عائلة سورية تخاطر بحياتها للفرار من الرقة مع ارتفاع حدة العنف

مع تصاعد الصراع في الرقة، تحدى الآلاف حقول الألغام والمجموعات المسلحة للفرار من القتال والوضع الإنساني المتدهور داخل المدينة.

 

ممرضة في مدينة القامشلي تحمل طفلين نجيا من أحد الألغام فيما كانت العائلة تحاول الفرار من مدينة الرقة.  © UNHCR/Areej Kassab

القامشلي، سوريا – خوفاً من أن تُحاصر عائلته في القتال الذي يجتاح الرقة، اصطحب الأب السوري مصطفى زوجته وأطفاله الثلاثة الصغار على متن دراجته النارية وتوجهوا شمالاً، في محاولة يائسة للفرار من المدينة السورية الشمالية الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة منذ عام 2014.   

كانت العائلة، التي نزحت من حلب قبل خمسة أعوام، قد وصلت تقريباً إلى الأمان عند نقطة تفتيش عسكرية عندما انفجر لغم أدى إلى مقتل زوجة مصطفى وابنه البكر.

وقال مصطفى المصاب بجروح خطيرة والذي لا يزال يشعر بالصدمة: "شعرت بالراحة عندما رأيت نقطة التفتيش واعتقدت أننا تمكنّا أخيراً من الفرار. إلا أن الانفجار وقع على بعد مسافة قصيرة من النقطة وبدأت ألوّح لهم وأناديهم لإنقاذنا".

تم أخذ مصطفى وابناه الناجيان إلى مدينة تل أبيض الحدودية الواقعة على بعد 100 كلم شمال الرقة، قبل أن يُنقلوا إلى مستشفى القامشلي الوطني الذي يقع في محافظة الحسكة البعيدة في شمال شرق سوريا.

"بدأت ألوّح لهم وأناديهم لإنقاذنا"

أدى الانفجار إلى إصابة مصطفى بكسور في ذراعه وساقه اليمنى وتهشم معصمه الأيسر. وأُصيب ابنه عبد الكريم البالغ من العمر 3 أعوام بكسور في الفك وشظايا في العين اليسرى، واضطر الأطباء إلى بتر أصابع رجله اليسرى. وقال أحد الأطباء الذي يهتم بالعائلة: "قمنا بكل ما في وسعنا هنا، إلا أنه يحتاج إلى عملية متخصصة للعين بشكل عاجل، وهو ما لا يمكننا توفيره".

على الرغم من أنها لم تصب بجروح واضحة، إلا إن وضع ليلى، ابنة مصطفى التي تبلغ من العمر عاماً واحداً هو الأخطر. ويقول الطبيب بأنها "تحتاج إلى جراحة في الصدر وجراحة للأطفال، ولا يمكن توفيرهما هنا. لقد أصيبت في الرئة اليمنى وقد تفقد حياتها إن لم تخضع للجراحة".

لا يزال الآلاف عالقين داخل المدينة وسط تدهور سريع للأوضاع الإنسانية التي تشمل، إلى جانب القتال، النقص الحاد في السلع الأساسية كالطعام والدواء والوقود.

وقد أقدمت المجموعات المسلحة التي تسيطر على المدينة على التهديد بقتل الأشخاص الذين يحاولون المغادرة، في حين أنه تم زرع الألغام في العديد من الطرقات خارج المنطقة، حسب ما قال الفارون من المدينة. وعلى الرغم من المخاطر، يقدّر بأن يكون هناك أكثر من 160,000 شخص كمصطفى وعائلته قد فروا من القتال في أنحاء محافظة الرقة منذ 1 أبريل.

تقوم المفوضية بالتعاون مع وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني بكل ما في وسعها لتقديم المساعدة المنقذة للحياة للنازحين. ويشمل ذلك توفير المأوى ومواد الإغاثة في المخيمات المنشأة في محافظتي الرقة والحسكة.

ولكن نظراً للوصول المتقطع إلى بعض المناطق بسبب التحديات في البيئة الأمنية، من الصعب وضع استجابة إنسانية فعالة. وتدعو المفوضية كافة أطراف الصراع إلى تعزيز إمكانية الوصول الإنساني المستدام.

"مع تزايد الاحتياجات وارتفاع حالات النزوح، يعتبر الوصول صعباً"

وقد صرّح المتحدث باسم المفوضية أندريه ماهيسيتش في مؤتمر صحفي عُقد في جنيف يوم الثلاثاء (13 يونيو) قائلاً: "مع تزايد الاحتياجات وارتفاع حالات النزوح، يعتبر الوصول للأشخاص صعباً". وأشار إلى أنه يتم نقل مواد الإغاثة من دمشق إلى القامشلي جواً – وهي مهمة مكلفة ومعقدة.

وحتى الآن، لم تتوفر طرق برية صالحة لنقل الإمدادات. وبمساعدة الشركاء، نستمر في استكشاف كافة طرق الإمداد المحتملة ونعمل مع السلطات لضمان إمكانية الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص المحتاجين".

بعد أن دفع ثمن فراره غالياً، تم إخبار مصطفى أنه دون الإجلاء والمعالجة الطبية العاجلة من الممكن أن يموت طفلاه الناجيان أو أن يعانيا من مضاعفات مدى الحياة. ونتيجة لذلك، قامت المفوضية بالتنسيق مع وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني والإدارات الحكومية بترتيب نقل أفراد العائلة إلى دمشق، حيث سيتلقون المساعدة الطبية المتخصصة التي يحتاجون إليها.

وقال روبن ألكساندريان، مدير مكتب المفوضية في القامشلي: "إنها ليست المرة الأولى التي نسهل فيها عمليات إجلاء كهذه. وتكمن أولوياتنا في التأكد من إحالة كافة الحالات الطبية إلى المرافق الطبية وتوفير سبل الإجلاء للأشخاص الذين هم في حالة حرجة".

وأضاف ألكساندريان: "إن الأشخاص الفارين خوفاً على حياتهم بحاجة عاجلة إلى الدعم للبقاء على قيد الحياة. ونحن نعمل بلا كلل للتأكد من أن يتلقوا مواد الإغاثة ويتمكنوا من الحصول على مكان آمن سرعان ما يصلون إلينا".