لاجئو الروهينغا في بنغلاديش يصارعون للوقوف على أقدامهم
بعد مرور حوالي أربعة أشهر على حوادث العنف التي دفعتهم إلى مغادرة ميانمار إلى بنغلاديش، تعيش النساء والأطفال من الروهينغا في وضع غير مستقر ويحصلون على مساعدات محدودة ويخافون من الترحيل.
كوكس بازار، بنغلاديش – في قرية هادئة في جنوب شرق بنغلاديش، تنام الطفلة موكوروما بسلام. لحسن حظها أنها لا تدرك القلق الظاهر على وجه والدتها روجيا أو ما عانته ليستطيع أطفالها النوم بسلام اليوم.
وفي حي مجاور، يمشي إلياس البالغ من العمر 16 عاماً عارجاً. بدأت الندبة الطويلة على ساقه اليسرى تُشفى، لكنه لا يزال يحتاج إلى عكازين للتجول.
إلياس وروجيا هما بين أكثر من 60,000 شخص من الروهينغا يُعتقد بأنهم لجأوا إلى الأمان في بنغلاديش منذ أكتوبر 2016. فروا من منازلهم في ولاية راخين شمال ميانمار بعد أن تسببت هجمات المسلحين على عدة مراكز للشرطة بعملية أمنية أدت إلى إحراق عدد من المنازل ونزوح المدنيين وإلى انتهاكات لحقوق الإنسان، وفقاً للتقارير الواردة.
"سمعت صوت إطلاق النار وكان الجميع يركضون".
يقول إلياس متذكراً اليوم الذي تغيرت فيه حياته في أكتوبر الماضي: "كان يوم أحد وذهبت إلى السوق لمساعدة والدي في بيع الخضار. سمعت صوت إطلاق النار وكان الجميع يركضون. أُصبت في رجلي ووقعت في حقل للأرز".
في قرية روجيا، غادر غالبية الرجال مسبقاً، تاركين النساء في المنازل. وبعد أن قام رجال مسلحون بنهب منزلها تحت تهديد السلاح، قررت المرأة البالغة من العمر 29 عاماً الفرار لأن الوضع كان قد أصبح خطيراً للغاية للبقاء. وعلى الرغم من أنها كانت حاملاً في الشهر التاسع، أخذت أطفالها الأربعة وانضمت إلى مجموعة متوجهة إلى حدود بنغلاديش. مشوا لأكثر من 10 كيلومترات متخذين الطرقات الخلفية لتجنب لفت الأنظار.
وتقول: "كنت مرهقةً ولم أستطع التقدّم على الإطلاق. كانت رجلاي متورمتين وضغط دمي مرتفعاً".
وبصعوبة كبيرة، عبر كل من إلياس وعائلة روجيا أخيراً نهر ناف إلى بنغلاديش، حيث وجدوا أقاربهم الذين وصلوا سابقاً.
قالت روجيا: "كان زوجي في كوكس بازار وقد تواصل مع المفوضية. أرسلوا سيارة إسعاف لنقلي إلى المستشفى. وبعد تسعة أيام، أبصرت طفلتي النور".
كان إلياس بحالة سيئة أيضاً. وبما أنه لم يستطع تلقي العلاج المناسب في وطنه، تم لفّ جرحه ببعض أوراق الشجر وشُدّ بأشرطة من القماش. تورمت رجله ويداه جراء الإصابة. وفي بنغلاديش، نقلته المفوضية وشركاؤها إلى أحد المستشفيات المحلية حيث تبين أن الرصاصة كسرت عظمة فخذه. أُجريت له عملية أنقذت حياته ووُضع له سيخ معدني لتثبيت ساقه.
واليوم، يتعافى إلياس تحت رعاية أقاربه. قدّمت المفوضية بعض الملابس وكرسياً مع مقعد مرحاض لكي لا يضطر الآخرون إلى حمله إلى المرحاض كلما دعت الحاجة. وقد طلب الحصول على عكازين ليتمكن من الوقوف على رجليه مجدداً.
ويقول مضيفاً أنه يرغب في متابعة تعليمه في الصف التاسع في بنغلاديش: "أنا سعيد لأنني على قيد الحياة".
وبينما يحاول المراهق الحفاظ على تفاؤله والتطلع إلى الأمام، يشعر بالقلق إزاء الأشخاص الذين تركهم في ميانمار ويقول: "لم يعد لدى والدتي وأخواتي طعام وهم يتسولون متنقلين من منزل إلى آخر".
في ميانمار، تدعو المفوضية إلى عدم تقييد إمكانية الوصول إلى المناطق المتضررة في ولاية راخين الواقعة في شمال البلاد لتحديد وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة. وتدعو المفوضية أيضاً إلى إتاحة الوصول بشكل كامل إلى الواصلين الجدد من الروهينغا في بنغلاديش حيث تعمل مع شركائها لتوفير الحماية والمساعدة للمجموعات الشديدة الضعف.
"إذا حلّ السلام، سأعود فوراً".
تسكن عائلة روجيا حالياً في قرية محلية في بنغلاديش. وهي تدفع 2,000 تاكا (حوالي 25 دولاراً) للعيش في منزل مع ثلاث عائلات أخرى وتخشى اعتقالها وترحيلها.
وتقول: "لا نحب العيش في منزل شخص آخر ومع عائلات أخرى، ولا نحب أن نكون عبءاً على أحد. وإذا حل السلام سأعود فوراً إلى ميانمار".
قبل التدفق الأخير، كانت المفوضية تساعد 33,000 لاجئ من الروهينغا في مخيمين رسميين في بنغلاديش. بالإضافة إلى ذلك، كان من القدر أن يكون هناك مئات الآلاف من الروهينغا الذين لا يحملون وثائق ويعيشون في مواقع عشوائية وقرى مضيفة.
وصرّح ممثل المفوضية في بنغلاديش، شينجي كوبو قائلاً: "مع هؤلاء الواصلين الجدد، هناك حاجة ملحة إلى تسجيل وتوثيق جميع الروهينغا في بنغلاديش، بغض النظر عن مكانهم. وسيساعد ذلك الحكومة في معرفة من لا يزال على أراضيها، وسيساعد أيضاً الوكالات الإنسانية في تقديم المساعدة للذين هم بأشد الحاجة إليها، بما في ذلك المجتمعات المضيفة".