المفوضية ترفع من مستوى استجابتها الإنسانية في حلب مع عودة السكان لمنازلهم
في أحياء شرق حلب، تعاود المحال التجارية عملها من جديد، ويعود الأطفال إلى مدراسهم، في حين يسارع عمال الإغاثة لتقديم المساعدة للسكان العائدين.
تسببت المعارك والاشتباكات العنيفة بخسائر فادحة في حلب، وهي المدينة التي لطالما اعتُبرت العاصمة التجارية والصناعية للبلاد. وقد طال تأثير الأزمة السكان المدنيين وانعدمت فرص التجارة والصناعة والتصدير، وتوقف الإنتاج المحلي، وتعرضت البنية التحتية لأضرار جسيمة. ومع ذلك، لا زال السكان يحاولون البحث عن شتى الوسائل المتاحة لبدء حياتهم مجدداً.
"ينبغي أن أجد وسيلة أخرى لتحسين دخلي خلال الأشهر المقبلة".
استدان مصطفى، البالغ من العمر 60 عاماً، مبلغاً مالياً قدره 150 ألف ليرة سورية (ما يعادل 300 دولار أمريكي)، واشترى بها بعض الملابس المدرسية، ويقوم بعرضها الآن للبيع فوق عربة متحركة أمام متجره في سوق سد اللوز بحي الشعار شرقي حلب.
يقول مصطفى، وهو أب لأربعة أولاد: "في الوقت الحالي، أحصل على دخل معقول من مبيعات اللباس المدرسي، وينبغي أن أجد وسيلة أخرى لتحسين دخلي خلال الأشهر المقبلة".
اعتاد مصطفى بيع الألبسة النسائية وألبسة الأطفال في هذا المتجر لسنوات طويلة قبل اندلاع القتال، وكان سكان الريف يرتادون سوق سد اللوز للتسوق وشراء البضائع المختلفة، لكنه يقول بأنه لا يستطيع إعادة فتح متجره من جديد، نظراً لعجزه عن تأمين المصاريف المترتبة على ذلك: "لا يمكنني تحمل أعباء نفقات إيجار المتجر وثمن البضاعة في هذه الأيام، فهذا يفوق قدرتي".
عاش مصطفى خلال سنوات الحرب في هذا الحيّ ولم يغادره، ويقول بأنه فضل البقاء، لكنه عانى كثيراً: "عشنا في ظروف قاسية، دون طعام، ولا خبز، قررت البقاء لأنه لم يكن يوجد لدي مكان آخر أذهب إليه".
تجاوز مستوى العنف في شرق حلب قدرة السكان على التكيّف، ووصلت آثار الدمار إلى مستويات لا يمكن تصورها.
وفي الوقت الحالي، يحتاج السكان العائدون لأشياء كثيرة لبدء حياتهم من جديد، من مياه الشرب والكهرباء وفرص العمل والبيئة الصحية والمدارس لأطفالهم والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة القانونية والعديد من الخدمات الأساسية الأخرى.
ويقول مصطفى: "من الصعب إيصال الكهرباء إلى جميع أحياء شرق حلب، ونحن ننتظر أن تعود محطة الكهرباء للعمل مرة أخرى، لتصل بذلك الكهرباء إلى منطقتنا".
ووسط الأنقاض والحجارة والركام والشوارع المتربة، وجد العديد من السكان العزيمة ليعودوا إلى أحيائهم، ويمكن للمرء أن يلحظ عودة فتح المتاجر، والأطفال وهم في طريق عودتهم من المدرسة، والعاملين في مجال الإغاثة وهم يسارعون إلى مد يد العون.
عاد ناصر، وهو أبٌ لطفلين، وعائلته ووالده محمد مؤخراً إلى منزلهم في حي كرم السلطان في شرق حلب ليجدوا الأبواب محطمة والنوافذ مكسورة. يحدثنا ناصر ويخبرنا عن حياته قبل الحرب فيقول: "كنا نعيش في بحبوحة ولم نكن بحاجة لشيء."
فرت عائلة ناصر إلى مدينة حماة في بداية الأزمة السورية، واستأجروا شقة صغيرة هناك: "كنا نملك منزلاً ومعملاً لصناعة الأحذية، وعندما عدنا وجدنا منزلنا شبه مهدم، في حين أن المعمل قد دمر تماماً."
"ما نطمح إليه الآن هو أن نجد عملاً مناسباً لإطعام أطفالنا".
والآن، ينقل ناصر البضائع بواسطة مركبة صغيرة بثلاث عجلات بين الأحياء المجاورة لكسب لقمة العيش، في حين يعمل أباه محمد في ورشة لصنع الأحذية بأجر زهيد، ويبقى الشغل الشاغل لناصر ووالده في الوقت الحالي هو أن يجدا عملاً مناسباً يمكنهما من تلبية متطلبات الأسرة: "ما نطمح إليه الآن هو أن نجد عملاً مناسباً لإطعام أطفالنا".
ومع إصرار سكان حلب على إعادة بناء حياتهم بعزيمة، تعمل مفوضية اللاجئين جنباً إلى جنب مع 15 شريكاً في جميع أنحاء المحافظة للتخفيف من معاناتهم ودعمهم بجميع السبل الممكنة. ومنذ بداية عام 2017، وزعت المفوضية مواد الإغاثة الأساسية على أكثر من 800 ألف شخص في المحافظة، وتواصل توزيع المواد الأخرى لتلبية احتياجات السكان العائدين، كالمصابيح الشمسية لإنارة الشوارع، والأرائك القابلة للطي، ومواقد الغاز، وأنظمة الإضاءة الشمسية المنزلية وغيرها من المستلزمات. كما قامت المفوضية بأعمال التأهيل لـ 500 منزل، ووزعت 4000 حزمة إيواء، وأزالت 50 ألف متر مكعب من الأنقاض من شرق حلب. وعلاوة على ذلك، وفرت المفوضية هذا العام خدمات الحماية لأكثر من مليون شخص في محافظة حلب من خلال شبكة من 15 مركزاً مجتمعياً، ولا تزال هناك حاجة ماسة إلى بذل جهود ضخمة لمساعدة الناس على بدء حياتهم من جديد.