاجئين الذي يُزود بالطاقة المتجددة في العالم.
شغّلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم الأربعاء المحطة الجديدة لتوليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 2 ميغاواط في مخيم الأزرق. وستوفر المحطة الطاقة النظيفة مجاناً لحوالي 20,000 لاجئ سوري يعيشون في مآوٍ متصلة بشبكة الكهرباء منذ يناير. ومن المتوقع وصل مآوي اللاجئين الـ36,000 المقيمين حالياً في المخيم بالشبكة بحلول أوائل العام المقبل.
بلغت كلفة بناء المحطة 8.75 مليون يورو (9.6 مليون دولار) وهي ممولة بشكل كامل من حملة "حياة أكثر إشراقاً للاجئين" التي أطلقتها مؤسسة إيكيا. وستتيح محطة توليد الطاقة الشمسية ادخار 1.5 مليون دولار أميركي كل عام-تستطيع المفوضية استثمارها في مساعدات ضرورية أخرى-وتحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 2,370 طنّاً سنوياً.
وسيغير توفير الطاقة الكهربائية حياة اللاجئين السوريين المقيمين في البيئة القاسية للمخيم الواقع في الصحراء الشمالية القاحلة للأردن. في العامين والنصف السابقين، اعتمد سكان الأزرق على المصابيح المحمولة العاملة بالطاقة الشمسية لإضاءة مآويهم ولم يكن لديهم أي وسيلة مناسبة لحفظ الطعام أو تبريد مآويهم في ظل جو الصحراء الحار. وقد حسن توفير الكهرباء في وقت سابق من هذا العام حياتهم اليومية.
"نشهد اليوم حدثاً بارزاً.... يتيح لجميع سكان المخيم بأن يعيشوا حياةً أكثر كرامةً."
تعيش فاطمة وهي أم وحيدة تبلغ من العمر 52 عاماً، من ريف دمشق، في المخيم منذ عام 2015 مع ابنيها البالغين. وقد وصفت الفوائد العملية والنفسية للكهرباء على المخيم وسكانه فقالت: "في سوريا، كنا معتادين على نمط حياة معين وقد تغير ذلك عندما أصبحنا لاجئين. بالنسبة لشخص معتاد على العيش في بيت مزود بالكهرباء، لا يمكنك تصور صعوبة العيش من دونها." وقد سبق لفاطمة وابنيها أن استثمروا في شراء ثلاجة وغسالة ومراوح كهربائية مستعملة يتقاسمونها في مآويهم الثلاثة.
وقالت فاطمة: "قبل ذلك، كنا نضطر إلى رمي بقايا الطعام لأنه لم يكن لدينا طريقة سليمة لحفظها. وعندما كانت درجات الحرارة ترتفع، كنا نصب المياه على ثيابنا لنشعر ببعض البرودة. أما اليوم، فنستطيع الاستماع إلى الموسيقى وشرب المياه الباردة ولم يعد يومنا ينتهي مع غروب الشمس."
وفّر إنشاء محطّة توليد الطاقة الشمسية أيضاً الدخل والتدريب لأكثر من 50 لاجئاً وُظفوا تحت إشراف شركة المستقبل الأردنية لأنظمة الطاقة المتجددة للمساعدة في بناء المحطة. أتى محمد البالغ من العمر 20 عاماً من غوطة دمشق إلى المخيم في مايو 2014، أي بعد شهر من افتتاحه. أُجبر على ترك المدرسة من دون أن يحصل على أي شهادة عندما كان في الـ14 من عمره بعد اندلاع الصراع في سوريا الذي دخل عامه السابع.
وبعد أن خضع للتدريب على أعمال الحدادة في المخيم، كان محمد أحد الذين تم اختيارهم لبناء أطر الألواح الشمسية وتركيب الدوائر الكهربائية للمحطة. نتيجةً لذلك، يقول بأنه اكتسب مهارات جديدة ساعدته على إيجاد عمل متقطع خارج المخيم.
"يُعتبر بناء محطة توليد الطاقة الشمسية مثالاً مهماً على التعاون بين حكومة مضيفة ومؤسسة خاصة والمفوضية."
وقال محمد: "لم أستطع إنهاء دراستي بسبب الحرب والعيش خارج الوطن ولكنني اكتسبت بفضل ذلك مهارات عملية يمكنني استخدامها في المستقبل. إذا عدنا إلى سوريا، ستكون البنى التحتية كلها مدمرة ويمكننا استعمال هذه التكنولوجيا في إعادة البناء."
شبكة الطاقة الشمسية لمخيم الأزرق موصولة بالشبكة الوطنية الأردنية، وهذا يعني أن الطاقة المولدة وغير المستعملة تعود إلى الشبكة مجاناً الأمر الذي سيدعم احتياجات المجتمع المضيف من الطاقة.
وقالت كيلي ت. كليمنتس، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي زارت الأزرق يوم الأربعاء: "نشهد اليوم حدثاً بارزاً؛ فتوفير الطاقة للمخيم ليس إنجازاً رمزياً فحسب، بل إنه طريقة توفّر بيئةً أكثر أماناً لجميع سكان المخيم وتؤمّن فرص كسب الرزق، وتمنح الأطفال الفرصة للدراسة بعد حلول الظلام. والأهمّ من ذلك أنّها ستسمح لجميع سكان المخيم بأن يعيشوا حياةً أكثر كرامةً."
وقال ممثل المفوضية في الأردن، ستيفانو سيفيري: "يُعتبر بناء محطة توليد الطاقة الشمسية مثالاً مهماً على التعاون بين حكومة مضيفة ومؤسسة خاصة والمفوضية. من خلال الدعم السخي من مؤسسة إيكيا وبفضل تعاون الحكومة الأردنية، لن نلبي احتياجات اللاجئين المقيمين في الأزرق فحسب بل يمكننا أيضاً أن ندعم الاحيتاجات الطويلة الأمد في مجال الطاقة للاجئين وللمجتمعات المضيفة الأردنية."