المفوض السامي يصدر مبادئ توجيهية رئيسية للتعامل مع أزمة اللاجئين في أوروبا
غوتيريس يقول أن الاتحاد الأوروبي يواجه لحظة حاسمة إذ لا يمكن لأي دولة تحمل الوضع وحدها كما لا يمكن لأي دولة رفض القيام بدورها.
جنيف، 4 سبتمبر/أيلول، (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - شدّد المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، على أن الاتحاد الأوروبي يواجه "لحظة حاسمة" وطرح مجموعة من المبادئ التوجيهية الرئيسية التي يقول أنها ينبغي أن تدعم كل الجهود لإيجاد حل لأزمة اللاجئين والمهاجرين الحالية التي تواجهها أوروبا.
وقال غوتيريس أن أكبر تدفق للاجئين إلى أوروبا منذ عقود يتطلب "جهداً مشتركاً وكبيراً" وتخلياً عن النهج المجزأ الحالي الذي أدى إلى فشل أوروبا بشكل عام في إيجاد استجابة مشتركة وفعالة.
وصرّح في بيان صدر قبيل جولة رئيسية من اجتماعات الاتحاد الأوروبي حول الأزمة قائلاً: "لا يمكن لأوروبا الاستمرار في الاستجابة لهذه الأزمة من خلال نهج تدريجي أو مجتزئة. فلا يمكن لأي دولة القيام بذلك وحدها ولا يمكن لأي دولة رفض القيام بدورها. لقد خاطر أكثر من 300,000 شخص بحياته لعبور البحر الأبيض المتوسط حتى الآن في هذا العام. ولم ينجُ أكثر من 2,600 شخص من العبور الخطير، ومن بينهم الطفل إيلان الذي يبلغ من العمر ثلاثة أعوام والذي هزت صوره الرأي العام العالمي".
وأثنى غوتيريس على بعض الأمثلة النموذجية و"الملهمة حقاً" والتي تظهر كرم بعض الدول والعديد من المواطنين العاديين وقيادتهم الأخلاقية، ولكنه كرر نداءه لوضع استراتيجية جماعية تتضمن تحركاً متجدداً في اتجاه تسوية الصراعات.
وقد هزت صورة الطفل السوري الذي جرفت الأمواج جثته إلى الشاطئ التركي بعد محاولة فاشلة للوصول إلى اليونان، الملايين حول العالم وسلّطت الضوء من جديد على المآسي الإنسانية التي يشهدها دورياً البحر الأبيض المتوسط.
وقال المفوض السامي: "لا يملك الاتحاد الأوروبي حالياً أي خيار آخر سوى حشد كامل قوته تجاه هذه الأزمة. فالطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هي تنفيذ الاتحاد وكافة دوله الأعضاء لاستراتيجية مشتركة على أساس المسؤولية والتضامن والثقة".
ودعا غوتيريس جميع الدول إلى احترام القانون والالتزامات الدولية، وشدد على أن حتى أولئك الذين يتمكنون من الوصول إلى شواطئ أوروبا وحدودها يواجهون أخطاراً مروعة.
وأضاف قائلاً: "بعد الوصول إلى الشواطئ والحدود الأوروبية، يواصلون رحلتهم - ويواجهون الفوضى ويعانون من الإهانة والاستغلال والخطر على الحدود وعلى طول الطريق".
وطرح غوتيريس الذي شدد على أنه "لا يمكن لأي دولة حل المشكلة وحدها ولا يمكن لأي دولة رفض القيام بدورها"، ستة مبادئ توجيهية رئيسية قال بأنه يجب مراعاتها في جميع الجهود المبذولة لإيجاد حل لهذه المسألة:
1) هذه المسألة في الأساس أزمة لاجئين، وليست ظاهرة هجرة فقط. وتأتي الغالبية العظمى من الذين يصلون إلى اليونان من مناطق الصراع كسوريا أو العراق أو أفغانستان وهم ببساطة يفرون لإنقاذ حياتهم. ويستحق كل الأشخاص المتنقلون في ظل هذه الظروف المأساوية أن يشعروا بأن حقوقهم الإنسانية وكرامتهم تُحترم بالكامل بغض النظر عن وضعهم القانوني. ولكننا لا يمكن أن ننسى المسؤولية الخاصة التي تتحملها كل الدول تجاه اللاجئين وفقاً للقانون الدولي.
2) لا يمكن لأوروبا الاستمرار في الاستجابة لهذه الأزمة من خلال نهج تدريجي أو مجتزأ. فلا يمكن لأي دولة القيام بذلك وحدها ولا يمكن لأي دولة رفض القيام بدورها. وليس مفاجئاً أن يتعسر كل شيء مع تصاعد الضغط عندما يكون النظام غير متوازن ومختلاً وظيفياً. إنها لحظة حاسمة للاتحاد الأوروبي، الذي لا يملك حالياً خياراً سوى حشد قوته الكاملة حول هذه الأزمة. فالطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هو تنفيذ الاتحاد وكافة دوله الأعضاء لاستراتيجية مشتركة على أساس المسؤولية والتضامن والثقة.
3) عملياً، يعني ذلك اتخاذ تدابير عاجلة وشجاعة لضمان استقرار الوضع ثم إيجاد وسيلة لتقاسم المسؤولية بشكل حقيقي على المدى المتوسط والطويل. ويجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعداً، بموافقة الحكومات المعنية ودعماً لها - لا سيما اليونان والمجر، ولكن إيطاليا أيضاً - لتوفير القدرة الفورية والمناسبة على الاستقبال والمساعدة والتسجيل في حالات الطوارئ. ويتعين على المفوضية الأوروبية تعبئة وكالات وآليات اللجوء والهجرة والحماية المدنية في الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض، بما في ذلك موارد الدول الأعضاء، بدعم من المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة والمجتمع المدني. من جانبنا، تلتزم المفوضية بشكل كامل بتكثيف جهودها. ومن الضروري استقبال العائلات اللاجئة التي تصل إلى أوروبا بعد أن تكون قد فقدت كل شيء، في بيئة آمنة توفر لها الرعاية.
4) يجب أن يستفيد الأشخاص الذين لديهم مطلب حماية صالح في هذا المسح الأولي من برنامج نقل جماعي إلى موقع آخر، بمشاركة إلزامية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقد تشير التقديرات الأولية إلى الحاجة المحتملة إلى زيادة فرص النقل إلى ما يصل إلى 200,000 موقع. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا كانت قدرات الاستقبال كافية لا سيما في اليونان. ولا يجب أن يقتصر التضامن على بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
5) يجب تقديم المساعدة إلى الأشخاص الذين يحتاجون الحماية الدولية والذين لا يمكنهم الإستفادة من فرص الهجرة القانونية ليعودوا بسرعة إلى وطنهم الأم، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.
6) الوحيدون الذين يستفيدون من عدم توفر استجابة أوروبية مشتركة هم المهربون وتجار البشر الذين يكسبون الربح من يأس الناس للوصول إلى بر الأمان. لذا من المطلوب وجود تعاون دولي أكثر فعالية للقضاء على ظاهرة المهربين، ومن بينهم الذين يعملون داخل الاتحاد الأوروبي، ولكن بطرق تحمي الضحايا. ولكن هذه الجهود لن تكون فعالة دون تقديم المزيد من الفرص للأشخاص من أجل القدوم إلى أوروبا بشكل قانوني وإيجاد الأمان عند الوصول. ويخاطر آلاف الآباء اللاجئين بحياة أطفالهم على متن قوارب المهربين غير الآمنة لأن لا خيار آخر أمامهم. ويجب على الدول الأوروبية - فضلاً عن الحكومات في المناطق الأخرى- القيام ببعض التغييرات الأساسية لتوسيع نطاق إعادة التوطين وحصص الدخول الإنساني إلى أراضيها وبرامج تأشيرات الدخول والرعاية والمنح الدراسية والطرق الأخرى للدخول إلى أوروبا بشكل قانوني. ومن الضروري أن يصبح لم شمل العائلة واقعاً وخياراً سهل المنال لعدد أكبر من الأشخاص أكثر مما هو عليه اليوم. في حال تم توسيع هذه الآليات وجعلها أكثر كفاءة، نتمكن من تخفيض عدد الأشخاص الذين يجبرون على المخاطرة بحياتهم في البحر لعدم وجود خيارات بديلة.
وبعيداً عن الاستجابة الفورية، من الواضح أن هذا الوضع سيتطلب منا التفكير بجدية في المستقبل. ولن يتوقف هذا التدفق الهائل من الأشخاص حتى تتم معالجة الأسباب الجذرية لمحنتهم. وما زال هناك أمور كثيرة يتعين القيام بها لمنع الصراعات ووقف الحروب المستمرة التي تدفع الكثيرين إلى مغادرة منازلهم. ويجب تقديم المزيد من الدعم إلى البلدان المجاورة لمناطق الحروب، التي تستضيف 9 من بين 10 لاجئين في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن توفير التمويل اللازم. وفي الوقت نفسه، من الضروري أيضاً إعادة توجيه سياسات التعاون الإنمائي بهدف إعطاء الأشخاص فرصة أن يكون لهم مستقبل في بلدانهم.
تواجه أوروبا لحظة الحقيقة. وهذا هو الوقت المناسب للتأكيد على القيم التي بنيت عليها.