النزوح القسري يصل إلى مستويات قياسية خلال عام 2015
أشار تقرير "الاتجاهات العالمية" إلى أن 65.3 ملايين شخص نزحوا حتى نهاية عام 2015، مقارنةً بـ59.5 ملايين قبل 12 شهراً. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تجاوز عتبة الستين مليوناً.
لاجئون ومهاجرون يعبرون الحدود بين صربيا وهنغاريا.
© Hollandse Hoogte/Warren Richardson
تسبّب الصراع والاضطهاد بتصاعد الهجرة القسرية العالمية بشكل حاد في عام 2015 لتصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، الأمر الذي يمثل معاناة إنسانية هائلة، وذلك وفقاً لتقرير صدر اليوم عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
فقد أشار تقرير "الاتجاهات العالمية" الذي يصدر عن المفوضية سنوياً والذي يقيس الهجرة القسرية في كافة أنحاء العالم استناداً إلى بيانات من الحكومات والوكالات الشريكة، بما في ذلك مركز رصد النزوح الداخلي والتقارير الصادرة عن المفوضية، إلى أن 65.3 ملايين شخص نزحوا حتى نهاية عام 2015، مقارنةً بـ59.5 ملايين قبل 12 شهراً. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تجاوز عتبة الستين مليوناً.
ويشمل المجموع الـذي يبلغ 65.3 مليون 3.2 مليون شخص في الدول الصناعية كانوا حتى نهاية عام 2015 ينتظرون قراراً بشأن اللجوء (وهو أكبر مجموع سجلته المفوضية)، و21.3 ملايين لاجئ في كافة أنحاء العالم (أكثر بـ1.8 ملايين مقارنةً بعام 2014 وأعلى عدد للاجئين منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين)، و40.8 ملايين شخص أجبروا على الفرار من منازلهم لكنهم بقوا ضمن حدود بلدانهم (وهو ارتفاع قدره 2.6 مليون مقارنةً بعام 2014 وهو الأعلى على الإطلاق).
"في البحر، يخسر عدد مخيف من اللاجئين والمهاجرين حياتهم في كل عام. وفي البر، يجد الأشخاص الذين يفرون من الحرب الطرق مسدودة أمامهم بسبب الحدود المغلقة."
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي
قياساً إلى عدد سكان الأرض البالغ 7.349 ملياراً، تعني هذه الأرقام أن هناك شخصاً من أصل 113 على المستوى العالمي هو الآن إما طالب لجوء، وإما نازحاً داخلياً وإما لاجئاً. ويشكل ذلك مستوى من الخطر لم تعرفه المفوضية سابقاً. وفي الإجمال، هنالك نازحون قسراً اليوم أكثر من عدد سكان المملكة المتحدة أو فرنسا أو إيطاليا[1].
تصاعد النزوح القسري منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين على الأقل في معظم المناطق، ولكن طوال الأعوام الخمسة الماضية ارتفع معدل التصاعد لثلاثة أسباب؛ الأول هو أن الحالات التي تسبب تدفقات كبيرة للاجئين تدوم لفترة أطول (على سبيل المثال، النزاعات في الصومال أو أفغانستان هي الآن في العقدين الثالث والرابع على التوالي)، والثاني هو وقوع أحداث جديدة أو تجددها في كثير من الأحيان (أكبرها اليوم في سوريا، ولكن أيضاً في غضون الأعوام الخمسة الماضية جنوب السودان واليمن وبوروندي وأوكرانيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، وغيرها)، والثالث هو أن المعدل الذي يتم فيه إيجاد حلول للاجئين والنازحين داخلياً في اتجاه هبوطي منذ نهاية الحرب الباردة. ومنذ 10 أعوام، أي منذ نهاية عام 2005، سجلت المفوضية نزوح 6 أشخاص كل دقيقة كمعدل. واليوم، أصبح ذلك العدد 24 شخصاً في الدقيقة- أي ما يقارب ضعف الوتيرة المعتادة التي يتنفس فيها البالغون.
ويقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: "ينزح المزيد من الأشخاص بسبب الحروب والاضطهاد، وذلك أمر مثير للقلق بحد ذاته، لكن العوامل التي تشكل خطراً على اللاجئين تتضاعف كذلك. في البحر، يخسر عدد مخيف من اللاجئين والمهاجرين حياتهم في كل عام. وفي البر، يجد الأشخاص الذين يفرون من الحرب الطرق مسدودة أمامهم بسبب الحدود المغلقة. وتتجه السياسة نحو معارضة اللجوء في بعض البلدان. إن استعداد الدول للعمل معاً ليس لصالح اللاجئين فحسب وإنما لمصلحة البشرية جمعاء هو ما يجري اختباره اليوم، ويجب أن تسود روح الوحدة هذه".
ثلاث دول تنتج نصف عدد اللاجئين في العالم...
ومن بين الدول التي شملها تقرير الاتجاهات العالمية تبرز كل من: سوريا التي أفرزت 4.9 ملايين، وأفغانستان 2.7 مليون والصومال 1.1 مليون شخص، وهي تستأثر مجتمعة بأكثر من نصف اللاجئين تحت ولاية المفوضية في العالم. وقد سجلت كل من كولومبيا 6.9 ملايين نازح داخلياً، وسوريا 6.6 ملايين، والعراق 4.4 ملايين، كالدول التي تضم أكبر عدد من النازحين داخلياً. وشكلت اليمن أكبر منتج للنازحين داخلياً الجدد في عام 2015 بـ 2.5 ملايين شخص، أو 9% من عدد سكانها.
... وهم في الغالب في جنوب الكرة الأرضية
استأثر صراع أوروبا من أجل إدارة أكثر من مليون لاجئ ومهاجر وصلوا عبر البحر الأبيض المتوسط بالاهتمام في عام 2015، وعلى الرغم من ذلك، يبين التقرير أن الغالبية العظمى من اللاجئين في العالم كانت في مكان آخر. ففي الإجمال، كان 86% من اللاجئين ممن هم تحت ولاية المفوضية في عام 2015 في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل القريبة من مناطق الصراع. ويرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 90% من مجموع اللاجئين في العالم إذا تم شمل اللاجئين الفلسطينيين الذين تتولى مسؤوليتهم منظمة الأونروا الشقيقة. وعلى الصعيد العالمي، كانت تركيا أكبر دولة مضيفة حيث تستضيف 2.5 ملايين لاجئ. كما استضاف لبنان، في الوقت نفسه أعداداً من اللاجئين أكثر من أي دولة أُخرى مقارنة بعدد سكانه (183 لاجئاً لكل 1000 نسمة). ونسبةً إلى حجم اقتصادها، استضافت جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر عدد من اللاجئين (471 لاجئاً مقابل كل دولار من الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد، بالقياس بسعر التعادل الشرائي).
طلبات اللجوء في ارتفاع
وبين الدول الصناعية، كان عام 2015 كذلك عاماً سجل فيه عدد طلبات اللجوء الجديدة ارتفاعاً قياسياً، حيث وصل إلى مليوني طلب (ما أفضى إلى 3.2 مليون حالة لا تزال معلقة في نهاية العام). تلقت ألمانيا طلبات لجوء أكثر من أي دولة في العالم (441,900)، ما يعكس إلى حد كبير استعدادها لاستقبال الأشخاص الذي يفرون إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط. وتأتي الولايات المتحدة ثانيةً في أعلى عدد لطلبات اللجوء (172,700)، وكثير من هؤلاء الأشخاص يفرون من عنف العصابات في أميركا الوسطى. وتلقت طلبات لجوء كثيرة أيضاً كلٌّ من السويد (156,000) وروسيا (152,500).
حوالي نصف اللاجئين في العالم من الأطفال
شكَّل الأطفال 51 في المئة من اللاجئين في العالم في عام 2015 وفقاً للبيانات التي تمكنت المفوضية من جمعها (لم تكن البيانات الديمغرافية الكاملة متوفرة لمعدي التقرير). ومما يبعث على القلق هو أن الكثيرين منهم فُصلوا عن ذويهم أو يسافرون بمفردهم. في الإجمال، كان هنالك 98,400 طلب لجوء من أطفال غير مصحوبين أو مفصولين عن أسرهم. ويعتبر ذلك أعلى مجموع تشهده المفوضية وانعكاس مأسوي لتأثير الهجرة القسرية العالمية غير المتناسب على حياة الصغار.
غير قادرين على العودة إلى ديارهم
في حين كانت مجاميع النزوح العالمية أعلى من أي وقت مضى، كان عدد الأشخاص القادرين على العودة إلى ديارهم أو إيجاد حل آخر (الاندماج المحلي في بلد اللجوء الأوَّل أو إعادة التوطين في مكان آخر) منخفضاً. تمكَّن 201,400 لاجئ من العودة إلى بلدانهم الأصلية في عام 2015 (أفغانستان والسودان والصومال بشكل خاص). كان ذلك أعلى من المجموع في عام 2014 (126,800)، لكنه ما زال منخفضاً مقارنةً بالأعداد المرتفعة في بداية تسعينيات القرن العشرين. أقرت 30 دولة إعادة توطين حوالي 107,100 لاجئ في عام 2015- يمثلون 0.66% فقط من اللاجئين تحت رعاية المفوضية (وذلك مقارنة بعام 2014 حيث أقرت 26 دولة إعادة توطين 105,200 لاجئ يمثلون 0.73 في المئة من جموع اللاجئين تحت رعاية المفوضية). وأصبح 32,000 لاجئ على الأقل مجنسين على مدار العام، أغلبيتهم في كندا، مع أعداد أقل في فرنسا وبلجيكا والنمسا وغيرها.
حالة النزوح في عام 2015، حسب المناطق (من الأعلى إلى الأدنى)[1]:
- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
بقيت الحرب في سوريا السبب الرئيسي للنزوح وللمعاناة المرتبطة به. وبحلول نهاية عام 2015، دفعت على الأقل 4.9 ملايين شخص خارج أوطانهم كلاجئين وأجبرت 6.6 ملايين على النزوح داخلياً- ما يساوي حوالي نصف سكان سوريا قبل الحرب. وأدى النزاع في العراق بحلول نهاية العام إلى نزوح 4.4 ملايين شخص داخلياً وولّد ما يقرب من ربع مليون لاجئ. وأسفرت الحرب الأهلية في اليمن، التي بدأت في عام 2015، حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول عن نزوح 2.5 مليون شخص- أي عدداً أكبر من النازحين الجدد من أي صراع في العالم. وتبقى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تشمل 5.2 مليون لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا، وما يقرب من نصف مليون ليبي أجبروا على الفرار من منازلهم وظلوا داخل بلدهم، إضافةً إلى عدد من الحالات الأصغر حجماً، مصدراً للنزوح أكبر من أي منطقة أُخرى (19.9 مليون).
- إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
سجلت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكبر نسبة نزوح في عام 2015 بعد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فاستمرار الصراع المرير في جنوب السودان في عام 2015، وكذلك في جمهورية إفريقيا الوسطى والصومال، والنزوح الجماعي الجديد أو المستمر في الدول أو منها، بما في ذلك نيجيريا وبوروندي والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزامبيق وغيرها، أنتجا معاً 18.4 مليون لاجئ ونازح داخلياً حتى نهاية العام. واستضافت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في الوقت نفسه حوالي 4.4 ملايين لاجئ في المجموع- وهو أكثر من أي منطقة أُخرى. ومن بين الدول العشر التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين كان هنالك خمس دول إفريقية، تأتي إثيوبيا في طليعتها، تليها كينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد.
- آسيا والمحيط الهادئ
تم تسجيل حوالي شخص واحد من أصل ستة من اللاجئين والنازحين داخلياً في العالم من منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2015، مما يجعلها ثالث أكبر منطقة تشهد حالات نزوح بشكل عام. وهناك شخص من أصل ستة من اللاجئين تحت ولاية المفوضية من أفغانستان (2.7 ملايين شخص) حيث نزح داخلياً ما يقرب من 1.2 مليون شخص. كانت ميانمار ثاني أكبر منتج في المنطقة للاجئين والنازحين داخلياً على السواء (451,800 و451,000 على التوالي). وتظل باكستان (1.5 مليون) وجمهورية إيران الإسلامية (979,000) من بين الدول الرائدة في العالم في استضافة اللاجئين.
- الأميركيتان
ساهم ارتفاع أعداد الفارين من العصابات وأعمال العنف الأُخرى في أميركا الوسطى إلى زيادة النزوح بنسبة 17 في المئة في المنطقة ككل. ووصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء من السلفادور وغواتيمالا وهندوراس معاً إلى 109,800 شخص معظمهم وصلوا إلى المكسيك والولايات المتحدة ويمثلون زيادة بنسبة تفوق الخمسة أضعاف خلال ثلاثة أعوام. وظلت كولومبيا، الحالة التي طال أمدها، الدولة التي تضم أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم (6.9 ملايين).
- أوروبا
سيطر الوضع في أوكرانيا، وقرب أوروبا من سوريا والعراق، إضافةً إلى وصول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عن طريق البحر الأبيض المتوسط ومعظمهم من الدول العشر الأكثر إفرازاً للاجئين في العالم، على صورة النزوح في المنطقة في عام 2015. وأنتجت الدول الأوروبية معاً حوالي 593,000 لاجئ- أكثرهم من أوكرانيا؛ واستضافت 4.4 ملايين- 2.5 ملايين من هؤلاء في تركيا. وتشير الأرقام التي قدمتها حكومة أوكرانيا إلى نزوح 1.6 ملايين أوكرانياً. وبحسب تقرير الاتجاهات العالمية هنالك 441,900 طلب لجوء في ألمانيا، حيث ارتفع عدد اللاجئين بنسبة 46 في المئة عن مستواه في عام 2014 إلى 316,000 لاجئ.
****
معلومات إضافية:
يتم نشر تقرير الاتجاهات العالمية بمناسبة يوم اللاجئ العالمي الذي يصادف 20 يونيو. وتتوفر حزمة كاملة متعددة الوسائط خاصة بهذا التقرير، بما في ذلك رسوم بيانية وصور ومواد فيديو وقائمة المسؤولين الإعلاميين في المفوضية وغيرها على الرابط التالي: http://www.unhcr.org/5748413a2d9
[1] المصدر: http://esa.un.org/unpd/wpp/publications/files/key_findings_wpp_2015.pdf