شقيقتان صحراويتان تؤسسان مدرسة لتعليم قيادة السيارة للنساء
في مسعى لتمكين الشابات، تخطط شابتان صحراويتان لإنشاء مدرسة لتعليم القيادة للإناث في وقت لاحق من هذا العام في مخيم الداخلة النائي في الجزائر.
تندوف، الجزائر، 27 أبريل/نيسان (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - عندما شعرت منى مصطفى بآلام المخاض فجأةً، لم يكن الوصول إلى المستشفى مع شقيقتها الكبرى صعباً - بما أن أحد الجيران أوصلهما إليها، ولكن الذهاب إلى المنزل عبر الصحراء الكبرى لإحضار بعض مستلزمات الأطفال لم يكن بهذه السهولة.
تشرح منى التي تبلغ من العمر 22 عاماً قائلةً: "بسبب مغادرتنا المفاجئة، لم يكن لدينا الوقت لإحضار أي شيء إلى المستشفى: فلم يكن معنا أغطية سرير ولا ملابس للطفل".
بما أنها لا تجيد القيادة، لم يكن أمام غالية التي تبلغ من العمر 31 عاماً خياراً إلا المشي كيلومترات عديدة للعودة إلى منزلها في مخيم الداخلة لإحضار المستلزمات التي كانت ثقيلة جداً لتحملها إلى المستشفى. اضطرت للانتظار لساعات قبل أن تجد من يقلّها إلى المستشفى بما أنها لا تستطيع القيادة كالكثير من النساء الصحراويات.
لكن بدلاً من الاستسلام لليأس والإحباط، قررت هي ومنى التوصل إلى حل فعال. وبعد تجربتهما، وضعتا خطة لتأسيس مدرسة لتعليم القيادة في الداخلة للنساء اللواتي لا يزلن يعتقدن بأن القيادة أمر غير مألوف، على الرغم من بدء تبدّل التقاليد الصحراوية المحافظة.
وقالت غالية بأن "هذا المفهوم يتغير بسرعة، بما أن المجتمع يعترف بحاجة النساء للقيادة - فالكثير من العائلات لا تضم أي رجال وتعتمد نساء هذه العائلات على الآخرين للتنقل".
ويعتبر مخيم الداخلة واحداً من المخيمات الخمسة في جنوب غرب الجزائر حيث استقر آلاف الصحراويين منذ منتصف عام 1970 عندما فروا من الصراع في الصحراء الغربية. وبعد مرور أربعين عاماً، تواصل المفوضية مساعدة 90,000 لاجئ صحراوي من الضعفاء والذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
فنزوحهم الذي طال أمده وإمكاناتهم المحدودة، لا سيما بالنسبة للشباب كغالية ومنى، والذين ولدوا وكبروا في المخيمات، يزيد من حالة الإحباط. وقد تفاقم ذلك مع عزل مخيم الداخلة وهو أبعد مخيم عن تندوف وهي المدينة الوحيدة من أي حجم في منطقة قليلة السكان.
ويعتبر مشروع غالية ومنى - الذي طرحتاه إلى جانب امرأتين أخريين من المخيم- واحداً من المشاريع الكثيرة التي اختارتها المفوضية ومنظمة أوكسفام في بلجيكا العام الماضي، والتي تهدف إلى تمكين الشباب وتعزيز روح الجماعة. ومن المقرر أن تفتح المدرسة في الخريف وأن يتم تطويرها من قبل النساء بتوجيه وتدريب من المفوضية وشركائها.
وشرحت إيزابيل سيليز زاراغوزي، رئيسة المكتب الفرعي للمفوضية في تندوف قائلةً بأن "مدرسة تعليم القيادة هي بالضبط من نوع المشاريع التي نحتاج إليها لتحسين سبل عيش اللاجئين الصحراويين، لا سيما الشباب، الذين يملكون أفكاراً مميزة ويعرفون ما يحتاجون إليه. وبالتعاون مع شركائنا في المجال الإنساني، نقوم بتوفير الاحتياجات الأساسية كالطعام والمياه والخدمات الصحية. ولقد حان الوقت لنستثمر في فرص لتمكين المجتمع وإنشاء مشاريع دائمة لكسب العيش، لا سيما لجيل الشباب - وهذا ما بدأنا القيام به على مدى الأعوام القليلة الماضية".
وستكون منى مديرة المدرسة وغالية مساعدتها، وتخططان لتسجيل 100 طالبة في الأشهر الثمانية الأولى وقد قامتا باختيار المدرب. وعندما تفتح المدرسة أبوابها، ستوفر فرص العمل لخمسة أشخاص.
محمد عبد الحي، الذي يرأس مشاريع الشباب هذه لمنظمة أوكسفام، هو لاجئ صحراوي. يقول: "جيل الشباب مثقف ويتمتع بالخبرة المكتسبة من خارج المخيمات لكنه لم يحصل على الفرصة بعد لتطبيق مواهبه بشكل بنّاء أو لتحقيق إمكاناته، وإنشاء المشاريع التي تستهدف الاحتياجات الاجتماعية الحقيقية سيساعد في ذلك".
وعندما سُئلت عن شعورها عندما سترى النساء يتخرجن من مدرسة القيادة، كانت منى واضحة وقالت: "سأكون سعيدةً جداً. وستتمتع النساء بحرية التنقل دون الإعتماد على الآخرين".
بقلم روسيل فرايزر في تندوف، الجزائر