انعدام الأمن في اليمن يهدد آلاف اللاجئين والمهاجرين

تطلق المفوضية حملة لتسليط الضوء على المخاطر التي يتعرض لها آلاف الأشخاص- أكثرهم من إثيوبيا والصومال- الذين لا يزالون يتوجهون إلى اليمن، على الرغم من الصراع المحتدم.

 

جثث صوماليين وإثيوبيين وسودانيين جرفها البحر على شواطئ بلحاف، اليمن، في صورة من الأرشيف تعود لعام 2006.   © UNHCR/SHS

صنعاء، اليمن- أذكر أمام أي شخص كلمتي "اليمن" و"لاجئين" وسيتبادر إلى ذهنه بالتأكيد مشهد أشخاص يفرون من تلك الدولة التي مزقتها الحرب. بدأ القتال في اليمن عام 2015، وزادت الوضع سوءاً مشاركة أطراف ثالثة في تلك الحرب الأهلية.

لذلك ربما يكون مستغرباً أنه في حين أن الآلاف من الناس يفرون من اليمن إلى القرن الإفريقي (حوالي 87,000 العام الماضي)، لا يزال أشخاص كثر يسيرون في الاتجاه الآخر، مع أكثر من 117,000 شخصاً يقدر بأن يكونوا قد سافروا عبر خليج عدن والبحر الأحمر إلى ذلك المكان حيث يسود انعدام الأمن خلال العام الماضي وحده.

ومنذ عام 2013، وصل ما يقارب 290,000 لاجئ ومهاجر إلى سواحل اليمن. وكان نحو 80% من هؤلاء إثيوبيين، ومعظم الباقين صوماليون. ويقوم معظمهم بالرحلة إلى اليمن على أمل استخدامها كنقطة عبور، في حين يتطلع آخرون إلى البقاء في اليمن، غير مدركين للمخاطر في كثير من الأحيان.

وتمثل الأرقام الأخيرة زيادة مطردة في التحركات غير النظامية من إفريقيا إلى اليمن- من 65,000 عام 2013، إلى 91,600 عام 2014، و92,500 عام 2015 على التوالي. وهذا على الرغم من البيئة المتدهورة في اليمن، حيث تستمر حرب واسعة النطاق بدأت عام 2015.

"يجب ألاّ نسمح لمهربي البشر والتجار العديمي الضمير باستدراج الناس إلى المخاطر والتهديدات حيث يأملون أن يجدوا الحماية"

وقد أطلقت المفوضية اليوم حملة لرفع الوعي حول المخاطر التي يواجهها أولئك الذين يعبرون إلى اليمن وفيها. وتتراوح تلك المخاطر بين الموت في عرض البحر والابتزاز والاعتداء وسوء المعاملة من قبل الشبكات الإجرامية، فضلاً عن المخاطر الناجمة عن الحرب في اليمن نفسها، التي تدفع أربعة أخماس السكان إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية.

ويقول فولكر تورك، مساعد المفوض السامي لشؤون الحماية في المفوضية: "نريد تمكين اللاجئين ليتخذوا قرارات مستنيرة بشأن مستقبلهم. أولئك الذين قرروا الفرار بحاجة إلى معرفة المخاطر التي تنتظرهم. يجب ألاّ نسمح لمهربي البشر والتجار العديمي الضمير باستدراج الناس إلى المخاطر والتهديدات حيث يأملون أن يجدوا الحماية".

وتلقت المفوضية تقارير عن اعتداءات جسدية وجنسية وعن حرمان من الطعام والماء وخطف وابتزاز وتعذيب وإجبار على العمل القسري من قبل المهربين والشبكات الإجرامية. وكان هنالك أيضاً زيادة في عمليات الاعتقال والاحتجاز والإعادة القسرية.

والنساء- اللواتي يشكلن تقريباً ثلث اللاجئين والمهاجرين من الصومال، و13% من اللاجئين والمهاجرين من إثيوبيا- معرضات للخطر بشكل خاص، لأنهن قد يكنّ أهدافاً للعنف الجنسي والإتجار. وتشير الأرقام الصادرة عن الوكالات الشريكة التي تراقب السواحل اليمنية إلى أن حوالي ربع أولئك الذين يسافرون إلى اليمن هم من الأطفال.

وكثيراً ما يرمي المهربون الركاب في البحر قبل الوصول إلى الشاطئ. ويقدر بأن يكون ما مجموعه 446 شخصاً قد قتلوا أو فُقدوا خلال الأعوام الثلاثة السابقة من بين آلاف اللاجئين والمهاجرين الذين قاموا بالرحلة. ومن المعقول الافتراض بأن هذه الأرقام لا تعكس العدد الفعلي للوفيات، لأنه من الصعب للمفوضية والشركاء العمل في ما يعد منطقة حرب.

"لقد سببوا لي أذى كبيراً ولم أتمكن حتى من الحصول على أي علاج طبي... أنا مريضة وجائعة وبائسة هنا"

وتقول إحدى النساء الإثيوبيات اللواتي قمن بالرحلة: "لا يتوفر لي شيء هنا والحياة خطيرة للغاية. لقد ضربني بشدة الشهر الماضي أشخاص كانوا يبحثون عن المال واتهموني بالسرقة. سببوا لي أذى كبيراً ولم أتمكن حتى من الحصول على أي علاج طبي. كان علي الانتظار لتلتئم الجروح بنفسها، ولم تلتئم حتى اليوم. أنا مريضة وجائعة وبائسة هنا".

وجوهر المشكلة هو أنه من الصعب جداً تقديم المساعدة لأولئك الذين يحتاجون إليها في مكان خطير مثل اليمن. وفي حين أن تتمثل الولاية الأساسية للمفوضية في حماية اللاجئين، فـ"السلامة" مفقودة في بلد في حالة حرب. وتُعتبر القدرة التشغيلية للمفوضية محدودة جداً بسبب انعدام الأمن، على السواء لموظفيها وشركائها، وبالنسبة للأشخاص الذين تريد مساعدتهم.

هنالك حوالي 19 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وصعوبة إقامة شبكات أمان للاجئين والمهاجرين في بيئة غير آمنة إلى هذا الحد هي جزء من السبب الذي دفع المفوضية منذ فترة طويلة إلى تحذير الناس من مخاطر السفر إلى اليمن.

وتشير التقارير إلى أنه في حين أن الرحلة قد تكلف ما بين 300 و500 دولار أميركي، فقد يفقد الأشخاص الذين يقدمون على هذه الخطوة أكثر من ذلك بكثير بسبب الابتزاز، مع قصص كثيرة عن لاجئين ومهاجرين اختُطفوا وطولِبَت أسرهم بفدية.

ومن الواضح أن عدداً كبيراً من هؤلاء الذين يقومون بالرحلة إلى اليمن ليسوا على بينة من المخاطر التي يواجهونها. فشبكات التهريب تهوِّن المخاطر والتهديدات التي يواجهها الناس الذين يتنقلون بشكل غير نظامي، والذين ينجون من هذه المحنة يفشلون أحياناً كثيرة في نقل ما مروا به. والمفوضية ملتزمة بالتوعية بشأن هذه المخاطر.