عائلة تفر من السلفادور بعد مقتل عدد من أفرادها على يد العصابات
تعرّض أربعة أفراد من عائلة بيريز للقتل من قبل عصابات الشوارع في السلفادور وفر الناجون الـ 17 إلى المكسيك.
ثلاثة أفراد من عائلة بيريز، وهم لاجئون من السلفادور في المكسيك، يزورون مدفن قريبهم الشاب في ولاية تشياباس الجنوبية.
© UNHCR/Daniele Volpe
كانت عائلة بيريز تعيش حياة متواضعة ومريحة وتعمل في إنتاج الخبز وبيعه في ضواحي عاصمة السلفادور حيث الحياة صعبة. بلغ جميع أطفال العائلة المرحلة الثانوية – ودخل بعضهم إلى الجامعة- بينما شاهدت الجدة، ماريا لوز بيريز البالغة من العمر 71 عاماً، عائلتها وهي تكبر.
تقول وهي تهز رأسها: "ولد جميع أفراد عائلتي – أهلي وأجدادي وأسلافي- وماتوا في السلفادور. لكن كل ذلك انتهى مع عملية ابتزاز أكثر من 5,000 دولار".
بدأ الأمر في منتصف عام 2015، عندما تلقى أحد أصهرة ماريا لوز طلباً لدفع المال لما يسمى بـ"ضريبة الحرب" التي تفرضها عصابات الشوارع في السلفادور. لم يتمكن من الدفع، فقتلوه.
"كنا نعيش كالحيوانات، محبوسين في المنزل لا نفتح باب المنزل إلا للفرار وشراء الطعام".
انتقل التهديد إلى ابنتها، ساندرا فليسيتاس بيريز البالغة من العمر 42 عاماً. وكان ثمن الحفاظ على أمن العائلة والعمل 5,000 دولار، وهو مبلغ مستحيل. شعرت ساندرا وزوجها أبناؤها الثلاثة المراهقون بالرعب.
وتقول: "كنا نعيش كالحيوانات، محبوسين في المنزل، لا نفتح باب المنزل إلا للفرار وشراء الطعام".
بعد أسابيع قليلة من العيش في ظروف شبيهة بالحصار، تشجعت ابنتها ماريا لوز، البالغة من العمر 19 عاماً –التي تحمل اسم جدتها- على الخروج متوجهةً إلى متجر العائلة. كانت في السنة الأولى من تعليمها الجامعي لكنها أصرت على الحفاظ على المؤسسة التي كانت تملكها العائلة. كان أفراد العصابة ينتظرون، وسرعان ما خرجوا وأطلقوا النار على الفتاة الشابة الجميلة داخل المتجر.
تقول ساندرا وهي تعرض على هاتفها صورة ماريا لوز مع شقيقيها وهم يرسمون ابتسامة كبيرة على وجوههم: "عندما سمعت الخبر، دمر ذلك حياتي. وبعد يومين، دفناها ثم فررنا. وأدركت أننا إذا لم نغادر، فسيقدمون على قتلنا جميعاً".
في يوليو 2015، ومع القليل من الملابس وأكبر مبلغ نقدي تمكنوا من جمعه، توجهوا شمالاً نحو المكسيك مع شقيقة ساندرا الأصغر سناً، كارلا، وابنتيها المراهقتين.
"بعد يومين، دفناها ثم فررنا. وأدركت أننا إذا لم نغادر، فسيقدمون على قتلنا جميعاً".
بحلول تلك الفترة، كانت عمليات الابتزاز والتهديد تلاحق عائلة بيريز. وكان ابن شقيق ساندرا وعائلته المؤلفة من أربعة أفراد قد فروا قبل أسابيع وقدموا طلب اللجوء في المكسيك. إلا أن عمليات القتل ارتفعت.
وتعرّض حفيد ماريا لوز المفضل، رودولفو أنطونيو، البالغ من العمر 14 عاماً فقط، للقتل من قبل أحد أفراد العصابة الذي أراد أخذ حذائه الرياضي. وبعد ثلاثة أشهر، أطلقت العصابة نفسها النار على سارة ديل كارمن، وهي أم لطفل في الثامنة من عمره.
وحالياً، يعيش جميع الناجين من عائلة بيريز- وعددهم 17 - في نفس المبنى في منطقة صغيرة جنوب المكسيك. وبفضل الدعم المالي المقدم من المفوضية الذي يغطي جزءاً من التكاليف، يتمكن كل فرع من فروع العائلة من إعالة بيته الصغير.
عائلة بيريز هي واحدة من عدد متزايد من الأشخاص من وسط أميركا الذين يسعون إلى اللجوء في المكسيك بسبب عصابات الشوارع أو الماراس، وهي منظمات إجرامية عابرة للحدود تتراوح أعمالها من تجارة المخدرات والابتزاز والسرقة إلى الاغتصاب والقتل.
وتتوقع المفوضية أن يتخطى عدد طلبات اللجوء في المكسيك الضعف في عام 2017، أي أن يفوق الـ 20,000. ويغادر الكثيرون، كعائلة بيريز، ضمن مجموعات عائلية كبيرة.
ويصرّح مارك مانلي، ممثل المفوضية في المكسيك، قائلاً: "نحن نشهد طلب المزيد من العائلات الكبيرة اللجوء في المكسيك ونعمل على ضمان بقاء هذه العائلات معاً وتمكنها من دعم بعضها البعض لتخطي صدمة الانتقال من منزلها".
كان الانتقال إلى المكسيك مؤلماً بالنسبة لماريا لوز فهي تعاني من مشاكل صحية كثيرة؛ فنظرها ضعيف وركبتاها متورمتان وهي تعاني من ارتفاع في ضغط الدعم ومشاكل في القلب.
"نعمل على ضمان بقاء هذه العائلات معاً وتمكنها من دعم بعضها البعض".
ولكنها لا تزال على قيد الحياة – مع الأفراد المتبقين من عائلة بيريز- لأنهم معاً.
وتقول أنّا روث، إحدى بنات ماريا لوز: "أعتني بوالدتي لأن المشاكل التي تعاني منها تصعب حياتها. وأعتني أيضاً بأطفالي وأحفادي عندما يذهب الآخرون في العائلة إلى العمل".
إنهم يساعدون بعضهم البعض ويجنون المال ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة. تعمل كارلا، ابنة ماريا لوز، 12 ساعةً في اليوم في متجر تورتيلا، حيث تجني 5 دولارات فقط يومياً. وتدير ساندرا متجراً صغيراً في منزلها وتحقق ربحاً يومياً متواضعاً لا يتحسن. ويجني زوج روث، بابلو، 10 دولارات يومياً مقابل العمل لدى ميكانيكي محلي. وتمكن من إيجاد عمل لصهريه وابن شقيقه في المرآب أيضاً.
تقول ساندرا: "وجودك مع عائلتك يشعرك بالأمان" وتمد يدها نحو خوسيه، وهو ابنها الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، ويعمل في المرآب ويأمل أن يذهب إلى الجامعة في المكسيك في أحد الأيام.
ويقول: "أريد أن يعرف الآخرون أننا أشخاص يحاولون جاهدين ويقومون بكل ما بوسعهم". وينفجر في البكاء. "هكذا يمكننا تكريم أفراد عائلتنا الذين قُتلوا".