فريدجوف نانسن – رجل الإنجازات وصاحب الرؤية

0

ولد نانسن في النرويج، في العام 1861، وكان عالماً ومستكشفاً قطبياً ودبلوماسياً ورجل دولة وناشطاً إنسانياً، تميّز بتعاطفه العميق مع أمثاله من البشر. أصبح نانسن رائداً في مجال العلوم التطبيقية، مع اهتمام كبير في علم الحيوان وعلم الأحياء البحرية وعلم البحار والمحيطات والجيولوجيا والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع.

عندما كان لا يزال في العشرينيات من عمره، قاد نانسن أول عملية عبور لغرينلاند على زلاجات في العام 1888، في أول مغامرة له ضمن سلسلة عمليات الاستكشاف الأخرى التي تلتها. قاده توقه للمعرفة إلى القطبين الشمالي والجنوبي، وفي العام 1893، انطلق في رحلة لمدة ثلاث سنوات لاستكشاف القطب الشمالي على متن سفينة "فرام". وفي حين كانت هذه السفينة الضخمة تشق طريقها عبر الجليد، كان نانسن ومرافقه يتوقان للوصول إلى القطب الشمالي، متوغلين حيث لم يكن أحد قد سبقهما من قبل.

كما أن قدراته الفكرية لم تكن أقلّ إدهاشاً. ففي سن الـ26 عاماً، كان قد أكمل أطروحة الدكتوراه حول الجهاز العصبي المركزي البشري. غير أن العالم يتذكر ويقدّر نانسن أيضاً، وإلى حد كبير، لعمله الرائد في خدمة اللاجئين.

في العام 1920، عقب الحرب العالمية الأولى بفترة قصيرة، عيّن نانسن رئيساً للوفد النرويجي في عصبة الأمم في جنيف، وهو منصب شغله إلى حين وفاته في العام 1930. وسرعان ما كلّف بأول مهمة إنسانية واسعة النطاق تقوم بها العصبة - إعادة نحو 450,000 أسير حرب إلى الوطن. فنجح نانسن في أداء هذه المهمة من خلال حشد دعم الحكومات والوكالات التطوعية.

وبناءً على الإقرار بدوره كقائد يتمتع بشعبية واسعة، تمّ تعيينه كأول مفوض سام للاجئين في العام 1921 من قبل عصبة الأمم. باشر نانسن على الفور بالاضطلاع بمهمته الرائعة القاضية بالمساعدة على إعادة مئات الآلاف من اللاجئين إلى بلادهم فضلاً عن مساعدتهم على الاستحصال على مركز قانوني وتحقيق الاستقلال الاقتصادي.

أدرك نانسن أن أحد المشاكل الرئيسية التي كانت تواجه اللاجئين هي افتقارهم إلى وثائق هوية معترف بها دولياً، ممّا كان بدوره يزيد من تعقيد التماسهم للجوء. فاستحدث هذا النرويجي الرؤيوي ما عرف بـ"جواز سفر نانسن"، فكان أول صك قانوني يستخدم لتوفير الحماية الدولية للاجئين.

كما أن الصليب الأحمر الدولي وعدد من الحكومات قد طلبت منه في مرحلة لاحقة تنظيم برنامج لإغاثة الملايين من ضحايا المجاعة الروسية (1921-1922). حاز نانسن على جائزة نوبل للسلام في العام 1922 تقديراً لإنجازاته المهمة. وقد تم استخدام أموال هذه الجائزة لتقديم المساعدات الإنسانية في أوكرانيا.

شارك نانسن في المفاوضات التي أدت إلى توقيع معاهدة لوزان في العام 1923 بين الحكومتين اليونانية والتركية، وحاول في وقت لاحق المساعدة على إيجاد حل للأزمة الأرمنية.

خلال فترة توليه منصب المفوض السامي، رفع نانسن معايير العمل لخدمة اللاجئين بشكل كبير، وكان مثالاً يُحتذى به لكافة العاملين في خدمة أي قضايا إنسانية.

عمل نانسن من دون كلل في خدمة اللاجئين، وتعرض للنكسات كما حقق الانتصارات. كان يشعر بالحزن إزاء عدم الاكتراث الذي كان يبديه البشر حيال معاناة الغير. ومن أقواله، إن "اللاجئين الذين كانوا يُعتبرون عبئاً لا يطاق قد يشكلون رصيداً غنياً". غير أن هذا الإيمان القوي في قدرة كل رجل وامرأة لم يكن يجد دائماً آذاناً صاغية.

توفي نانسن في العام 1930، عن عمر 69 عاماً. أنشأت المفوضية جائزة نانسن للاجئين على شرفه في العام 1954. وهي تُمنح إلى شخص أو مجموعة أشخاص تقديراً لخدماتهم المتميزة في سبيل خدمة قضية اللاجئين. وقد اختير فريدجوف نانسن كأبرز شخصية نرويجية للألفية من جانب شعب النرويج في العام 2000.