أرامل حرب الموصل يواجهن تحديات جديدة خلال النزوح
تشكل الأسر التي تعيلها النساء اليوم أكثر من ربع الأسر البالغ عددها 4,463 في مخيم تابع للمفوضية يأوي السكان النازحين من ثاني أكبر المدن العراقية.
حمام العليل، العراق- عندما فرت من حيها في غرب الموصل، تعرضت أسماء محمود البالغة من العمر 25 عاماً وزوجها وابنتاها الصغيرتان إلى إطلاق نار كثيف من المتطرفين. أُلقي القبض عليهم، وتم فصل الرجل والمرأة.
تقول أسماء: "أخذوا زوجي وكان علينا المضي قدماً. هربنا واختبأنا في بيوت مهجورة إلى أن وصلنا إلى المخيم".
بعد أسبوعين من وصولها إلى بر الأمان في حمام العليل، علمت من نازحين آخرين من الموصل أن زوجها قد قُتل. وجدوا جثته وقاموا بدفنه.
وتضيف أسماء قائلة: "أصبت بصدمة نفسية وحزن عميق".
"أصبت بصدمة نفسية وحزن عميق"
تجدر الإشارة إلى أن الأرامل مثل أسماء هن من بين 900,000 شخص فروا منذ بدء العملية العسكرية قبل تسعة أشهر لاستعادة مدينة العراق الثانية التي مزقتها الحرب من المسلحين.
عددهن بالآلاف وقُتل أزواج العديد من بينهن على أيدي المتطرفين المسلحين الذين أحكموا السيطرة بوحشية على المدينة. قضى آخرون في غارات جوية، أو رمياً بالرصاص أو أصيبوا بالقصف أثناء فرارهم عبر الخطوط الأمامية.
كان معظم الأزواج المعيلين الوحيدين لأسرهم. وتُعتبر أرامل الموصل اللواتي يعشن دون دخل ولدى معظمهن أطفال يُعِلنهم من بين أكثر الفئات ضعفاً التي تعرضت للنزوح خلال أشهر القتال من أجل استعادة المدينة التي كانت مزدهرة فيما مضى، والتي دُمرت بعض أجزائها تماماً.
في مخيم حمام العليل 2 الذي تديره المفوضية وشركاؤها، تشكل الأسر التي ترأسها نساء أكثر من ربع مجموع الأسر- 1,250 من أصل 4,463 أسرة أو 21,462 شخصاً.
ومنذ وصولها إلى المخيم في أبريل/مايو، تلقت أسماء من المفوضية الفرش وخيمة ومواد بما فيها أدوات المطبخ كجزء من المساعدات الموزعة على الوافدين الجدد. وتشمل المساعدات الأخرى الدعم القانوني وإعادة إصدار المستندات المفقودة ومن بينها بطاقات الهوية، وهي أمور ضرورية للحصول على الميزات والتنقل بحرية.
ومثل العديد من الأرامل، أسماء قلقة بشأن مستقبل أطفالها. وعلى الرغم من كونها أمية، فإنها ترغب في الحصول على الوظيفة لإعالة أسرتها.
كانت تتحدث في خيمتها وإلى جانبها ابنتاها الصغيرتان، رماح، وتبلغ الرابعة من العمر، وبدور، ابنة العامين، اللتان كانتا ترتديان فستانين متشابهين باللونين الأخضر والأبيض. وتشرح أسماء أن عليها إلباس الفتاتين ملابس متشابهة لتجنب المشاكل.
ولكن مشكلة أكبر تنتظرها، فهي لم تخبر الفتاتين بعد بوفاة والدهما، فقد قالت لهما بأنه يعمل وسيعود قريباً إلى المنزل.
تقول: "أنا مرهقة جداً من القلق بشأن مستقبل أولادي. لم يعد لدي الآن من اعتمد عليه وكل ما أريده هو توفير حياة جيدة لابنتيّ. لا أقلق على نفسي. أريد فقط ألاّ تشعر ابنتاي بأنهما مختلفتان عن الفتيات الأُخريات اللواتي لديهن آباء".
في آوائل مارس، سمعت سحر عمار، وهي أرملة في الثانية والعشرين من العمر، بأن القوات العراقية على وشك استعادة الحي الذي تسكنه في غرب الموصل. جمعت أطفالها الثلاثة وركضت نحو القوات العراقية فيما أطلق المسلحون النار عليهم.
"أنا مرهقة جداً من القلق بشأن مستقبل أولادي"
ساعدها أهلها في حمل أطفالها الصغار الثلاثة، زهرة، 10 أشهر وعمار البالغ من العمر ثلاثة أعوام، وحمود، ابن السادسة. ركضوا معاً على الطريق التي غطتها جثث سكان المدينة الذين قتلتهم الجماعة المسلحة أثناء فرارهم.
تقول سحر: "لقد نجونا بأعجوبة. كنا نرى ونسمع الرصاص يتطاير من حولنا". وعندما وصلت إلى مخيم حمام العليل 2، تلقت من المفوضية خيمة وفراشاً وبطانيات وأدوات مطبخية.
وذكرت سحر بأن زوجها قُتل العام الماضي في حادث تصادم مع سيارة تقل مسلحين. وكان قد سبق له وواجه مشاكل مع الجماعة المسلحة لبيعه السجائر الممنوعة. تعتقد أن الحادث لم يكن عرضياً. وقد سمعت خبر وفاته قبل أن تلد زهرة بأيام.
خلال النزوح، فقدت بطاقة هويتها الوطنية. ولا يزال أطفالها بحاجة إلى بطاقات هوية حكومية وشهادات ميلاد لأن تلك التي أصدرتها الجماعة المسلحة لم تعد صالحة. وتساعد المفوضية الأرامل، فضلاً عن جميع النازحين داخلياً الذين عاشوا تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية، على الحصول على الوثائق الصحيحة.
لم تستطع سحر شراء هدايا لأطفالها بمناسبة العيد هذا العام لأنها لا تملك مصدراً للدخل. وكما قالت: "أريد فقط أن أعيش وأربي أطفالي".