بطل في المصارعة يلهم اللاجئين الشباب في مخيم الزعتري
كان الشاب محمد يعيش بلا هدف منذ وصوله إلى مخيم الزعتري، لكن لقاءه مع بطل المصارعة السوري أعطاه أملاً جديداً.
خلال العامين الأولين من الصراع في سوريا، بقيت حياته كما كانت. فقد كان يذهب إلى المدرسة، ويلعب كرة القدم مع إخوته وأبناء أعمامه في الحي، ويمارس السباحة في عطلات نهاية الأسبوع الدافئة في البحيرة المحاذية من قريتهم، تل شهاب، القريبة من الحدود مع الأردن.
في إحدى ليالي فبراير 2013، بدأت القذائف تتساقط. دُمِّر المنزل من حولهم، بينما احتمى محمد وعائلته في إحدى الزوايا، وحالفهم الحظ للخروج صباحًا من تحت الأنقاض، من دون أن يصاب أي منهم بأذى.
وقال محمد: "تلك كانت أسوأ ليلة في حياتنا". وبعد أيام، وصل مع والديه وأشقائه الثلاثة إلى مخيم الزعتري للاجئين في شمال الأردن. ووصف محمد اليأس الذي شعر به كطفل في الـ11 من عمره أُجبر على العيش في خيمة، وحُرِم من كل ما كان يعرفه يوماً.
وأضاف: "شعرت بأنه ما من شيء لأقوم به هنا. بدايةً، لم يكن هناك مدارس للأطفال في سني، لذا أمضيت الأشهر الستة الأولى جالساً في الخيمة، لا أفعل شيئاً. كان المكان مليئاً بالغبار، وكنا دائماً نصاب بالمرض".
في نهاية المطاف، تمكن محمد من العودة إلى المدرسة وتكوين صداقات جديدة، ولكنْ لم يكن هناك الكثير من النشاطات في المخيم لتشغله طويلاً، باستثناء بعض المباريات غير المنظمة لكرة القدم. ومع وجود مجموعات من المراهقين الضجرين الذين كانوا يتسكعون في المكان، كان هناك الكثير من المشاجرات.
شخص واحد في المخيم كان لديه خطة لتحويل هذه العدوانية لدى الشباب إلى شيء أكثر إيجابية. محمد الأكراد البالغ من العمر 34 عاماً، كان لاجئاً سورياً من مدينة درعا، وبطلاً سابقاً في المصارعة في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط.
وعندما افتتحت اليونيسف ومنظمة فيلق الرحمة مركزاً للياقة البدنية في المخيم، قصده واقترح تنظيم دورات مصارعة لتدريب الفتيان. بعد الموافقة، طلب من "محمد الصغير" الانضمام إلى الصفوف.
"أريد أن أختبر نفسي أمام أفضل المصارعين، لذا حتى لو خسرت، أستطيع أن أتعلم منهم الكثير"
وقال: "رأيت محمد يقاتل في الشارع بضع مرات، لذلك ذهبت إليه في أحد الأيام وطلبت منه أن يأتي إلى صف المصارعة".
لم يكن "محمد الصغير" يعرف شيئاً عن المصارعة، ولكنْ بعد أن انضم العديد من أصدقائه إلى الدورات، قرر أن يجربها.
علّمهم أستاذهم الجديد قواعد هذه الرياضة بالإضافة إلى قيمها: الانضباط، واحترام المنافس، والتحكم بالعدوانية. كان يبدأ كل دورة بتشجيع الأطفال على الانفتاح والتحدث عما يجول في ذهنهم- على سبيل المثال، الحرب في سوريا أو الحياة في المخيم.
ما إن بدأوا المصارعة حقيقةً، أحب محمد هذه الرياضة واكتشف أن لديه الموهبة. وفي بطولات المخيم الأربع التي نظمت حتى اليوم، فاز محمد بكل واحدة في فئة وزنه.
نجاحه زاده طموحاً، واليوم، في سن الـ 14، يحلم بالسفر إلى الخارج للمنافسة، وليصبح بطلاً إقليمياً مثل معلمه، وقال: "أريد أن أسافر إلى الخارج، وأن أصل إلى المباراة النهائية. أريد أن أختبر نفسي أمام أفضل المصارعين، لذا حتى لو خسرت، أستطيع أن أتعلم منهم الكثير".
"أريد أن أختبر نفسي أمام أفضل المصارعين"
مدربه مقتنع بأن تلميذه يملك القدرة، والأهم، التفاني لتحقيق إنجازاته. "لديه القدرة على المنافسة على الصعيد الوطني، أو حتى الدولي، طبعاً، ولكن بقاءه هنا في المخيم سيحد من تطور أدائه. هو بحاجة إلى التنافس مع مصارعين ذوي مستوى أعلى".
ويقول بأنه يكفي حالياً أن محمد وجد حلماً. "زرعت المصارعة بذور الطموح فيه. إذا كان للمرء حلم، لديه بالتالي الأمل، وهذا ما يعطي لحياته معنى هنا في المخيم. آمل أن أشاهده يوماً يشارك في مباراة مصارعة منقولة على شاشة التلفزيون، وربما حتى في الألعاب الأولمبية، ويكفيني أن أعلم آنذاك أنني لعبت دوراً صغيراً في نجاحه".