أخصائيو التقنية في كندا يسعون لتطوير تجربة اللجوء

اجتمع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي مؤخراً مع اللاجئين والطلاب في كندا لمعرفة كيفية تكيفهم مع إعادة التوطين.

جان كلود بواتي الذي يعمل في مطبخ مستشفى "نوتردام"، فرّ من جمهورية الكونغو الديمقراطية نتيجة تعرضه للتمييز بسبب توجهه الجنسي.
© UNHCR/Michelle Siu

 

إنَّ إيجاد وظيفة جديدة ليس بالأمر السهل على الإطلاق، والأمر أصعب عندما تكون في مدينة جديدة وبلد جديد؛ وهذا واقع يدركه جان كلود بواتي جيداً.

وصل جان كلود إلى مونتريال منذ عامين بعد فراره من الاضطهاد في جمهورية الكونغو الديمقراطية- وبعد ذلك جنوب إفريقيا. وبعد أن أمضى أعواماً في التنقل، وجد أنَّ إيجاد العمل والاستقرار أمر صعب جداً، حتى في البلاد التي رحبت به.

ويقول بواتي الذي تمكّن في النهاية من إيجاد عمل في مستشفى حيث يطهو يومياً مئات الأطباق للمرضى: "قد يكون من الصعب جداً العثور على عمل عند الوصول في البداية، ولكنّ الوظيفة تمنح الشخص شعوراً بالاستقلالية والاكتفاء الذاتي". لم يدرك ربّ عمل بواتي إلا مؤخراً أنّه وصل كلاجئ، ولم يكن يرى فيه إلا شاباً يتمتع بأخلاقيات عالية في العمل ويملك حس الفكاهة.

هذا السيناريو شائع جداً. ويريد عبد الله دواد تصحيحه.

وفي إحدى أحدث الحاضنات في مونتريال، يقف دواد، المدير التنفيذي للمركز، وراء شاشة مشعة، ويمشي ذهاباً وإياباً ويقدم عرضه - صورة كل منتج تكنولوجي رفيع المستوى لم يتم الكشف عنه بعد، ويقول: "هناك فرص كثيرة جداً هنا، والناس بحاجة إلى مَن يوجههم إليها فقط".

التقى المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي اللاجئ جان كلود بواتي (في الوسط) ورئيس الخدمات الغذائية جان مارك ريفران الذي يوظف اللاجئين في مستشفى "نوتردام" في مونتريال.  © UNHCR/Michelle Siu

في العامين الماضين، ركّز مركز اللاجئين على مجموعة من القضايا وهي السكن والعمل والحصول على التعليم. ومع الحصول على الدعم من خلال رسوم التعليم للطلاب، فإن المركز لا يدعو فقط إلى مبادرات للمساعدة في إعادة توطين اللاجئين في كندا- بل يهدف إلى الاستفادة بعمق من التكنولوجيا، واستخدام إمكانات اللاجئين الشباب الذين يصلون إلى المدينة.

ويقول دواد: "لقد تم إنشاء أكثر من 42,000 وظيفة تقنية في مونتريال في العام الماضي وحده. ونعتقد أننا حددنا معالم المستقبل ونريد أن يكون اللاجئون جزءاً من هذا العالم".

"تعلُم لغة الترميز هو أسهل من تعلّم اللغة".

وقد قام المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، بزيارة مونتريال كمحطة أولى من زيارته إلى كندا التي استغرقت أربعة أيام، حيث التقى باللاجئين والطلاب الشباب ليطّلع مباشرة على الطرق التي يعتمدونها لإعادة التفكير في تجربة إعادة توطين اللاجئين وابتكارها.

يرى المنظمون في المركز اللاجئين كمجموعة من الإمكانات غير المستغلة في عالم التكنولوجيا. وبالإضافة إلى تقديم دروس لتعلم اللغتين الفرنسية والإنكليزية، يعلن المركز أيضاً عن مخيم تدريب مكثف لإطلاع الواصلين حديثاً على عالم التكنولوجيا.

ويقول دواد الذي نزح والداه من فلسطين: "إن تعلم لغة الترميز أسهل من تعلّم اللغة. وشركات التكنولوجيا الكبرى هي أكثر اهتماماً بالمهارات التي يكتسبها الفرد وليس بمستوى تعليمه". حتى أنهم صمموا المكان على شكل شركة ناشئة. وطُليت الجدران بلون زاهٍ، والنور يدخل إلى الداخل، وتتوزع الأعمال التقنية هنا وهناك للتأكيد على مساحات العمل المفتوحة.

وفي حين أن بعض التطبيقات التي يطورها المركز جديدة، مثل موقع إلكتروني يسمح للزبائن بطلب الصلصات الحارة، فإن جزءاً كبيراً من البرامج يركز على النزوح. يضع لاجئان سوريان اللمسات الأخيرة على موقع إلكتروني لبيع الحلويات التي يصنعانها- وتتميز بها حلب- إلى الجمهور، ويساعدهما المركز في إضافة الخصائص الوظيفية للموقع للسماح بتلقي طلبات الزبائن.

وفي نوفمبر، سيتعاون المركز مع المفوضية وشركة IBM وشركة غوغل لإطلاق مسابقة "هاكاثون" التي يُطلب فيها من الجمهور (والمشاركون الملمون في مجال التكنولوجيا) إعادة التفكير في طريقة للتخزين الآمن للمعلومات الضرورية من أجل تقديم طلب اللجوء عند الوصول إلى كندا، وإعادة تطويرها.

"لا معنى لمهاراتنا إن لم نشاركها مع الآخرين".

وبرفقة ممثل المفوضية في كندا جان نيكولا بوز، حظي غراندي أيضاً بفرصة الاطلاع على إحدى أحدث ابتكارات المركز أثناء العمل. فتطبيق "LUNA AL" الذي لا يزال في مرحلة الاختبار، هو تطبيق دردشة للتفاعل مع الأشخاص الذين يقدمون طلب لجوء. وخلافاً للعملية المعيارية التي غالباً ما يقوم فيها مقدمو الطلبات بأخطاء عند تقديم طلباتهم، فإن تطبيق"LUNA" يوجّه الوافدين الجدد من خلال سلسلة من الأسئلة لضمان دقة المعلومات. فالعديد من اللاجئين الفارين من الصراعات لديهم إمكانية الوصول إلى الهواتف الذكية والأجهزة التي غيرت جذرياً طريقة التواصل بين الناس والحصول على المعلومات.

وقال غراندي بعد مشاهدة العرض والشرح: "إنه أمر رائع من مختلف وجهات النظر: من حيث الابتكار والتكنولوجيا وسهولة الاستخدام وإمكانية الوصول. إنه أمر رائع لأن اللاجئين ينجزونه".

كما أتاحت زيارة المفوض السامي لرائدي الأعمال الناشئين أحمد سعيد، وهو لاجئ من إريتريا، ومحمد إدريس بفرصة عرض عملهما. فالثنائي في طور إنشاء "كومباس" (البوصلة)، وهو تطبيق يساعد اللاجئين في البحث عن المواعيد الطبية والتدريبات اللغوية وفرص السكن في مدينة جديدة.

ويعتمد تطبيق "كومباس" على تجارب سعيد في مونتريال، وهو يجمّع المعلومات المفيدة على واجهة بينية يسهل تصفحها. كما يسلط الضوء على الصعوبات الهائلة التي يواجهها الوافدون الجدد في بلد جديد ومدينة جديدة.

ويقول دواد: "لا معنى لمهاراتنا إن لم نشاركها مع الآخرين".