نقص التمويل يضيق الخناق على اللاجئين السوريين
يهدد نقص التمويل الذي تخطى مليار دولار لعام 2017 المساعدات الأساسية التي تقدمها المفوضية لـ60,000 عائلة ضعيفة في الأردن ولبنان.
سحاب، الأردن – تقول فاطمة، وهي لاجئة في الأردن منذ خمسة أعوام، بأنها اضطرت لمواجهة خيارات لا يجب على أي أم أن تواجهها على الإطلاق. كانت حياتها عبارة عن معركة مستمرة لتوفير سقف لعائلتها وتأمين الطعام والرعاية لابنها المريض للغاية، بعد أن انفصلت عن زوجها واضطرت لتربية أطفالها الثمانية بمفردها.
تتحدث الأم البالغة من العمر 31 عاماً والآتية من حلب قائلةً: "عندما وصلنا لم أكن قادرة على دفع الإيجار، لذا، فقد اضطررت لترك أطفالي بمفردهم والعمل في تنظيف المنازل". وبما أنها لا تزال غير قادرة على تغطية كافة نفقاتهم، قام ابناها الكبيران – اللذان يبلغان حالياً من العمر 14 و15 عاماً- ببيع الجوارب على الطرقات في محاولة لكسب المزيد من المال.
على الرغم من جهودهم، لم تتمكن فاطمة من تأمين الإيجار إلى أن تعرضوا للطرد من المنزل. لكن ما واجهوه لاحقاً كان أسوأ من ذلك إذ تم تشخيص إصابة ابنها لؤي، وعمره عامان، بسرطان المثانة الذي يتطلب علاجاً مكلفاً لا تستطيع تحمله.
بعد أن وجدت شقة أقل سعراً في مدينة سحاب الصناعية، الواقعة في الضواحي الجنوبية الشرقية للعاصمة عمان، تلقت أخيراً أخباراً جيدة خلال العام الماضي عندما أبلغتها المفوضية بأنها ستتلقى مساعدات نقدية شهرية بقيمة 155 ديناراً أردنياً (220 دولاراً).
"المساعدة النقدية هي حرفياً ما يُبقي ابني على قيد الحياة ومن دونها لا أدري كيف يمكننا الاستمرار في العيش"
غالباً ما تستخدم فاطمة هذا المبلغ لدفع تكاليف العلاج الإشعاعي لابنها، وإن كان ذلك يعني تأخرها عن دفع الإيجار وتراكم الديون عليها. وتقول: "المساعدة النقدية هي حرفياً ما يُبقي ابني على قيد الحياة ومن دونها لا أدري كيف يمكننا الاستمرار في العيش".
عائلة فاطمة هي من بين 30,000 عائلة سورية لاجئة في الأردن تتلقى حالياً المساعدات النقدية الشهرية التي يعتمد عليها ثلثها تقريباً بشكل كامل.
إلا أن نقصاً مقلقاً في التمويل لاستجابة المفوضية لسوريا، لا سيما في الأردن ولبنان، سوف يعني أن المساعدة المنقذة للحياة قد تتوقف مع نهاية يونيو، مما سيؤثر على 60,000 عائلة في البلدين.
وصرّح المتحدّث باسم المفوضية أندريه ماهيستش خلال مؤتمر صحفي في جنيف قائلاً بأن النقص الحالي في تمويل الأزمة السورية في عام 2017 تخطى المليار دولار، وأنه ثمة حاجة ملحة لتوفير 187 مليون دولار لتجنب انقطاع المساعدات النقدية وغيرها من المساعدات الأساسية في الأردن ولبنان.
وتحدث ماهيستش للصحفيين في قصر الأمم قائلاً: "على الرغم من التعهدات السخية، إلا أن الموارد تنفد سريعاً من البرامج الإنسانية التي تدعم مجتمعات اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم".
"هناك حاجة ملحة لمساهمات إضافية لتجنب حدوث انقطاع كبير وحاد ... في الخدمات"
وأضاف: "هناك حاجة ملحة لمساهمات إضافية لتجنب حدوث انقطاع كبير وحاد في الخدمات الأساسية والمنقذة للحياة عن اللاجئين السوريين في النصف الثاني من العام".
ومن بين الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدة النقدية هناك حسن، وهو والد لثمانية أطفال يبلغ من العمر 43 عاماً من ضواحي شرق حلب ويعيش كلاجئ في الأردن منذ ثلاثة أعوام، إلا أن تدهور بصره أفقده القدرة على الرؤية بشكل كامل تقريباً فأصبح عاجزاً عن العمل. وتعتمد عائلته على مبلغ الـ155 ديناراً الذي تتلقاه من المفوضية شهرياً لتغطية إيجار شقتها.
وعلى الرغم من المساعدات، لا يزال يتعين على العائلة اتخاذ قرارات صعبة للبقاء على قيد الحياة. فلا يستطيع حسن تحمل تكاليف المدرسة إلا لاثنين فقط من أبنائه، كما أن العائلة تتناول اللحم مرة في الأسبوع وتعتمد على تبرعات الجمعيات الخيرية المحلية للملابس. ومع ذلك، يقول بأن الصعوبات الحالية هي أفضل من البديل.
"في الماضي، كنت أضطر للاقتراض لدفع الإيجار وتكبدت ديوناً بقيمة 2,500 دينار. أما اليوم فأشعر بأمان أكبر لأنه أصبح بإمكاننا دفع الإيجار على الأقل. وفي حال انقطعت المساعدات النقدية، سيكون الوضع كارثياً لأنني سأضطر للتجول على الطرقات مع أطفالي والتسول".