(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على ولي العهد المعين حديثا، الأمير محمد بن سلمان، استخدام سلطته لإنهاء الانتهاكات التي طال أمدها ضد المعارضين والناشطين الحقوقيين السعوديين، والالتزام بشكل علني بالإصلاح الحقوقي. جاءت هذه الخطوة عقب صدور مرسوم ملكي في 17 يونيو/حزيران 2017، وضع مؤسسة الادعاء العام خارج سلطة وزارة الداخلية وحوّلها إلى هيئة مستقلة.
في 21 يونيو/حزيران، أقال الملك سلمان وزير الداخلية وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وعيّن ابنه الأمير محمد بن سلمان وليا جديدا للعهد. شنت وزارة الداخلية تحت سلطة محمد بن نايف، الذي أشرف على خطة السعودية لمكافحة الإرهاب بعد عام 2003، حملة قمع ضد المنشقين السعوديين السلميين واستمرت في فرض قيود سفر مرهقة على النساء السعوديات. عبد العزيز بن سعود بن نايف (33 عاما) هو وزير الداخلية الجديد وهو ابن شقيق محمد بن نايف.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "على السعودية أن تذهب أبعد من التعديل في الحقائب وتضمن أن التغييرات القيادية ستحدث خطوات مجدية لإنهاء القمع الذي عانى منه الكثير من السعوديين والسعوديات على مر السنين. إذا كان ولي العهد الجديد يريد تحقيق رؤيته للتقدم الاقتصادي، فعليه اتخاذ خطوات فورية وملموسة لتحسين حماية حقوق الانسان".
لم يلتزم ولي العهد الجديد، الذي كان ولي ولي العهد منذ أبريل/نيسان 2015 ووزير الدفاع منذ يناير/كانون الثاني 2015، بإجراء إصلاحات حقوقية. أخفقت خطته الطموحة لعام 2016 لتنويع اقتصاد السعودية، "رؤية 2030"، في إدراج إصلاحات حقوقية هامة، مثل تعزيز قدرة المرأة على المشاركة في سوق العمل.
بدأ كوزير للدفاع الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، وهو المسؤول عنها. نفذ تحالف الدول الثماني المشاركة في الحملة عشرات الهجمات غير المشروعة، بما فيها جرائم حرب محتملة، وتكرر ضرب المدارس والأسواق والمنازل والمستشفيات. كما ساهمت الحرب في كارثة إنسانية في اليمن حيث يعيش 7 ملايين شخص على حافة المجاعة و يعاني الآلاف من الكوليرا. قالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على محمد بن سلمان، في دوره الجديد كولي عهد، أن يضمن امتثال القوات السعودية في اليمن لقوانين الحرب.
سيتولى وزير الداخلية الجديد في البلاد مقاليد وزارة اضطلعت منذ سنوات بدور قيادي في انتهاك الحقوق الأساسية في السعودية، مثل حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع. كما أن الوزارة مسؤولة أيضا عن فرض بعض جوانب نظام وصاية الرجل في السعودية؛ يفرض هذا النظام يجب أن يكون لكل امرأة ولي أمر ذكر – أب أو أخ أو زوج أو حتى ابن – له سلطة اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة نيابة عنها. تقتضي أنظمة وزارة الداخلية من المرأة الحصول على موافقة ولي الأمر للحصول على جواز سفر أو السفر خارج البلاد، كما أن الحظر السعودي على قيادة المرأة يستند إلى مرسوم من وزارة الداخلية.
على الرغم من ذلك، سيفتقر وزير الداخلية الجديد إلى القدرة على مقاضاة منتقدي الحكومة مباشرة. أمر الملك سلمان بإزالة "هيئة التحقيق والادعاء العام" (الهيئة) من اختصاص وزارة الداخلية في 17 يونيو/حزيران، وتسمية الهيئة المستقلة حديثا باسم "النيابة العامة". جاء في المرسوم الملكي أن التغيير كان "تمشيا مع القواعد والمبادئ النظامية المتبعة في العديد من دول العالم"، واستنادا إلى "أهمية وضرورة الفصل بين السلطة التنفيذية في الدولة والهيئة وأعمالها باعتبارها جزءا من السلطة القضائية".
يبدو أن وزير الداخلية الجديد سيحافظ على سلطاته الواسعة في مكافحة الإرهاب بموجب قانون عام 2013 المتعلق بمكافحة الارهاب. يسمح القانون للوزير بأن يأمر بالقبض على المشتبه بأنهم إرهابيون دون المرور عبر المدعين العامين، بالإضافة إلى الحصول على المعلومات المصرفية والاتصالات المتعلقة بالمشتبه به، وكل ذلك دون رقابة قضائية.
منذ عام 2011، بدأت الهيئة إقامة دعاوى جنائية ضد ما لا يقل عن 20 من الناشطين والمعارضين البارزين. حكمت المحاكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 10 سنوات و 15 سنة بتهم فضفاضة وادعاءات لا تشكل جرائم معترف بها، مثل "الخروج على ولي الأمر" أو "المشاركة في المظاهرات". كما قام المدعون العامون بسجن النساء والتحقيق معهن بتهم القيادة والدعوة إلى وضع حد لنظام وصاية الرجل.
اعتقلت السلطات السعودية وحاكمت جميع الناشطين المرتبطين بـ "الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية" (حسم)، والتي حلتها رسميا وحظرتها محكمة سعودية في مارس/آذار 2013. يواجه أعضاء الجمعية اتهامات غامضة مماثلة.
من بين الناشطين والمعارضين السعوديين الذين يقضون حاليا عقوبات سجن طويلة، تستند فقط إلى نشاطهم السلمي: وليد أبو الخير، محمد القحطاني، عبد الله الحامد، فاضل المناسف، سليمان الرشودي، عبد الكريم الخضر، فوزان الحربي، صالح العشوان، عبد الرحمن الحامد، زهير كتبي، نذير الماجد، وعلاء برنجي. تجري حاليا محاكمة عيسى النخيفي الذي اعتُقل في ديسمبر/كانون الأول 2016. اعتُقل عصام كوشك في يناير/كانون الثاني وقد يواجه المحاكمة. أما الآخرون أمثال عبد العزيز الشبيلي وعيسى الحامد، فهم غير محتجزين ويستأنفون أحكام سجن طويلة أصدرتها "المحكمة الجزائية المتخصصة" عام 2016. يحاكم محمد العتيبي وعبد الله العطاوي حاليا بتهمة تأسيس منظمة حقوقية عام 2013.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على النيابة العامة، التي أعيد تشكيلها في السعودية، إنهاء محاكمات الناشطين الحقوقيين أمثال كوشك والعتيبي فورا، وإطلاق سراح الذين يقضون فترات سجن طويلة.
قالت ويتسن: "على القادة السعوديين أن يدركوا أنهم لا يستطيعون تطوير اقتصاد البلاد ومجتمعها دون منح المرأة حقوقها على قدم المساواة مع الرجل، والسماح للسعوديين بانتقاد سياسات الحكومة علنا والدعوة إلى احترام حقوق الانسان".
Region / Country
لمزيد من المحتوى
التقارير
-
اليمن: الإمارات تدعم قوات محلية ترتكب انتهاكات
يجب حل قضايا الإخفاءات القسرية والسماح بالوصول إلى المعتقلات
-